في ذكرى ميلاد أسمهان.. أميرة جبل الدروز ما بين الفن والملكية والمخابرات

اللي ما يعرفوش أسمهان كويس ممكن يستغربوا إنها عاشت 27 سنة بس، وفي الصور القليلة اللي نعرفها لأسمهان، وبالرغم من المصورين الموهوبين، بتظهر أكبر من سنها. الستات في الوقت ده كانوا بينضجوا أسرع، لكن حياتها الشخصية والمهنية الثرية، وكمان الغموض اللي حاوط سنين حياتها القليلة واللي جزء كبير منه لسه ماحدش استكشفه، أكيد ضافوا سنين كتير على حياتها القصيرة.

الغموض في حياة أسمهان عُرضة للتفسير بطرق مختلفة، حادثة موتها المشهورة لما عربيتها وقعت في ترعة طلخا على طريق راس البر، وكانت النتيجة موتها هي وصديقتها ماري قيلادة، فضلت واحدة من أكتر الحوادث الغامضة في الحياة الفنية في مصر، وتم اتهام ناس كتير باغتيالها، منهم المخابرات الإنجليزية وأخر واحد من أزواجها، وأم كلثوم.

المخابرات البريطانية متهمة باغتيالها بعد ما اكتشفت علاقتها بالشرطة السرية الألمانية، وبعد ما احتكت بالفرنسيين ولعبت دور عميل مزدوج بين المخابرات الفرنسية والمخابرات البريطانية. وأخر أزواجها أحمد سالم، اللي اتجوز أربعة بعدها هما؛ خيرة بكري وتحية كاريوكا ومديحة يسري وأمينة البارودي، فضلت علاقته بيها متذبذبة ما بين الحب الاستغلالي والهوسي. والخناقات ما بينهم وصلت في مرة إنه ضربها بالرصاص وماقدرش يصيبها وهدد بالانتحار. أما أم كلثوم فالاشاعات كانت بتقول إنها كانت خايفة إن شهرة أسمهان اللي كانت بتكبر بسرعة كبيرة جدًا ممكن تغطي على نجوميتها.

في أخبار بتقول إن أسمهان توقعت موتها في نفس المكان اللي ماتت فيه، لما عدت على ترعة طلخا في راس البر وسمعت صوت محركات الري البخارية واتخضت وقالت إنها حست إن دي دفوف جنازة، وإنها كل ما تسمع الصوت ده بتحس إن الموت قريب منها. وناس قالت إن واحدة بتقرى الكف قالتلها في مرة إنها اتولدت في الميا وهتموت في الميا، وده لإنها اتولدت على سفينة نقل بضايع جاية من تركيا لسوريا، بعد ما اهلها هربوا من الحكومة التركية لسوريا. والأخبار دي بتدعي إن أسمهان كانت عارفة هتموت إزاي، وده لو كان دليل على حاجة فهو دليل إن حياة أسمهان كانت ثرية بالأحداث لدرجة تشجع الخيال الخصب على نسج أساطير وحكايات كتير عنها.

الحقيقة إن أسمهان عاشت أحداث أكتر من حياة الشخص الـ average في سنين حياتها القليلة، بداية من المزيكا والسينما للإمارة والحكم في جبل الدروز والعلاقات بالمخابرات والشرطة السرية وعلاقاتها العاطفية وجوزاتها، اللي ماكانتش مقتصرة على أزواجها التلاتة بس. في أخبار بتقول إنها اتجوزة فايد أحمد فايد لمدة عشر أيام بس علشان تاخد فيزا ترجعها مصر. وفي كتاب “أسرار أسمهان” بتحكي الباحثة العربية من أصل أمريكي، شريفة زهور، إن أسمهان اتجوزت ابن عمها الأمير حسن الأطرش مرتين، وده ضد عادات أهلها في جبل الدروز، وإنها اتنقلت من الغنا الفاحش للفقر الشديد، ومن الفقر الشديد للغنا الفاحش أكتر من مرة.

عن: pinimg

كتير من الناس اللي كتبوا عن قصة حياة أسمهان قالوا إن السبب في علاقاتها مع المخابرات البريطانية والفرنسية والألمانية كان إحتياجها للفلوس، واللي كانت بتصرفها بتهور شديد خلى كل اللي حواليها مستغربين. إدوارد سبيرز المندوب السامي البريطاني في لبنان، وواحد من معجبينها، قال: لما البريطانيين ماكانوش بيدوها فلوس كان الفرنسيين بيدوها، وطلبت مني أنا والمندوب السامي الفرنسي في سوريا ولبنان جورج كاتو، فلوس كتير، بس بعد ما اتناقشنا في الموضوع، قررنا نرفض”.

ووضحت شريفة زهور إن أسمهان كانت بتستخدم الفلوس علشان تأثر في حاشيتها والناس اللي حواليها، يعني كانت بتصرف عليهم معظم الوقت. وأخوها غير الشقيق منير الأطرش وضح إنها كانت بتصرف كتير جدًا خلال شهر رمضان على الموسيقيين والمطربين والفقراء.

وحكى منير الأطرش إن أخته راحت حفلة في يوم الباستيل سنة 1943 او 1944 واللي كان بيقيمها جورج كاتو، لبست فيها وشاح على الستايل المصري كانت قيمته المادية كبيرة جدًا، ووزعت في الحفلة على كل جندي 100 ليرة، وكانت الليرة وقتها ليها قيمة مساوية للدهب، ولما خرجت وشاحها من الشنطة، المفوض السامي جورج كاتو لاحظ إن معاها مسدس، فسألها: “أنتي جايبة مسدس في الحفلة بتاعتي يا أميرة”. فردت عليه: “أنا مش بخاف من حد غير الرجالة اللي زيك”.

تهور أسمهان في التعامل مع الفلوس وصل جوزها الأمير حسن الأطرش، اللي بقى وقتها وزير الحربية، للإفلاس. ماكانتش بتقدر تقعد في مكان واحد وقت طويل وطلبت من حسن الأطرش يبني لها قصر تاني غير اللي بناه لها في السويداء، في سوريا، واللي ماقعدتش فيه أكتر من كام شهر. وفي وقت من الأوقات كانت بتقيم في جناح خاص في فندق الملك ديفيد ورفضت تسيب الجناح للملكة نازلي، أم الملك فاروق، رغم إنها في الوقت ده كانت محتاجة الفلوس جدًا. وبعض الأخبار بتقول إن نازلي وأسمهان اتخانقوا علشان حسانين باشا، كان مفتون بأسمهان، واللي الاشاعات كانت بتقول إنه عشيق الملكة نازلي واللي سبب إحراج كبير للعيلة المالكة في مصر.

خرجت في مرة من مصر لسوريا من غير ما تقول لأي حد علشان تنقل رسالة من المخابرات البريطانية لأهلها في جبل الدروز، واللي الأخبار بتقول إنها أول مهمة دخلتها عالم الجاسوسية. ورغم إن أهلها شافوا إن دي حركة وطنية، إلا إن البعض بيقول إنها أخدت 4000 جنية مكافأة على المهمة دي. لكن الحقيقة إنها كان ممكن تعمل فلوس أكتر من الغناء والتمثيل لو فضلت في مصر، وإنها لما رجعت مصر بعدها طلبت 13 ألف جنية مقابل دور البطولة في فيلم. أسمهان ماكانتش بترضى باللي عندها من فلوس وشهرة وبالتالي كانت بتعمل حاجات مش محسوبة ومتهورة.

من الواضح إن أسمهان كانت بتعاني من القلق المستمر Continuous anxiety وده ظهر في مودها المتقلب طول الوقت وعدم رضاها على حياتها بغض النظر عن اللي كانت بتملكه. فهي ماكانتش راضية عن كل الثروة اللي امتلكتها وخسرتها ورجعت امتلكتها تاني في انقلابات كتير عصفت بحياتها القصيرة. كانت وهي في سوريا عايزة ترجع مصر أو تروح لبنان، وهي في مصر أو لبنان عايزة تروح القدس، ولما كانت بتزهق من كل الأماكن دي كانت بتنعزل وبتظهر مود عدواني وسلبي اتجاه كل الناس.

ماكانتش حاسة بالإكتفاء بإن مسيرتها الفنية وصلتها إنها تتوصف بالمغنية الوحيدة اللي بقت مساوية لأم كلثوم رغم سنها الصغير، أو إنها أكتر ممثلة بيدفعلها فلوس في السينما المصرية most paid actress في وقت كانت بتاخد فيه 20 ألف جنيه في الدور.

والقلق ده وصل لحياتها العاطفية وخلاها مش قادرة تستقر في علاقة حب أو جواز، وتتجوز وتطلق وتحس بسعادة قصيرة وترجع لقلق واكتئاب، والقلق ده غالبًا هو اللي خلاها حطت نفسها في مواقف صعبة جدًا بسبب علاقاتها مع المخابرات الفرنسية والبريطانية والألمانية والتركية، وخلاها أشتغلت عميلة مزدوجة في أوقات كتير، عرضتها لمحاولات اغتيال من الشرطة السرية بتاعت كذا دولة.

رغم كده، بيفضل المفوض السامي الفرنسي جورج كاتو بيكنلها كل حب وبتقول شريفة زهور إن في شك كبير إنها كانت على علاقة بيه حتى وهي متجوزة الأمير حسن الأطرش، لإن دي الحاجة الوحيدة اللي بتفسر كل الأسرار الشخصية اللي كتبها عنها في مذكراته اللي وصفها فيها بإنها قطة برية wild cat.

واحنا بنسمع أغاني أسمهان الخلابة النهاردة، ممكن نفتكر تفاصيل حياتها المتهورة والثرية دي ونربط ما بين الصوت الملائكي والكلمات الرنانة والموسيقى الجميلة اللي بنسمعها وما بين المطربة اللي عاشت تفاصيل الحياة دي، ووقتها ممكن نفهم نوع الأحساس اللي طالع من أسمهان وهي بتغني.

آخر كلمة: رغم إن أسمهان عاشت حياة قصيرة إلا إن حياتها كانت أثرى بكتير من حياة أي ست عربية تانية

تعليقات
Loading...