الهروب والغربة.. قصص من لاجئين الدول الأفريقية في مصر

ملايين الناس في العالم يوميًا يتخذون قرار ترك أوطانهم.. أما اللاجئين فهم مجبرين على اتخاذ قرار الرحيل وهم في قرارة أنفسهم يعلمون أنه لن تكون هناك فرصة للعودة لأوطانهم مرة أخرى، وعلى علم باحتمالية عدم وصولهم إلى البلد المتوجهين إليها.

قرار الرحيل عن الوطن بالنسبة للشخص العادي من الممك أن يكون بدافع البحث عن وظيفة أو عمل، أما دوافع اللاجئين فـهي البحث عن أدنى حقوق الإنسان من أمان وحياة آدمية للعيش بها مطمئنين بعيدًا عن أوطانهم التي تكون حياتهم معرضة للخطر بها.

20 من يونيو في كل عام هو اليوم العالمي للاجئين، وبالرغم من أن الإعلام يركز بشكل كبير على أزمة اللاجئين السوريين، إلا إن طالبي اللجوء من دول كثيرة، وأفريقيا لها نصيبها الكافي من المآسي لتكون مصدر للاجئين، وحاليًا يوجد آلاف من لاجئين الدول الأفريقية في مصر.

الرحيل من إريتريا: من القمع إلى المجهول

لاجئين أفريقيا في مصر
عن: amazonaws

إريتريا هي دولة صغيرة على ساحل البحر الأحمر، وهي ثالث أكبر دولة أفريقية يخرج منها لاجئين لمصر بعد السودان وجنوب السودان، بواقع أكثر من 20 ألف من مواطنيها لاجئين في مصر حاليًا.

وصل عزيز (اسم مستعار) 28 سنة، لمصر في 2017 هربًا من مستقبل مظلم كان منتظره في بلده الأم إريتريا، ويتحدث بخليط من عربية شبه جيدة وبعض الإنجليزية، يقول: “في بلادنا بعد ما تخلص الثانوية العامة بيتم استدعاءك للجيش، ولو مش معاك واسطة أو فلوس بيخلوك تخدم في الجيش فترة لانهائية؛ تقضيها ما بين حروب داخلية أو في بلاد تانية، ولو مامتش في الحرب الجيش يشغلك بالسخرة لحد سن الـ 40.”

وبيضيف عزيز: “الشباب مالوش عيشة في بلادنا، بعد ما خلصت الثانوية دفعت 700 دولار للمهرب السوداني علشان يعديني من الحدود. 8 ساعات ماشيين في ظلمة الليل وسط الغابات والأراضي البرية مش شايفين حاجة، بهدلة وإهانة، بس هتعمل إيه؟ كل اللي في دماغك إنك تهرب قبل ما جندي يشوفك وترجع على مراكز الاعتقال”.

بيوضح عزيز: “قضيت سنتين في السودان بشتغل حاجة هنا وحاجة هناك لحد ما بقى معايا 500 دولار دفعتهم لمهربين مصريين وسودانيين علشان يعدوني من الحدود لأسوان، بس المرة دي كان عبور الحدود صعب جدًا وقضينا يومين ما بين مشي وعربيات.” ويضيف: “من أسوان خدنا القطار للقاهرة، وهنا قابلت أصدقائي ومعارفي من إريتريا وساعدوني أعمل أوراق اللجوء، ومن وقتها وأنا مستني الأمم المتحدة ترد عليا علشان أعرف امتى هروح أوروبا.”

الفرار من ماكينة الحرب في السودان

من 1983 وحتى وقت قريب كانت الحرب الأهلية بين شمال وجنوب السودان على أشدها، وفي غضون سنوات الحرب عانى مواطنين كتير من العنف والإساءة والاستغلال، مما دفع آلاف منهم للهرب خارج السودان.

توجهت ناحية إيزايه، 19 سنة، في منطقة دجلة بالمعادي، وسألته -باللغة الإنجليزية- إذا كان يمكنه الحديث عن تجربته كلاجئ في مصر، فرد بالإنجليزية وطلب مني أساله، لكن بالصدفة تلقى مكالمة هاتفية وسمعته يرد عليها بلهجة مصرية قهراوية لا تشوبها شائبة، فضحكنا وقررنا استكمال المقابلة بالعامية.

يقول إيزايه “أنا اتولدت هنا في مصر، بعد ما أهلي هربوا من جنوب السودان سنة 2000 بسبب الحرب” وبيوضح: “أبويا وأمي عاشوا الحرب في السودان لحد ما هربوا في طيارة ووصلوا القاهرة”. وعن بعض المشاكل التي بتواجه إيزايه كابن لعائلة من لاجئين الدول الأفريقية في مصر يقول: “يعني أحيانًا تلاقي الناس تقول كلام في الشارع وكده، بس مؤخرًا اتبطوا يعني.”

ويضيف إيزايه: “والدي توفى في 2005 ومن وقتها الأحوال المادية بقت صعبة، ووالدتي الحاجة مش بتشتغل، أخواتي في أوغندا بيشتغلوا، وأنا سبت المدرسة بعد ما كملت 14 سنة علشان أشتغل وأساعد أهلي.”

أبناء اللاجئين في مصر: غربة الروح والجسد

لكي نفهم أكثر عن تجارب أطفال اللاجئين في مصر تواصلنا مع نصار (اسم مستعار) ويعمل في مشروع مع الأمم المتحدة لمساعدة أطفال لاجئين الدول الأفريقية، ورفض نصار الكشف عن شخصه بسبب حساسية موقع عمله.

يقول نصار: “بشتغل مع أطفال اللاجئين من سن 18 وأقل. من أكتر المشاكل اللي بتواجه اللاجئين عمومًا في مصر هي حاجز اللغة، لإن معظمهم مش بيفهم اللغة العربية واللهجة المصري، ومعظم الأطفال دول بيدخلوا مصر عن طريق مهربين البشر وبيتعرضوا في الطريق لإساءات جنسية وعنف.”

ويضيف نصار: “الفلوس مشكلة كبيرة بالنسبة لهم، واللاجئ المحظوظ بيدخله في الشهر 2300 جنيه من منظمات مختلفة، أما غير المحظوظ فدخله مش أكتر من 900 جنيه.” ويوضح “الضغوطات المادية بتستهلكهم، فـبنحاول نساعدهم بإننا ننصحهم ازاي يستخدموا الفلوس دي علشان تكفي احتياجاتهم الأساسية، وبنفهمهم يشتروا إيه ويتجنبوا إيه ويشتروا حاجتهم منين.”

وعن الوضع النفسي للاجئين يقول نصار: “من أهم المشاكل اللي بتواجههم هي الغربة وعدم وجود أهل، وبالتالي مش بيكون عندهم شبكة دعم نفسي تساعدهم، وده اللي بنحاول نحله من خلال توجيههم لمؤسسات دعم نفسي أو ننصحهم بوجود مجموعة أصدقاء قريبة يتكلموا معاها، وده مهم جدًا للأطفال بالذات لإنهم الأكتر عرضة لخطر الإنتكاسات النفسية.”

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: ترحيل السلطات المصرية لـ 8 لاجئين إريتريين لبلادهم اللي بتنتهك حقوق الإنسان وتجبرهم على العمل بالسخرة

تعليقات
Loading...