غضب على السوشيال ميديا بسبب قطعة النحو في امتحان ثانوية عامة للغة العربية
امتحن طلاب تالتة ثانوي مادة اللغة العربية يوم 7 يوليو 2021. بعد الامتحان كانت ردود فعل معظم الطلاب ما بين الانهيار والعياط بسبب صعوبة الامتحان اللي ماكانوش متوقعينها خالص.
ردود الفعل على السوشيال ميديا جات ما بين الغضب والعصبية نتيجة محتوى قطعة النحو اللي جات في الامتحان. والسبب هو المحتوى المغالط الغرقان في الذكورية المسمومة وتعظيم ديكتاتورية السلطة الأبوية.
القطعة جات بمحتوى مليان ذكورية مسمومة وبيدعم آليات السلطة الأبوية اللي بنحاول في الفترة الأخيرة نضعفها ونحل محلها المساواة ما بين الجنسين.
أول كلمة في القطعة “كان بيتنا محكومًا بالسلطة الأبوية” وبتكمل القطعة في مديح متواصل للسلطة الأبوية دي زيّ ما تكون مادمرتش مجتمعات وخلقت مجتمعات تانية جانبية وتحتية مهمشة، بنحاول نتحايل على الواقع علشان نخلق لها بيئات صحية تقدر تعيش فيها. وكملت القطعة بمديح ضرب الأبناء “لا يغيب الأولاد بعد الغروب خوفًا من ضربه”. بدل ما نشجع الديمقراطية ونشجع الأباء والأبناء على التواصل من خلال المناقشات الهادفة وفهم الأخر، لأ نشجع الأباء على ضرب أبنائهم ونتوقع من الأبناء يحبوا ويخضعوا لسلطة الشخص اللي بيسيء ليهم جسديًا ونفسيًا زيّ ما بنكون بندربهم على قبول الإساءة والاستغلال ونرجع نسأل نفسنا بعد كده ليه البنات مش بتبلغ عن المغتصبين والمتحرشين. ماهو علشان احنا عمالين نعلمهم يحبوا ويحترموا مستغليهم.
المديح المطلق للنظم الديكتاتورية في القطعة مرعبة. بداية القطعة بتوصف شخصية الذكورية الهشة في صورة أب متسلط، وحتى القطعة مش بتحاول تتحايل على الصوابية السياسية، لأ دي بكل صراحة بتقول إن الشخصية الذكورية الهشة دي كانت مطلقة السلطة وفي نفس الوقت بتحاول تقنعنا-أنا وأنت والطلبة- إن السلطة دي كانت طيبة وجميلة وعايزة الخير لينا، وبتتغافل بشكل مطلق عن النتائج البشعة اللي خرجت من داخل السلطة دي زيّ الذكورة المسمومة واحتقار المرأة وتعنيف الأبناء.
وبتحاول ترسم صورة وهمية لديكتاتور طيب بيخاف على أبنائه. مانقدرش ننكر إن الأباء الديكتاتوريين بيخافوا على أولادهم، بس نظم التربية القاصرة المتمثلة في الشخصية الديكتاتورية اللي القطعة بترسمها بتخلق مشاكل نفسية عند الأبناء وبتخلق اكتئاب ومشاكل قبول الحياة عند الأمهات وبتولد ضغط على كل الأطراف منها الأب اللي بيحس إن كامل المسئولية عليه -حتى لو السلطة المطلقة فرحته شوية بسبب قصور في السلام الداخلي عنده كإنسان- لكن الإحساس بالمسئولية المطلقة هيفضل يطلع أكبر مخاوف الإنسان ولما تختلط المسئولية المطلقة مع السلطة المطلقة على أهل بيته هيتحول لديكتاتور. والدليل على كده لما كاتب القطعة بيقول “يعيش في شبه عزلة في دوره العالي، يأكل وحده ويتعبد وحده”، كاتب القطعة ماسألش ليه الشخص الأيقوني اللي بيقدسه وشايفه الأب المثالي كان دايمًا منعزل عن أبنائه؟ ده حتى بيقول إن الكلام والهزار والحميمية الأسرية كان الأولاد بيمارسوها مع أمهم بس. فين دور الأب في التواصل مع أبنائه؟ فين إنهم يحبوه ويحكوا له عن مشاكلهم؟ فين النقاش الهادي الهادف ما بين الأب وأبنائه؟ وحده راجل قاسي وماعندوش إحساس بالأبوة من الأصل اللي يعزل نفسه عن أبنائه ويسيب كل مسئولية الحميمية الأسرية مع الأولاد للأم تشيلها لوحدها. فين دورك التربوي كأب لما تحصر نفسك في دور البنك وماتتواصلش مع أبنائك بالمرة؟
صورة الأب المطلق اللي القطعة بتحاول ترسمها هي صورة قبيحة أصلًا ولو كان الكاتب بيحاول يجملها من منطلق هو مؤمن بيه فمن السهل هدم جماليتها بكل بساطة من خلال تعريضها لوقائع الأسرة المصرية النهارده، أو حتى مقارنتها ببعض قضايا محاكم الأسرة.
كاتب القطعة لسه عايش في نوستالجيا طفولية ومتمسك بتركيبة معينة للأسرة أكل عليها الزمن وشرب. كان ممكن تنجوا الأسرة بالشكل ده من 1500 سنة، لما كنا لسه بنرعي الغنم في الصحرا والراجل كان مسيطر على الشكل الإجتماعي بسبب قوته البدنية وقدرته على إنه يخرج ويسافر ويواجه أخطار ورعب الحياة في الجاهلية، إنما احنا النهارده عايشين في مجتمع رأسمالي محكوم بقانون رسمي وأخر اجتماعي وفيه كل الأفراد متساويين طالما قادرين على الإدراك والعمل والإنتاج، قوتك البدنية كراجل ماعادش ليها أي قيمة حقيقية في مكانتك الاجتماعية النهارده وبالتالي لو ماكنتش إنسان قادر على التواصل والمنح في مقابل الأخذ فكونك راجل لوحده هيفضل صفر على الشمال.
قطعة النحو في امتحان اللغة العربية بتقول للبنات “انجري على المطبخ”
شوفنا جملة في القطعة بتقول حاجة فيما معناه إن “الأم كانت بتطبخ وبتنضف البيت من غير خدامة غير بنتها الكبيرة”، والقطعة وقفت هنا وماضافتش أي حاجة لدور الأم والبنات، زيّ ما يكون الستات خدامين البيوت، مالهمش أي غاية تانية من الوجود، “يلا يا بنت منك ليها خلصي امتحان العربي وانجري علي المطبخ، بلا قلة أدب”. هل القطعة كانت عايزة تقول كده؟ طيب لما البنات تنجر على المطبخ وسوق العمل يخسر نص قوته البشرية، تقدمنا الحضاري هيوصل لإيه؟ لما مخترعة ولا أديبة مصرية حاصلة على نوبل مصرية في المستقبل تقرا القطعة دي هتحس بإيه؟
القطعة نسيت إن ستات البيوت مش بس بتطبخ، دي بتنضف البيت وبتجيب الخضار من السوق وبتربي الولاد وبتسمع لمشاكلهم وبتعمل الدور الأكبر في قيام الأسرة وحركتها ونجاتها. الأب المذكور في القطعة دي مجرد شخص بيدخل فلوس، وحتى أولاده مش هيحبوه، مهما حاول كاتب القطعة إنه يقنعنا بالعكس، الواقع بيقول إن الأباء المنعزلين القساة دول مش محبوبين، لإني كإبن مش هنجم عن مشاعر الأب، ولو هو مابينش حبه ليا في صورة حميمية، هتوقع إن العكس هو اللي موجود.
واحنا بنتسائل ازاي قطعة زيّ دي جات في امتحان ثانوية عامة! قطعة تتخلف عن ركب الحضارة 1000 سنة على الأقل. واحنا المفروض ندرب الأبناء على إنهم يكونوا منتجين وقادرين على النقض والبحث والتفنيد والخلق والإبتكار، بس القطعة دي بتدرب أبناءنا على الإنغلاق والغرق في مستنقع التخلف واضطهاد النساء وتعظيم قيمة الديكتاتور في حياتهم.