سلبي وإيجابي: تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية
لو هنتكلم عن تأثير السوشيال ميديا بشكل عام، محتاجين سلسلة مقالات، لإنها غيّرت تقريبًا كل حاجة، لكن احنا هنتكلم بالتحديد عن تأثيرها على الصحة النفسية، لإننا المفروض نهتم بالصحة النفسية مش بس لينا، لكن للي حوالينا كمان. ولإن السوشيال ميديا أكتر حاجة بنتعرض لها طول اليوم، أكيد المعلومات والمشاعر اللي بنتعرض لها من خلالها بتأثر بشكل مباشر علينا وعلى شخصياتنا، لكن التأثير ده بيكون ازاي؟
علشان نعرف تفاصيل ونصائح بطريقة علمية، اتكلمنا مع الدكتور أحمد توفيق، اختصاصي الصحة النفسية.
تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية
في رأي الدكتور أحمد توفيق، التأثير المباشر على السوشيال ميديا بيظهر من أول الأشعة اللي بنتعرض لها، خصوصًا قبل النوم، الضوء ده هيخلي المخ مش بيفرز مادة “الميلاتونين” اللي بتحفز الجسم على النوم، فالجسم ماينامش عدد الساعات الكافية بجودة كويسة، فده بيأثر على الجهاز العصبي، وبالتالي تصرفات الإنسان بتكون واقعة تحت توتر وقلق. ومن هنا ممكن ننصح بعدم استخدام الموبايل قبل النوم بساعتين مثلًا، علشان ندي فرصة للمخ يفرز مادة “الميلاتونين” بشكل طبيعي، ونتفادى الدايرة اللي الجسم بيدخل فيها نتيجة تأثير السوشيال ميديا.
المقارنات
من الحاجات المهمة اللي حابين نطرحها في موضوعنا النهارده، لإننا بنشوفها مؤثرة جدًا في غالبية الناس، هي “المقارنات”.
بمعنى أصح، أنت دلوقتي قاعد في مكان ما، السوشيال ميديا ممكن تخليك تقارن بينك وبين واحد عايش على بعد آلاف الأميال منك، مع إن حياتك غير حياته وشخصيتك غير شخصيته وكل حاجة بينكم مختلفة، لكن غصب عنك هتلاقي نفسك بتقول ليه حياتي مش زيّ حياته؟ ليه عينيا مش نفس لون عينيه؟ ليه مش بشتغل شغلته؟ ليه أوضتي مش حلوة زيّ أوضته؟ ليه ليه ليه.. وأسئلة كتير بتنتهي بيك لبعض من السخط على حياتك، مع إنك حتى ماتعرفش تفاصيل عن حياته اللي أنت بتتمناها دي وبتقارنها.
ممكن النقطة دي بالذات تكون مشتركة بين الستات والبنات أكتر، من الناحية الجمالية غصب عننا بسبب المقاييس والمعايير اللي العالم حطنا فيها، بنلاقي نفسنا دايمًا باصين للي حوالينا بالنظرة دي، وتلاقي تساؤلات من نوع؛ أنا ليه شكلي مش شبه كايلي جينر؟ أنا ليه جسمي مش مظبوط زيّ فلانة؟ ليه المكياج بتاعي مش بيطلع حلو زيّ ما بيطلع على فلانة؟ وأسئلة من النوع ده مابتنتهيش.
ده شعور مشترك بين ناس كتير، وللأسف مش قادرين نمنع نفسنا من الإحساس بيه، علشان كده اتكلمنا مع دكتور أحمد علشان يقدم لنا نصائح للتغلب على الشعور ده، وقال لنا “أولًا، هل احنا شايفين كل جوانب حياة الشخص اللي بنقارن نفسنا بيه؟ هل ينفع نعيش حياته أو بمعنى أصح هنقدر نعيش حياته؟ هو مش مجرد كلام كليشيه عن الرضا والقناعة، لكن حقيقي كل واحد له جوانب من حياته ماحدش تاني يقدر يعيشها أو يستحملها. والسوشيال ميديا مش بتبين كل جوانب حياتنا، الناس بتحط اللي هي عايزة تظهره فقط، فماينفعش نبني نظرة عن حياة شخص بناء على اللي بينزله على السوشيال ميديا بس”.
وكمل: “عادي نستمتع احنا كمان ونشارك لحظاتنا الحلوة على السوشيال ميديا، بس واحنا مبسوطين، مش نشاركها علشان نحس بقيمة أكتر”.
تحديد قيمتك بناءً على عدد المتابعين
دي حاجة من ضمن الحاجات اللي بنتأثر بها من السوشيال ميديا مؤخرًا، وهي إنك تحدد قيمتك أو قيمة غيرك بناءً على عدد الكومنتات والتفاعل على الأكونت بتاعه ولا عدد المتابعين له، وللأسف بنشوف “مؤثرين” كتير بيتكلموا باللغة دي وبكلام من نوعية “أنت مش عارف أنا عندي كام فولور”، وبناءً على كده يبقى هو بني آدم ناجح أو فاشل.. دي نظرية غير صحيحة.
ولما سألنا دكتور أحمد على النقطة دي قال: “فلان إنفلونسر وعنده ترليون متابع وبيروح المالديف ومعاه أحدث موبايل وراكب أغلى عربية، هل ده الشكل اللي لازم نكون كلنا عليه؟ أكيد لأ، ده شغله اللي بيجيب به فلوس، ده بيخلق شعور عند الشخص إنه بيعمل الحاجة مش علشان هو عايز يعملها، لأ ده علشان يبقى مواكب للموضة وللي بيحصل، علشان يعمل شو، حتى الجيم بقى للاستعراض مش رياضة، بنعمله علشان نتصور صورة روشة وننزلها على السوشيال ميديا”.
وكانت نصيحته عدم الاعتماد على السوشيال ميديا في تحديد قيمة أي شخص، مش ده اللي بيحدد قيمة البني آدم أو يحدد هو ناجح ولا فاشل. مقياس النجاح ماينفعش يعتمد على السوشيال ميديا، اللي ببساطة ممكن نصحى في يوم مانلاقيهاش، فساعتها نكتشف إن النجاح ده كان وهمي، وإننا في الحقيقة ولا حاجة.
إحساس إن فايتك حاجة
المصطلح العلمي “fear of missing out” واللي ممكن نلخصه ببساطة في إنك يكون عندك إحساس بإنك فايتك حاجات طول الوقت، مش عايش حياتك كما يجب أن تكون، لازم تجرب ده وده وده، كل ما تشوف حاجة تحس إنك فايتك تجربتها، والإحساس ده حاليًا متزايد عند ناس كتير. من أسباب انتشاره هو إنك على اطلاع شبه دائم بكل حاجة بتحصل في أي مكان في العالم. فايتك تزور المدينة الفلانية، فايتك تجرب التجربة دي في البلد الفلانية، فايتك الأكلة دي في القارة الفلانية، فايتك تلبس طقم بالستايل ده، وهكذا.
الحل في الشعور ده إيه؟ دكتور أحمد قال إننا لازم نقف عند نقطة نحدد “احنا عايزين إيه” و”احنا بنعمل كده ليه” لو كل واحد عرف الهدف من اللي بيعمله في حياته، هيعمله وهو مقتنع ومبسوط، لكن ماينفعش نعمل الحاجات علشان بس نبان روشين أو نحس إننا موجودين. الاقتناع هو الأساس.
تأثير المعرفة الزايدة بالأخبار في العالم
واحدة من أهم التأثيرات لمواقع التواصل الاجتماعي، إنها خلّت مذيع لكل مواطن، علشان تعرف أخبار مابقتش محتاج تروح بنفسك تفتح قناة إخبارية أو تقرأ جريدة بعينها، الخبر بيجيلك لحد عندك من أي حد حتى لو مش متخصص في مجال الصحافة، كل واحد في إيده ينقل أي خبر بيحصل حواليه، وده بيخلّي الأخبار تنتشر بشكل أسرع وعلى نطاق أوسع.
دلوقتي ممكن يوصل لك فيديو عن جريمة حصلت في ضواحي اسكتلندا وتتأثر به، رغم إن علميًا الموضوع بعيد عنك ومش بيعني لك أي حاجة، لكن السوشيال ميديا خلّتنا كإننا قاعدين في أوضة وصالة، وللأسف التعرض للأخبار دي بشكل مستمر بيأثر على الصحة النفسية.
دكتور أحمد شايف إن كمية المعلومات اللي بنتعرض لها بتغير من معتقدات الشخص، وفي كمية معلومات غلط كبيرة بتتقال من أشخاص غير متخصصين في المجال اللي بيتكلموا فيه، فالناس تاخد المعلومة مغلوطة وتأثر في شخصياتهم ومعتقداتهم، ده أكيد هيكون له تأثير سلبي، غير كمان المصطلحات اللي بتنتشر بسرعة البرق، كل ده بيساعد على نشر معلومات غلط للناس بتأثر فيهم.