بين القانون والواقع وحالات استثنائية: الإجهاض في مصر
من كام يوم، وقفنا شوية عند خبر لست انتحلت صفة دكتورة، وبتروّج لعمليات جراحية للستات على الفيسبوك، وفكرنا كام ست ممكن تكون بتعرض حياتها للخطر بسبب الإجهاض، وعمليات زي ما بيتقال عنها بالمصطلح الدارج “تحت بير السلم”، وازاي القانون المصري بيحاول يمنع الإجهاض.
لكن هل عمليات الإجهاض مستمرة برغم تجريمها؟ وإيه الحالات اللي مسموح فيها الإجهاض في مصر؟
الإجهاض الآمن وغير الآمن
منظمة الصحة العالمية وصفت عمليات الإجهاض غير الآمنة بإنها: “إنهاء الحمل إما على يد أشخاص يفتقرون إلى المهارات اللازمة، وإما في وسط لا يمتثل للمعايير الطبية الدنيا أو الاثنين معًا”. وبتقدّر المنظمة عدد عمليات الإجهاض غير الآمنة اللي بتُجرى سنويًا بحوالي 25 مليون عملية، والأغلبية منها في البلدان النامية.
وعلى عكس الإجهاض القانوني اللي بيتم على إيد متخصصين طبيين مدربين، عمليات الإجهاض غير الآمنة بتشكل تالت الأسباب اللي بتؤدي إلى وفيات الأمهات على نطاق العالم كله، وممكن تؤدي لحالات إعاقة، طبقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.
“لا يسمح به إلا في حال وجود خطر على حياة الأم”
دي الحالة الوحيدة المسموح فيها الإجهاض في القانون المصري، لإن الإجهاض جريمة طبقًا لقانون العقوبات المصري، اللي بتنص المادة 261 منه على “معاقبة كل من أسقط عمدًا امرأة حبلى بإعطائها أدوية، أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك، أو بدلالتها عليها، سواء كان برضاها أو لا، بالحبس مدة قد تصل إلى ثلاث سنوات، أما في حال كان الفاعل طبيبًا أو قابلة، فإن الأمر يتحول إلى جناية تتراوح عقوبتها ما بين الحبس ثلاث سنوات إلى 15 سنة”.
وتنص المادة 262 من القانون نفسه على “المرأة التي رضيت بتعاطي الأدوية مع علمها بها، أو رضيت باستعمال الوسائل السالف ذكرها، أو مكنت غيرها من استعمال تلك الوسائل لها، وتسبب الإسقاط عن ذلك حقيقة، تعاقب بالعقوبة السابق ذكرها”.
“تجريم الإجهاض لا يوقف عمليات الإجهاض وإنما يجعلها أقل أمانًا”
للأسف، ده اللي بتقوله منظمة العفو الدولية، عن حقائق بتقول إن عمليات الإجهاض مش بتتوقف رغم الردع القانوني والعقوبات، وبتقول: “لا يعني منع النساء والفتيات من الحصول على خدمات الإجهاض القانونية أنهن سيتوقفن عن احتياجها، ومن هنا فإن محاولات فرض حظر على الإجهاض أو تقييده لا تساعد في تقليص أعداد عمليات الإجهاض، وإنما تجعل من يردن الإجهاض يسعين إلى إجراء عمليات تفتقر إلى شروط السلامة”.
أكيد مش بنقول بكده إننا في حاجة لإلغاء القوانين أو العقوبات على عمليات الإجهاض وفاعليها، لكن دي حقايق من أرض الواقع. وحتى مع تقدير منظمة الصحة العالمية لعدد عمليات الإجهاض اللي ذكرناه، مافيش أي إحصاء أو أرقام يمكن الاستدلال منها على عدد حالات الإجهاض بشكل حقيقي وواقعي، لإنها بتتم بشكل غير معلن.
ومع استحالة إجراء عمليات الإجهاض بشكل معلن في مستشفيات أو على يد أطباء بشكل عادي، بقى في طريقتين للإجهاض؛ يا إما دكاترة يعملوا العمليات سرًا في عيادات مغلقة، وغالبًا بتبقى بمبالغ كبيرة جدًا، وإما الاستعانة بالأدوية اللي بتستخدم في إسقاط الجنين، واللي ماينفعش تتصرف في مصر إلا بروشتة طبية، ومن هنا ظهرت مافيا صغيرة.
مافيا استغلال الموقف
ازاي بيتم صرف أدوية بتؤدي للإجهاض؟
“صرف الأدوية المستخدمة في الإجهاض لا بد من أن يكون من خلال روشتة طبية مختومة من طبيب نساء أو مستشفى، إلا أن هناك بعض الصيادلة عديمي الضمير يبيعونها بأثمان باهظة لبعض الراغبات في الحصول عليها، وهذا بالطبع غير قانوني ويعرض فاعله لمساءلة قانونية قد تصل إلى الحبس”، ده اللي قاله صيدلي من القاهرة لما اتسأل عن ازاي بيتم التعامل مع الأدوية من النوع ده، مستدركًا: “المشكلة أن تعاطي مثل هذه الأدوية من دون إشراف طبي يمكن أن يشكل خطورة على من تأخذها وتسبب مشكلات كبرى، لأن مثل هذه الأمور يجب أن تكون تحت إشراف طبي متكامل”.
حالات استثنائية
على الرغم من الجدال والخلاف الكبير اللي بتثيره قضية الإجهاض في مصر، بين المشرعين ومنظمات حقوق المرأة وكمان من الناحية الدينية، لكن وسط كل ده ناسيين فئة من الحالات الاستثنائية، ضروري يتفتح لهم منفذ، زي الحالات اللي تعرضت لظروف خارجة عن الإرادة زي المُغتصبات. اللي بالنسبة لهم الاستمرار في الحمل هيكون عقاب لها وللطفل طول حياتهم، بسبب وصمة العار اللي هتلازمهم للأبد، وفي حالة إن الأم عايزة تتخلص من الحمل، هتعرض حياتها للخطر علشان تخلص من ذنب مالهاش فيه.
في اليوم العالمي للمرأة في 2016، انطلقت حملة تحت شعار “الإجهاض الآمن ينقذ الحياة”، أطلقتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والحملة كان هدفها تمكين النساء من الإجهاض بشكل قانوني، في حالة كون الحمل ناتج عن الاغتصاب أو اغتصاب المحارم.
سنة 1988، أفتى شيخ الأزهر إن الإجهاض في حالات الاغتصاب مش حرام، وفي سنة 2004 اتوافق على مشروع قانون يبيح الإجهاض في مصر في حالة الاغتصاب، لكن للأسف المشروع مانجحش.
قضية الإجهاض تعتبر ملف مثير للجدل من الناحية القانونية والدينية وكمان الأخلاقية، سنين والقضية دي تحت مظلة المناقشات والصح والغلط والحلال والحرام. لكن في كل الأحوال، البحث عن سلامة وصحة الإنسان بييجي في المقام الأول.