انتصار وبصمتها الطاغية: موهبة فنية نضجت بهدوء وأبدعت في صمت
موهبة فنية نضجت بهدوء أو كما يقولون “على الهادي” بدون ضجة وبلبلة إعلامية، وكل مرة كانت تبدع في صمت، البعض ممن لم يتابع أعمالها في البداية استغرب تألقها مؤخرًا في ثلاثة أعمال رمضانية لهذا العام، ولكن في الحقيقي انتصار تألقت من وقت ظهورها على الشاشة، وفي كل دور كانت تفاجئنا وتقدم لنا جرعة جديدة من موهبتها وما تستطيع أن تفعله بالمشاهد بكتلة من الأحاسيس.
سهر الليالي
“دور صغير بجوائز كثيرة”دائمًا ما كانت تصرح انتصار أن ظهورها في فيلم “سهر الليالي”، والذي لم يتجاوز الدقائق المعدودة، حصدت به جوائز أكثر من مشوارها الفني كله، فبعد ظهورها استطاعت أنت تحصل على ختم بأنها كوميديانة، وذلك بشخصية دينا الاسم الرقيق الناعم الذي لا ينم بأي شيء عن شخصيتها، فهي بائعة هوى أو بلغة أخرى ساقطة، تم تأجيرها لساعات معدودة لمجموعة من الشباب كمتنفس لهم وتذكيرهم بأيام الشقاوة، وبرغم صعوبة الدور الذي حمل انتقادات للجراءة التي كانت بين طياته، تمكنت أن تضيف له روح حلوة بإيفيهاتها وخفتها وخفة دمها ” كاظم ده عسل عسل واخد حتة من قبلي كده سمعتله يا مستبدة؟” .. لأ سمعتله يا سافلة” .. فظهرت كأمراة هزمتها الدنيا ولا تريد الاعتراف بالهزيمة.
جاي في السريع
شرويت شوشو التي أطلت علينا في مشاهد قليلة مع عاطف (ماجد الكداوني) الذي جاء يومين فقط ليبحث عن عروسة من أجل الحصول عل شقة وترقية، ليصتدم بشوشو صاحبة الـ” كحول 8% بس” وتتصدمه بشخصيتها في نفس الوقت التي كانت تخفيها عنه وعن أهلها، ابنة خجولة مطيعة ومن ثم تسكر على جبل المقطم مع شخص لا تعرف عنه شيء سوى أنه عريس الغفلة ، تظهر وتختفي في دقائق على الشاشة ولكن تحمل معها جمل وإيفيهات للذكرى “مصر من فوق غير مصر من تحت” “أنا لوما ارتحتلك لوما جيت معاك” بالنعناع خفيفة بشربها من إعدادي”
واحد صفر
رغم التناقض بين طبقات المجتمع· هناك لحظات يتوحد فيها الجميع، حالة التقطتها السيناريست مريم نعوم لتنسج منها تفاصيل أولى تجاربها في السينما الروائية في هذا الفيلم، لتظهر لنا الأم الأرملة هدى تعمل ”بلانة” وتساعد في تجهيز العرائس والراقصات وتحاول الاحتيال عليهن ببيع الكريمات والمستحضرات المغشوشة، وتعاني من القهر الذي يصيبها من كل اتجاه، وزيادة عليها ابن يسيء إليها قولًا وفعلًا، ولا مخرج من نفق الكبت الذي دفعت إليه، فترتكب أخطاء وتتحايل، وتكذب، وتقبل بما لا يقبل كنوع من مقاومة العنف الذي يصاحبها في كل خطوة.
ذات
حالة توهج ونضج فني لم يسبق لها مثيل، إذ أحيانًا نراها في الخفاء وهي تتفوق على أبطال العمل، فوزية التي عشت معها مراحل حياتها من نكسة 76 مرورًا بوفاتها في الألفينيات ومن ثم أصبحت جزء من عائلتك، راقبت معها تغير ملامحها وكرمشة يديها مع ظهور التجاعيد وإنحناءه الظهر والقيلولة التي كانت تحب أن تحصل عليها بدون سابق إنذار أثناء تجمعات الأسرة ومن ثم تستيقظ “أنتوا كنتوا بتقولوا إيه؟” تشبه أمك وجدتك وعمتك الشخصيات الطبيعية والتقليدية لأبعد حد، وشحتفتها في العياط عند وفاة ابنها في حادث طيارة، وفي آخر مشاهدها في العمل تنسى أنها انتصار المعروف عنها بدلعها وشقاوتها.
أعلى نسبة مشاهدة
وصولًا بالعمل الذي أطلت به علينا في رمضان هذا العام، الأم المكافحة “أمل” التي لا تملك شيء من اسمها سوى حروفه الثلاث، تعمل في صنع وجبات طعام وتوصيله للبيوت وعندما يضيق بها الحال تعمل حفافة، شخصية مقهورة قليلة الحيلة تجيب لك اكتئاب “بدون أفورة” تظهر لك تصدمك للوهلة الأولى بربطة شعرها ولونه، تفاصيل تجبرك أن تقوم بالتركيز معها وتصديقها، ولكن تشك للحظة أنها تؤدي دور في عمل، البعض ربطها بشخصية ذات ولكن من وجهة نظري أرى أن الربطة الوحيدة أنها تبلورت في ذات وأعادت تلك البلورة من جديد في أعلى نسبة مشاهدة.
أشغال شاقة
ضيفة شرف لمدة حلقتين فقط ولكن كانت عنصر من عناصر نجاح وتألق المسلسل الكوميدي أشغال شاقة لرمضان هذا العام، بدور مختلف عن أمل في أعلى نسبة مشاهدة، تغير قناة تجد حزن يقهرك من أمل وتذهب لقناة أخرى تجدها بشخصية أم صابرين ربة منزل تهلكك من الضحك كأيقونة في أداء المكالمات من تحت الحجاب وفي صنع القلق وضياع كل مقننيات البيت التي تعمل على خدمته، حنجرة صوتها جريمة، تصنع الكارثة والمصيبة في هدوء وفي نفس الوقت تشعرك بأن كل شيء تحت السيطرة وهي تشاور بيديها “من العين دي قبل العين دي”، وختامًا مه آخر أدوارها فأدوار انتصار ليست لمجرد التواجد ولكن لترك بصمة.