الوجوه البريئة المدمرة: كيف تغيرت حياة أطفال غزة عقب طوفان الأقصى؟
الآن، لا يملك أطفال غزة الطاقة للبكاء. بعد الهجوم العسكري الفلسطيني في 7 أكتوبر 2023، والذي عُرف باسم “طوفان الأقصى”، تعرض قطاع غزة لدمار واسع شمل كافة جوانب الحياة، لكن الأطفال كانوا الأكثر تضررًا من هذه الحرب.
فقد أسفرت الغارات والقصف المكثف عن تدمير المنازل والبنية التحتية، وقتل عشرات الآلاف مما خلف أعدادًا كبيرة من الأطفال الذين فقدوا أهلهم وتشردوا.
لم تقتصر المعاناة على فقدان الأحباء والمأوى، بل امتدت لتشمل اضطرابات نفسية عميقة جراء العنف المستمر والصدمات التي تعرضوا لها.
العديد من هؤلاء الأطفال يعانون من صدمات نفسية، مثل القلق والاكتئاب، نتيجة لتجاربهم المروعة.
وفي هذا السياق، الأرقام تشير إلى أن أعداد الضحايا من الأطفال كانت ضخمة، كما أن المنظمات الإنسانية أفادت بأن العديد منهم بحاجة ماسة إلى دعم نفسي وفوري.
الوضع في غزة بعد هذه الحرب أصبح أكثر مأساوية، إذ يُعتبر الأطفال من أكثر الفئات التي تعاني من آثار هذا العدوان المستمر.
هذا المقال يسلط الضوء على معاناة الأطفال في غزة، ويركز على توثيق الأرقام والحقائق التي تبرز خطورة الوضع الإنساني في المنطقة.
أطفال غزة الأكثر تضررا: بلا مأوى
منذ بداية الهجوم العسكري في 7 أكتوبر 2023، أصدرت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تقارير مقلقة عن تأثير القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي على المدنيين، وخاصة الأطفال.
وفقًا لهذه التقارير، فقد لقي مئات الأطفال حتفهم نتيجة للهجمات المستمرة على قطاع غزة.
منظمة اليونيسيف وغيرها من الوكالات أكدت أن الأطفال في غزة كانوا من بين الأكثر تضررًا، إذ فقد العديد منهم أسرهم وأصبحوا بلا مأوى، في حين يعاني آخرون من صدمات نفسية شديدة.
أطفال غزة: لا يملكون الطاقة للبكاء
في منتصف مارس 2024، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن أكثر من 13 ألف طفل في قطاع غزة لقوا حتفهم جراء الهجوم الإسرائيلي، مشيرة إلى أن العديد منهم يعانون من سوء التغذية الحاد.
وأضافت المنظمة أن بعض هؤلاء الأطفال أصبحوا في حالة صحية خطيرة لدرجة أنهم لا يملكون حتى الطاقة للبكاء، مما يعكس عمق المأساة التي يعيشها الأطفال في المنطقة في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
الأونروا أفادت في تقريرها أن واحدًا من كل ثلاثة أطفال دون سن العامين في شمال غزة يعاني حاليًا من سوء التغذية الحاد.
كما حذرت الوكالة من مجاعة قد تكون وشيكة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ويشير هذا إلى أزمة إنسانية متفاقمة تؤثر بشكل كبير على صحة الأطفال في المنطقة، مما يفاقم من معاناتهم في ظل الحرب المستمرة.
أطفال غزة: عاجزون عن النوم
الأثر النفسي للعدوان الإسرائيلي على غزة كان واضحًا بشكل خاص على الأطفال الذين شهدوا مشاهد القتل والدمار.
فقد أصيب العديد منهم بـ اضطرابات نفسية حادة مثل القلق، الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة. في تقريرها،
وأشارت منظمة (Save the Children) إلى أن الأطفال في غزة يعيشون في حالة خوف مستمر جراء القصف المكثف، مما يعرضهم لتأثيرات نفسية عميقة قد تلازمهم طوال حياتهم.
وقد أفادت المنظمة أن العديد من الأطفال أصبحوا عاجزين عن النوم بسبب القلق، ولا يستطيعون التفاعل بشكل طبيعي مع أقرانهم نتيجة للمشاهد المؤلمة التي مروا بها.
هذه الاضطرابات النفسية تمثل تحديًا طويل الأمد للأطفال في غزة، حيث أن الأثر النفسي يطال جوانب حياتهم اليومية ويؤثر في نموهم الاجتماعي والعاطفي.
أطفال غزة: بلا مدارس تعليمية
من جانب آخر، أدت الحرب إلى دمار واسع في البنية التحتية في قطاع غزة.
تعرضت أكثر من 50 مدرسة للتدمير أو التضرر بشكل كبير، مما ترك آلاف الأطفال بلا مدارس لتلقي تعليمهم.
وفقًا لتقرير صادر عن اليونيسف، فقد أصبح حوالي 45,000 طفل في غزة غير قادرين على الوصول إلى مدارسهم بسبب الأضرار التي لحقت بالمنشآت التعليمية.
إضافة إلى ذلك، تعرضت العديد من المنازل للتدمير، مما أسفر عن تشريد عشرات الآلاف من الأطفال وأسرهم.
ويعيش هؤلاء الأطفال الآن في ملاجئ مؤقتة وغير مجهزة، ما يزيد من معاناتهم النفسية والجسدية.
مأساة فقدان الأهل: 35 ألف طفل دون أب أو أم
من أكبر المآسي التي خلفتها الحرب في غزة هي فقدان الأطفال لأحد والديهم أو كليهما.
وفقًا لتقارير من منظمات إنسانية مختلفة، فإن حوالي 35,000 طفل في غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما بسبب القصف المكثف.
الإحصائيات أظهرت أن الأمهات يشكلن نسبة كبيرة من الضحايا، حيث قُتل العديد منهن في هجمات مباشرة على المنازل أو أثناء محاولات الهروب.
العديد من هؤلاء الأطفال يواجهون صعوبة كبيرة في التأقلم مع الحياة بعد فقدان رعاية أسرهم، في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشونها.
يحتاج هؤلاء الأطفال إلى دعم نفسي واجتماعي عاجل من المنظمات الإنسانية، بهدف توفير بيئة آمنة لهم بعيدًا عن تأثيرات الحرب المدمرة، وللمساعدة في التأهيل النفسي والتمكين الاجتماعي لهذه الفئة المتضررة.
التحديات الصحية: أرواح بلا منقذ
لم تقتصر أزمة غزة على القصف والموت، بل امتدت لتشمل نقصًا حادًا في الرعاية الطبية للأطفال المصابين.
تشير التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن المستشفيات في غزة تعمل بأقل من طاقتها بسبب نقص المعدات الطبية والإمدادات الأساسية، مما يجعل من الصعب تقديم العناية اللازمة للأطفال الذين أصيبوا نتيجة القصف.
تفاقمت هذه المشكلة نتيجة للإغلاق المستمر للمعابر، مما منع وصول الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية إلى المستشفيات.
كما أن نقص الأطباء والمرافق الصحية المتخصصة يزيد من تعقيد الوضع، ويؤثر بشكل كبير على قدرة غزة في التعامل مع الأزمة الصحية المتفاقمة.
من شظايا الحرب إلى أمراض لا تُرى
إضافة إلى نقص الكهرباء والوقود الذي يعقد الوضع الصحي في غزة، يصبح من الصعب تشغيل أجهزة التنفس الصناعي والأدوات الطبية الحيوية التي يعتمد عليها الأطفال المصابون.
كما أن هذه الظروف تساهم في تدهور القدرة على تقديم العناية الطبية في المستشفيات، خاصة للأطفال الذين يعانون من إصابات خطيرة نتيجة القصف.
في الوقت نفسه، تزداد المخاوف من انتشار الأمراض المعدية بين الأطفال في مخيمات اللاجئين والملاجئ المؤقتة، نتيجة تدهور البيئة الصحية في المنطقة.
هناك تقارير تشير إلى زيادة الإصابات بالأمراض الجلدية المختلفة، نتيجة افتقار النظافة وظروف المعيشة غير الصحية، وهو ما يفاقم من معاناة الأطفال في ظل الحرب.
هل هناك حل؟
وضع الأطفال في غزة بعد “طوفان الأقصى” يشكل مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث فقد هؤلاء الأطفال أهاليهم، وتشردوا في ظروف قاسية، بينما تعرَّضوا للعنف والدمار الهائل.
هذا الواقع حول حياتهم إلى جحيم مستمر، وجعلهم في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة.
ومع ذلك، فإن الضغط الدولي لإنهاء العدوان واستمرار الحماية للأطفال الفلسطينيين في غزة ما يزال بحاجة إلى مزيد من الدعم من الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان.
في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل في العمل الإنساني العاجل والضغط الدولي لإنهاء العدوان وتوفير الحماية للأطفال الفلسطينيين.
هل نشهد تحرك للمنظمات الحقوقية والإنسانية لإنقاذ أطفال غزة؟
آخر كلمة ماتفوتوش قراءة: عصابات سرقة المساعدات في غزة: حرب فوق الحرب تزيد المعاناة والألم