المضادات الحيوية بين سلاح آمن ووباء قاتل
بتحكي لنا إسراء “في يوم سخنت شوية وكنت حاسة بصداع فدورت على أقرب دوا لقيت شريط مضاد حيوي في شنطتي فأخدته، وشوية شوية الموضوع بقى عادة عندي كل ما يجلي حتى شوية برد أستسهل وأجري على المضاد الحيوي علشان أنجز وأخف بسرعة، بس مع مرور الوقت الدوا مابقاش يعمل مفعول ولقيت نفسي معدل إصاباتي بالعدوى بقى أكتر، كل شهر بيجي لي برد على الأقل مرتين، ومناعتي بقت أقل، واكتشفت بعدها لما كشفت إن جالي قرحة في المعدة ماعرفتش أتعالج منها بسبب إني كنت باخد المضاد الحيوي زيّ البونبوني”.
مافيش شك إن اختراع المضادات الحيوية “البنسلين” اللي اخترعه “ألكسندر فليمنغ” في 1928 هو من أعظم اكتشافات البشرية، لإنه بيقتل بكتيريا قادرة إنها تموت الإنسان، ومن وقتها مابقيناش نقلق من جرح ولا من كوليرا ولا أي عدوى بكتيرية.
بس في القرن العشرين، بقى السلاح اللي بيحمينا بيمثل تهديد علينا لو ماعرفناش ازاي نستخدمه، خصوصًا بعد ما تم اكتشاف إن البكتيريا قادرة على تطوير نفسها وقادرة تهاجم المضاد الحيوي، وده اللي ممكن يرجعنا لورا قرن لعصر ما قبل الـ”بنسلين”، بس قبل ما نقولكم ازاي نتعامل صح مع المضادات، تعالوا نتكلم عن حجم الأضرار اللي بتنعرض لها بسبب استخدامنا العشوائي لها.
بالنسبة للبالغين
حسب اللي ذكره موقع “medicalnewstoday” الأمريكي، الأضرار بتنقسم لأضرار شائعة وأضرار نادرة الحدوث، الأضرار الشائعة زي مشاكل في الجهاز الهضمي؛ منها الغثيان والإسهال الشديد والقيء والشعور بالانتفاخ ووجود دم مصاحب للبول وتشنجات وألم في المعدة، ومشاكل تانية زيّ التهابات فطرية في منطقة “فتحة المهبل” والحلق والفم، واللي بينتج عنهم حكة مهبيلة وصعوبة في البلع، ويسبب حمى “سخونية” بجانب إنها بتعمل تفاعلات مع الأدوية زيّ الأدوية المضادة للفطريات والسكري والسيولة.
وبتعمل كمان مشاكل في الكلى بتوصل لتلف الكليتين، وده اللي قاله دكتور حسام موافي رائد الطب الباطني وأستاذ الحالات الحرجة في القصر العيني: “المضادات الحيوية من الأدوية الخطيرة اللي ممكن تتسبب في فشل كلوي من غير ما تحس، لإن الموضوع مالوش أعراض” وقال إن من كل 100 شخص بيغسل كلى، 50 منهم بسبب سوء استخدام المضادات.
بالنسبة للأطفال
في دراسة جديدة مشتركة بين جامعات أوروبية وأمريكية، بتقول إن اللجوء للمضادات الحيوية بشكل كبير بيأثر على صحة الأطفال ومناعتهم بشكل عام، ووفقًا للباحثين، تناولها هيأذي البكتيريا النافعة في الأمعاء اللي مسؤولة عن التطور السليم للجهاز المناعي عند الطفل ووظائف التمثيل الغذائي، وهيظهر عليه أعراض وأمراض؛ زيّ الربو والحساسية، ودكتور أحمد عبد العال، بيضيف على الكلام إن الموضوع ممكن يأثر على المخ بشكل يسبب مرض فرط الحركة وقلة الانتباه والسمنة، نتيجة تغيير الكتلة الجرثومية في الجسم وفطريات في لسان المريء.
مقاومة المضادات الحيوية
“مقاومة المضادات الحيوية” من أخطر الأعراض الجانبية للمضادات الحيوية بشهادة الدراسات والدكاترة، إن يحصل لك مقاومة للعلاج، في فريق من الباحثين في بريطانيا وأوروبا عملوا دراسة على طريقة تفاعل تركيزات مختلفة من تلات مضادات حيوية شائعة الاستخدام، ولقوا إن الجرعات الكبيرة اللي الناس بتاخدها اتسببت في ظهور بكتيريا لها “قوة أكبر” وأكتر مقاومة، ودي في حد ذاتها معضلة، وخطورتها بتكمن إن لما تستخدم المضاد لفترة أطول كده البكتيريا هتقدر تتكيف بشكل أسرع، لإنها عملت غلاف واقي، بيمنع تغلغل المضاد داخلها، وبالتالي هيبقى صعب علاجها، يعني بالبلدي كده جسمك هيبقى عنده مناعة ضد المضاد الحيوي، فلو جالك أي مرض من اللي بيحتاج في علاجه مضاد حيوي مش هيأثر فيك ولا هتستجيب له، وهتسأل نفسك أنا مش بخف ليه.
وبناءً على دراسة نشرتها مجلة لانست العلمية، الناس بقت تموت من عدوى اعتيادية كانت ممكن تبقى قابلة للعلاج بمنتهى السهولة، لإن البكتيريا اللي اتكونت بسبب مقاومة المضادات الحيوية هي اللي خلت العادي بقى مستحيل، لدرجة إنهم سموا “مقاومة المضادات الحيوية” الوباء الخفي، وعلى حد تعبيرهم ممكن كان يبقى أخطر من كورونا.
الأرقام هي اللي بتتكلم
الباحثين في 2019 أعلنوا عن وفاة 5 ملايين شخص بسبب أمراض مرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية، زيّ الناتجة عن عدوى في الجهاز التنفسي و الالتهابات الرئوية، والتهابات مجرى الدم اللي بتأدي لتعفن الدم، يعني أكتر من الملاريا والإيدز والسرطان في نفس السنة، وده اللي خلاها السبب الرئيسي التالت للوفاة في جميع أنحاء العالم، والمخيف أكتر إن خمس الحالات لأطفال عمرها أقل من 5 سنين.
ولو هنتكلم عن الوضع في مصر بالتحديد، بيقول د. أحمد مصطفى، المختص في الطب الحرج بكلية الطب بجامعة الإسكندرية المصرية، إن نسبة مقاومة المضادات الحيوية في مصر تتراوح بين 70 و90%.
الكلام ده ممكن يوصل لنا للي لسه كنا بنقول عليه، وهو الرجوع لحقبة ما قبل اختراع مادة “البنسلين” وقت ما كان أقل عدوى مميتة. طب والحل إيه؟ لازم نعرف ازاي نستخدم المضادات الحيوية بشكل آمن علشان نستفيد منها بدل ما تكون هي مصدر لمرضنا.
الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية
الموضوع في البداية بيعتمد على عوامل كتير، منها نوع المضاد الحيوي وحالة المريض وعمره، ولو كان في حالة حمل أو رضاعة، لكن المفروض لما تاخد المضاد الحيوي تخلي بالك من النقط دي:
- لازم تاخد الجرعة في معادها وماتفوتهاش، ولو نسيت خدها في أقرب وقت علشان تحافظ على كمية ثابتة من الدوا في الجسم، بس لو معاد الجرعة التانية قرب ماتاخدهاش، وماينفعش تضاعف الجرعة التانية علشان تعوض النقص.
- ماينفعش تاخد المضاد الحيوي من غير وصفة طبية، وقبل ما الدكتور يكتبها قول له لو أنت بتعاني من أي نوع من الحساسية، ولو في أدوية معينة أنت بتاخدها بلغه بها، علشان في بعض الأدوية بتتفاعل بشكل سلبي مع المضاد الحيوي.
- اسأل الصيدلي لو المضاد ده ممكن يتاخد على معدة فاضية ولا لأ، وهل في أطعمة ممكن تتجنبها مع مضاد بعينه، وماتاخدش مضاد حيوي موصوف لحد تاني غيرك بحجة إن الأعراض واحدة.
- لازم تكمل مدة علاجك كاملة للآخر حتى لو حسيت بتحسن، علشان لو وقفت وأنت في نص العلاج جسمك هيكون بكتيريا مقاومة للمضاد الحيوي القديمة، وبالتالي لازم تجرب نوع مضاد حيوي تاني.
وحاجة أخيرة بتنصح بها دكتورة منى، أخصائية الأمراض الباطنية والغدد الصماء، إن ماينفعش ناخد مضاد حيوي إلا لما يبقى في عدوى بكتيرية ومش فيروسية، يعني ماينفعش لما أسخن شوية أو لما يجيلي دور برد أروح آخد مضاد حيوي، والأحسن إننا نقنن من استخدام المضادات ونستبدلها بالأعشاب الطبيعية علشان نذيب البلغم ونوسع الشعب الهوائية، مع ضرورة إننا نتطعم ضد الأنفلونزا بشكل سنوي.
استشاري الجهاز الهضمي والكبد دكتور “مدحت خليل” بيأكد على الكلام، وبيقول إن ماينفعش استخدام المضادات إلا في الاتهابات البكتيرية، لإن استخدامها بدون داعي بيقتل البكتيريا النافعة.