التصوير وتوثيق الأحداث: بين الهجوم وإثبات الحقائق

مؤخرًا ظهر مفهوم إن كل اللي في إيده موبايل بقى صحفي، وبقى مصوّر، الناس كلها ماشية وفي إيدها أداة تقدر توصل بيها رسالة لعدد كبير من الناس، بضغطة زرار، والمفهوم ده بيتقال بطريقتين، إيجابية وسلبية. أي خبر أو أي حادثة بقت تنتشر بسرعة البرق، قبل حتى الصحفيين ما يوصلهم الخبر وينتقلوا لمكان الواقعة، أي حد بيحصل قدامه أي حاجة بيطلع الموبايل ويصور، بس ظهرت انتقادات للفعل ده، من نوعية “بدل ما تصور، حاول تنقذ الموقف” خصوصًا في الحوادث أو المصايب يعني، والناس بتلوم على اللي بيختار يصور ويقولوا ما كنت تبادر بالمساعدة بأي شكل أحسن ما تطلع الموبايل وتصور. التصوير وتوثيق الأحداث وقت وقوعها له أبعاد كتير.

الموضوع مش جديد، وفكرة مذيع لكل مواطن بقت منتشرة دلوقتي، وكل واحد في إيده ينقل الحدث وهو فيه حرفيًا، والإعلامي عمرو أديب تناول الموضوع في فقرة من برنامجهه “الحكاية” ووضح فيها الجانب القانوني كمان.

للوهلة الأولى، هتحس إن الكلام منطقي فعلًا، وممكن تشارك كمان في الهجوم واللوم على اللي بيقوم بالفعل ده، وتستنكر إن شخص يكون في إيده إنه يقدم مساعدة على أرض الواقع ينقذ بيها ما يمكن إنقاذه، لكن هو يختار إنه يطلع الموبايل ويصور الحدث، خصوصًا لو في الوقت ده نوع الحدث كان ممكن يفرق فيه فعلًا المساعدة. زي مثلًا حريق، حادثة عربية، واقعة تحرش، هيكون الشخص اللي موجود في موقع الحدث ده في إيده إنه يساعد بشكل يغير في سياق الحدث للأحسن، وممكن فعلًا يبقى في إيده ينقذ حد تاني.

لكن الموضوع له أبعاد مختلفة، احنا أخدنا بالنا منها بعد تصريح من مسئول في نقابة المحامين، على حادثة قتل الطالبة نيره أشرف، والتصريح قال إن تصوير الحادثة أفاد في التحقيقات بشكل كبير، ولواه كان هيحصل تضارب في أقوال الشهود، لكن بالفيديوهات، الواقعة متصورة كلها وكانت دليل قاطع وجازم.

هنا ناس كتير أخدت بالها من الجانب التاني اللي ماكانش متشاف قبل كده، أو ماكانش حد مديله أهمية، وهو إننا عندنا وسيلة توثيق في إيدنا 24 ساعة، ممكن تغير مسار قضية كبيرة زي دي، خصوصًا في الحوادث اللي أنت كفرد ماكانش في إيدك حاجة تعملها تنقذ بيها الموقف، أو شايف ناس بتقوم بالمهمة دي كده كده، فقررت تتولى أنت مهمة تانية ماتقلّش أهمية عنهم.

في حادثة نيره، وفي التصريح ده بالذات عن عضو مجلس النقابة العامة للمحامين، سلّط الضوء على الفيدو اللي اتصور عن طريق زمايل نيره، مش بس كاميرات المراقبة، لإنه كان بيثبت الواقعة على عكس أقوال الشهود اللي تضاربت، وقتها لو تفتكر هتلاقي ناس كتير هاجمت اللي صوروا الواقعة وسابوا نيره، لكن يشاء القدر إن اللي قاموا بيه ده يساعد بشكل قاطع في إثبات الحقيقة.

طب لو كانوا الناس اتدخلوا وقت الحادثة وشالوا المصاب من على الأرض، تفتكر الناس كلها عندها علم ووعي بالإسعافات وهيشيلوا المصاب بطريقة صحيحة، ولا ممكن في أي حادثة يتسببوا له في إصابة طول عمره بسبب حركة غلط يتحركها وهو مصاب، والمفروض إننا نستنى الإسعاف توصل وتتعامل بشكل مهني هما دارسينه وفاهمينه علشان ينقذوا المريض أو المصاب؟

لو نرجع بالذاكرة شوية صغيرين، لحادثة استشهاد المراسلة الصحفية شيرين أبو عاقلة، وتوثيق الواقعة بالتصوير وقتها، اللي أثبت للعالم كله الواقعة بتفاصيلها واللي حصل، وكانت دليل ثابت على الحادثة، الفيديو اتصور عن طريق زميل صحفي لها، وللأسف وقتها ماحدش من زملائها عرف يوصل لها تحت قصف الرصاص، لكن واحد فيهم قام بمهمة قدر يورّيها للعالم كله.

شيرين أبو عاقلة
عن: تويتر

لو في إيدك حاجة تعملها لو حصل قدامك أي موقف، ماتترددش تساعد، لكن كمان توثيقك للواقعة يعتبر مساعدة ماتقلّش أهمية عن أي فعل تاني، خصوصًا إن دلوقتي في إيدنا كنز نقدر نغير مسار حاجات كتير، وبضغطة زرار فعلًا مش مجرد كلمة بتتقال للسخرية. علشان دلوقتي التصوير وتوثيق الأحداث المختلفة بيغير مسار حاجات كتير.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: التصوير في العزاء.. بين اقتحام الخصوصية وتوثيق الحدث.

تعليقات
Loading...