إسرائيلي وفلسطيني في “لا أرض أخرى”.. جمعهم فيلم وفرقتهم حياة
من قلب العاصمة الألمانية، أحد معاقل قوى الغرب الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة، استطاع الفيلم الوثائقي الفلسطيني “لا أرض أخرى” أن يخطف الأضواء، ويحصد جائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي الدولي أحد أهم المهرجانات السينمائية في العالم، ولكن لم تكن هذه كل الحكاية.
لا أرض أخرى
فمخرجا الفيلم هما الإسرائيلي يوفال إبراهام والفلسطيني باسل عدرا، حرصا من خلال الفيلم على توثيق جرائم الاحتلال وفضح سياساته العنصرية أمام المجتمع الدولي، فالفيلم يروي قصة منطقة “مسافر يطا” التي تضم نحو 20 قرية في جنوب الضفة الغربية، ويعاني سكانها من تضييق الخناق واعتداءات المستوطنين الإسرائيليين عليهم.
طمعًا في إخلاء منازلهم لتنفيذ مخططات إسرائيلية خصوصًا بعد صدور حكم المحكمة الإسرائيلية العليا باعتبار أن المنطقة مخصصة للتدريبات العسكرية، كما يسلط الضوء على المسارات العديدة التي سلكها الفلسطينيون للبقاء في منازلهم، بداية من اللجوء إلى المحكمة في إسرائيل واستمرار التقاضي على مدار 22 عامًا مرورًا ببناء المستوطنات في محيط المنطقة.
المخرج الإسرائيلي تلقى اتهامات بالقتل من جيش الاحتلال، فالمستوطنون الداعمون لإخراج الفلسطينيين من منازلهم يقومون بتصويره ونشر بياناته عبر مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لتهديده.
وبالطبع ألمانيا قررت فتح تحقيق تتهم المهرجان بأكمله بمعاداة السامية خاصًا بعد الانتقادات التي وجهت على المنبر وذكر حرب السابع من أكتوبر وتمويل ألمانيا لإسرائيل، ولكن الناطقة باسم الحكومة الألمانية كريستيان هوفمان كان لها رأي آخر، أنه من غير المقبول إغفال ذكر هجوم حماس.
جمعهم فيلم ولكن يظل المصير مختلف
الفلسطيني باسل عدرا ابن المخيم الذي تناول أحداثه في الفيلم، كان يعلم أن هناك عدد قليل جدًا من الإسرائيليين في المجتمع الإسرائيلي ممن يقفون ضد الاحتلال وآلة القمع الموجودة بالمنطقة، فمشاركة الإسرائيلي يوفال إبراهام لم تقلقه بقدر ما منحه القوة على حد تعبيره.
مشاركة إبراهام ساعدت في خروج الفيلم للنور، وسهلت وصوله لقطاعات مختلفة، خصوصًا مع حصولهما على دعم من مهرجان “صندانس”في الولايات المتحدة، وهذا هو فرق الحياة بين يوفال وباسل، هناك تسهيلات لشخص وعراقيل لا تنتهي لشخص آخر.
يوفال إبراهام الإسرائيلي يعيش في ظل نظام مدني وباسل الفلسطيني في نظام عسكري، يوفال يتمع بحق التصويت، أما باسل فلا، ويسمح ليوفال بالتحرك بحرية في البلد، أما باسل مقيد في الضفة الغربية المحتلة.
الفصل العنصري بينهم جعل المخرج الفلسطيني يستغرق أكثر من 30 ساعة للوصول من منزله إلى برلين في وقت لم يستغرق فيه الإسرائيلي أكثر من 4 ساعات لكي يصل إلى العاصمة الألمانية، برغم أنهم يقيمون على بعد 30 دقيقة فقط من بعضهم البعض.
باسل عدرا والده اعتقل في طفولته لنضاله من أجل البقاء في المنطقة وعدم الخروج منها، وانتقلت المعاناة وازداد الخناق عليهم يومًا بعد الآخر، لتكون العائلات بين خيار الرحيل وخسارة الأرض أو البقاء للعيش في معاناة يومية لا تنتهي.. فبرغم حصول الاثنين على الجائزة ومشاركتهم بنفس الفيلم ولكن يظل مصيرهم مختلف على أرض الواقع.