مواجهة المتحرشين: موجة وهتعدى ولا “ثورة نسوية”؟
بواسطة ميرهان ياسر.
بعد الضجة الكبيرة اللى نتجت بسبب المتحرش أحمد بسام وحوادث التحرش والاغتصاب اللي ظهرت، ابتدى المجتمع المصرى، خاصًة البنات، يتكلم بجرأة وحماس عن حرية المرأة وحقوقها المهدورة فى المجتمع. ناس كتير شايفة إن دى موجة وهتعدى زي غيرها ومستغربين ليه الناس قررت تتكلم دلوقتى بالذات، وناس تانية شايفة إن دى “ثورة نسوية” و فرصة كبيرة لازم يستغلوها بكل الطرق.
ومن هنا، قررنا نتكلم عن الاسباب اللى بتمنع البنات إنها تتكلم، وليه قرروا يتكلموا دلوقتى ويركبوا الموجة اللى فى اعتقادنا إنها مش هتخلص غير لما البنات تحس بالرضا والامان.
جُمل كتير بنسمعها من وإحنا صغيرين فى البيت ومش واخدين بالنا إنها سبب فى معاناة ملايين البنات. “ما إنتى لو لابسة عدل ماكانش حصل الحصل”، “الناس هتقول علينا ايه”، “دة اللي إحنا اتربينا عليه”، “لما تتجوزى ابقى اعملى اللي انت عايزاه”، “عشان إنتِ بنت” وغيرهم جمل كتير، بيتزرعوا جوانا و بيشكلوا افكارنا وتصرفاتنا من غير ما نحس.
في الشرق الأوسط، وخاصة في الدول العربية، القواعد أو المعايير المجتمعية المستمدة من العادات والتقاليد بتلعب دور مهم في دعم التفرقة بين الجنسين، و ده سمح بوجود بعض أعمال العنف ضد الإناث اللى أغلب المجتمع بيعتبرها “حاجة عادية” وبيستغرب لما نتكلم فيها، زى التحرش، العنف الأسرى، ختان الاناث، الخ. المعتقدات دى بتأثر بالسلب على البنات نفسيًا وجسديًا، وده طبعًا يعتبرانتهاك لحقوقهم وحريتهم.
قضية التمييز الأنثوي بنشوفها قدامنا كل يوم، والمجتمعات العربية مقتنعة بأن لهم الحق في السيطرة والتدخل في حياة المرأة، حتى في الجوانب الدينية زى ملابس النساء اللى من المفترض أن تكون مسألة خاصة بيها.
المركز المصري لحقوق المرأة عمل استطلاع فى 2008 أظهر ان 99٪ من النساء المصريات تعرضوا للتحرش الجنسى والنسبة في نمو مستمر، ومعظم الرجال وجهوا اللوم على النساء عشان مش لابسين لبس “محترم”، ومعظمهم برضو أجمع إن الزى المناسب للبنت هو “الحجاب”. وهنا هنسأل كام سؤال بديهي: ياترى الـ 99٪ كلهم مش لابسين حجاب؟ هل الـ 99% مافيهومش أطفال؟ و اسئلة كتيرة لو سألناها مش هنلاقي أى مبرر للتحرش.
عشان كده، من الواضح إن المجتمع بينظر للمرأة على أنها كائن لازم يطيع “المعايير المقدسة”، ولو معملتش كده، فببساطة لازم تواجه العواقب وتُلام كمان، حتى لو كانت العواقب دى جرائم مروعة زى التحرش الجنسي أو الاغتصاب. وده كمان بيضغط على العائلات ويخليهم يفرضوا قيود أكثر على حركة المرأة وحريتها تحت مسمى الحماية.
وعشان نوضح ده أكتر، قررنا نتكلم مع داليا ذكي، Life Coach ومدربة علم النفس الايجابى اللي قالتلنا: “الانسان أكتر مخلوق قابل للتكيف، ومجتمعنا مهيأ الراجل والست من زمان أوى لمعتقدات معينة زي إن الولد دايمًا فى مكانة أعلى من البنت. كل ده بيدخل فى العقل الباطن وبيخلى الولد يتعامل على إن ده الطبيعى وإنه مهما عمل البنت هى الغلطانة، وطبعُا البنت بتتعامل دايمُا على إنها أضعف وانها لو اتصرفت عكس ده، هيكون غلط وعيب. وكمان عشان إحنا مجتمع اسلامى والدين ليه تأثير كبير علينا، فالمجتمع بيحط المفاهيم دى فى اطار دينى وأغلبنا بيمشى وراها من غير تفكير.”
وبمناسبة الدين، الأزهر الشريف صرح في بيان رفضه للوم الضحية أو اعتبارها شريكة في الإثم، موضحًا أن ملابس المرأة أيُا كانت ليست مبررُا للاعتداء على خصوصيتها وحريتها. وإن اى حد بيلقى اللوم على لبس البنت، فدة دليل على ضعف نفسه وعدم استقامتها.
دراسات كثير بتورى ضعف احتمالات إن النساء تبلغ عن جرائم “الشرف” زى الاغتصاب في المجتمعات العربية. نادرًا لما نشوف بلاغ رسمى أو حوار عام عن حوادث العنف المنزلي أو التحرش الجنسي أو الاغتصاب بسبب إن الضحايا الإناث بيتحطوا تحت ضغط من المجتمع والأسرة عشان ما يبلغوش عن الحوادث دى، لأن ده ممكن يضر بشرف العائلة. وحتى لما تبلغ بعض النساء عن حوادث زى دى، معظم الوقت مش بيتم توثيق البلاغ بشكل رسمي لأسباب كثيرة، زى حماية التراث الثقافي وإنكار وجود هذه الأعمال اللاإنسانية فى المجتمع، بغرض المحافظة على صورة المجتمع أمام العالم وتجنب العقوبات الدولية.
من الآخر، الضحايا بيخافوا يبلغوا عشان “العار والفضيحة”. وكمان بلاد عربية كتيرة، زى مصر، السعودية، والعراق، ممكن تجبر ضحايا الاغتصاب على الزواج من مغتصبيهم عشان حماية الشرف، حتى لو على حساب انتهاك الحقوق الإنسانية للضحية.
الستات عارفين أنه على الرغم من عدم عدالة قواعد المجتمع ، للأسف هيعانوا بشدة لو خالفوها. عشان كدة موجة احمد بسام كانت فرصة ذهبية لكل بنت كانت خايفة تتكلم، لما لقت إنها مش لوحدها وإن حقها ممكن يتجاب لو مسكت فيه كويس. ودى رسالة لكل بنت إنها تتكلم ومتسبش حقها، والمركز القومى للمرأة قال:”يمكن للضحايا التقدم بالشكوى إلكترونيًا للنيابة العامة عبر الرقم الهاتفي “01111755959” بتطبيق «واتس أب».
آخر كلمة: لازم نفهم التقاليد الموروثة قبل ما نطبقها، لأن التقليد الأعمى فيه إذلال كبير وعدم احترام للإناث، اللى هما نُص مجتمعنا بالضبط.