التعليم في مصر القديمة: أول مدرسة ومكتبة في تاريخ الإنسانية
“لا شيء يعلو على الكتب، الإنسان الذي يسير وراء غيره لا يُصيب نجاحًا، ليتني أجعلك تحب الكتب، لا توجد مهنة من غير رئيس لها إلا مهنة الكاتب هو رئيس نفسه، إنّ يومًا تقضيه في المدرسة يعود عليك بالنفع”، جزء من تعاليم خيتي دواوف لابنه بيبي 1300 ق.م في مصر القديمة.
مش هنستغرب لما نعرف إن التعليم في مصر القديمة كان حاجة اجتماعية مهمة، لإن قيام حضارة عظيمة زيّ حضارة مصر، أكيد كان محتاج نظام تعليمي ينقل علومها وفنونها وثقافتها، ويخلق من شعبها سياسيين واقتصاديين وفنانين.
ماكانش عند المصري القديم مدارس قائمة بذاتها، زيّ المنظومة التعليمية الحديثة، ولكن كان التعليم في البداية مقتصر على قصر الملك والنبلاء، وتعليم أبنائهم بس، ولكن امتد التعليم فيما بعد وشمل طبقات أكتر من المجتمع وأصبح المعبد هو مكان طلب العلم
سمى المصريين المدرسة “بر – عنخ” ومعناه بيت الحياة، وكانوا أحيانًا بيسموه “عت – سبا” مكان العلم، وسموا القائمين على التعليم “سباو” ومعناها النجم أو المرشد أو الهادي.
بيقول الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار السابق إن الـ “بر عنخ” كان أول مدرسة ومكتبة في تاريخ الإنسانية، وكانت مدرسة لتعليم مختلف المعارف، وأكاديمية للفنون.
كان الطفل بيتقدم للكهنة في المعبد علشان يتعلم، وكانت الأسرة بتقدم للمعبد عطايا في مقابل تعليم الابن، كانت الأم بتوصل ابنها للمعبد وتقف مع الكاهن اللي بيعلمه الكتابة والقراءة ومعاها الخبز والعسل والنبيذ.
كانت المدراس (المعابد) فيها مكتبات اسمها “برن سشو” أو بيت المخطوطات، وكان فيها برديات عن كل شيء، وتم استخدامها كمراجع للمعلمين والمتعلمين، وكانت الربة الحامية للمكتبات دي هي المعبودة “سشات”.
جت ملاحظة كتبها مُعلم لتلميذه في بردية بتقول: “لقد بلغني أنك أهملتَ دراستك وأنك تتسكع في الطريق، إنّ مثلك مثل المجداف المحطم، انظر إليّ عندما كنتُ صبيًا مثلك لقد مكثتُ في المعبد ثلاثة شهور لا أخرج منه، وعندما خرجتُ تفوقتُ على زملائي في العلم فافعل ما قلت لك”.
بتفكرك بالمدرسين وأساتذة الجامعة اللي بيحكولنا ازاي كانوا بيذاكروا على لمبة جاز وبقوا عظمة العظمة؟ تقريبًا المعلمين مابيتغيروش على مر الزمن!
نظام التعليم وأدوات الكتابة في مصر القديمة
يبدأ النظام التعليمي في مصر القديمة من سن أربع لعشر سنوات، وكان بيتلقى فيه التلميذ التعليم العام، وبيتعلم فيها الكتابة وقواعدها، أما المرحلة التانية من عشرة لـ 15 سنة هي مرحلة النسخ، وكان التلميذ بيتدرب فيها على الكتابة اللي درس قواعدها في مرحلة التعليم العام، وبينسخ النصوص المكتوبة، أما المرحلة التالتة فهي التعليم العالي، ودي كانت مرحلة اختيارية وبيتعلم فيها العلوم الدينية، والفنية، والمهنية، وبعض العلوم؛ زيّ الجغرافيا والحساب والطب والفلك.
بيوضح الدكتور ممدوح الدماطي، إن التعليم الأساسي للكتابة اتخصص له مبنى مستقل هو “عت سبا” وكان بيتبني مستقل أو ملحق بالمعبد، زي المدرسة الملحقة بمعبد الرامسيوم في عصر الدولة الحديثة.
اخترع المصري القديم ورق البردي وصنعه من نبات البردي اللي بيطلع على شاطئ النيل، وكتب على الحجر الجيري، وقطع الفخار المكسور اللي بنسميها النهارده “أوستراكا”، واستخدم كمان الألواح الخشبية اللي ممكن تتمسح ويُعاد استخدامها مرة تانية.
واستخدم أفلام البوص والدواة والمقلمة، وكانت الدواة فيها حفرتين؛ واحدة للحبر الأحمر، اللي استخدمه في كتابة العناوين، والتانية للحبر الأسود اللي استخدمه لكتابة باقي النص.
استمر نظام التعليم وأدواته في مصر بعد دخول العرب، وماتغيرش كتير لحد ما اتأسست جامعة الأزهر سنة 970 ميلاديًا، وبقت الدراسات الدينية والقرآنية واللغة العربية هي أساس التعليم، وإن احتفظت بدراسة بعض العلوم زيّ الجبر والفلك.
وفي عصر البطالمة، دخلت على النظم التعليمية في مصر تغيرات جت من اليونان مع أفكار جديدة، واتحولت الإسكندرية للمدينة الفكرية الأولى في العالم، بعدد مخطوطات فاق الـ 700000 مخطوطة في مكتبتها الشهيرة.
“أون” أول جامعة في العالم وملتقى الفلاسفة
كانت جامعة أون موجودة على أرض منطقة عين شمس الحالية، وكتب المؤرخ اليوناني هيروديت عن عظمتها، فجعل البطالمة بيتسابقوا على مصر علشان يتعلموا، وبيقول أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية، إن أفلاطون درس في جامعة أون، وإن فيثاغورس حاول يدخلها وفشل.
بيقول عشماوي إن أون كانت من أفضل الجامعات، واتخرج منها كبار الكهنة، وكان من أهم أساتذتها المهندس المصري أمنحتب، اللى قدسه المصريينن ولقبوه “وير ماؤو”، ومعناه كبير الناظرين، لإن كهنة عين شمس كانوا بيدرسوا حركات النجوم والشمس، وقدموا للعالم التقويم الشمسي اللي لسه بنستخدمه لحد النهارده.