مين هو حسين السيد.. الشاعر اللي كتب أجمل الأغاني المصرية القديمة
كان حسين السيد في بداية الأربعينيات شاب مصري عنده حلم إنه يكون نجم سينمائي، ولما قرأ في الجرايد إن محمد عبدالوهاب طالب وجوه جديدة تشاركه فيلم “يوم سعيد”. في يوم الـ audition وصل حسين ولقى عشرات الحالمين بحلم النجومية مستنيين دورهم في طابور. وهو في الطابور مستني دوره سمع إن عبدالوهاب بيدور على كلمات أغنية جديدة تناسب موقف معين في الفيلم ودي بالنسبة لحسين السيد كانت تاني فرصة لازم يقفشها في اليوم ده.
دخل على عبدالوهاب وعرف نفسه على إنه ممثل وشاعر. استغرب عبدالوهاب من الشاب الشجاع اللي قدامه ده، بس اداله الفرصة وطلب يشوف شغله. رجع السيد تاني يومه ومعاه كلمات أغنية “إجري إجري.. وديني قوام وصلني.. ده حبيب الروح مستني”. ودي كانت أول أغنية ما بين عبدالوهاب والسيد، وكملت علاقتهم الفنية وقدموا أكتر من 140 اغنية مع بعض.
كتب السيد أكتر من ألف أغنية في حياته وغنى له مطربين كُبار في الطرب المصري زيّ عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد فوزي وليلى مراد وشادية وصباح ونجاة وفايزة أحمد ووردة ووديع الصافي وشكوكو وعزيز عثمان وثلاثي أضواء المسرح وفؤاد المهندس وغيرهم.
رغم شهرة حسين السيد الكبيرة وشغله مع مطربين كُبار جدًا إلا إنه ماعملش ولا أغنية واحدة مع أم كلثوم، والسبب في ده هو الخوف منها، على حسب كلام بنته الدكتورة حامدة السيد، اللي قالت إن محمد عبدالوهاب كان دايمًا بيحذره من أم كلثوم اللي بتحب تغير كلمات الأغنيات اللي بتتعرض عليها.
لما جات فرصة التعاون بأم كلثوم والسيد كانت أغنية “في يوم وليلة” وحصل فعلًا اللي كان عبدالوهاب حذره منه وطلبت أم كلثوم تغيير بعض الكلمات بالفعل، لكن السيد رفض بقوة لإنه بيعتز بكلماته اللي من وجهة نظره مش بتقبل التغيير من أي حد حتى لو كان الحد ده هو كوكب الشرق، والأغنية راحت لوردة الجزائرية.
قراءة في شعر حسين السيد
اللي بيميز شعر حسين السيد هو الإعتزاز بالكلمة، دايمًا هتلاقي كل كلمة عنده ليها قيمة محورية في الأغنية، وضبط اللغة بطل تاني في التركيبة الشعرية الجميلة اللي بتعمل أغاني السيد.
أغنية أهواك مثلًا رغم إنها أغنية قصيرة جدًا إلا إن الأبيات تتميز بغزارة الكلمات واختلافها رغم إن كل كلمة مرتبطة بالمعنى المقصود بشكل وثيق.
وأغنية وقدرت تهجر مثلًا، اسمع الكلمات هتحس إن كل سطر في الأغنية بيسلم للسطر اللي بعده في تركيبة لغوية تحسها نسيج من خيوط متداخلة بتعمل كيان جديد.
حسين السيد كان عبقري في التعبير عن إحساس المرأة وعنده قدرة على تقمص شخصيتها ومعايشة تجربتها الشعورية، والنتيجة كانت دايمًا أغاني قوية جدًا من حيث الواقعية والإحساس والمعنى. فكتب عن المرأة المخدوعة اللي بتقرأ جوابات المحبوب، والمرأة الجميلة المغرورة في “الدوامة”، والمراهقة اللي بتحب أول مرة في “ساكن قصادي”.
أما أعظم أغاني حسين السيد، من وجهة نظر الكاتب، هي الأغاني الدرامية. السيد قدر يخلق ملحمة درامية بسيطة في كلمات أغانيه، وتميزت أغانيه الدرامية بإنها سلسة وجذابة وتوصل للجمهور بسهولة.
اسمع أغنية عبدالحليم حافظ اللي كتبها السيد “فاتت جمبنا” وازاي بيحكي قصة اتنين صحاب ماشيين في السكة وفاتت جمبهم بنت جميلة وضحكت والاتنين اتشغلوا ومش عارفين الضحكة لمين.
وبعدين بنعيش مع عبدالحليم الأسمراني اللي داب خلاص وعشق ومشغول وقلقان عايز يعرف كانت الضحكة لمين، وبيعيشنا السيد قسوة التردد والخوف والقلق، لحد ما نوصل للجواب اللي بيبعته للبنت بيسألها بتضحكي لمين وبعدين ترد عليه في نهاية درامية مناسبة جدًا للملحمة الرومانسية دي ويغني عبدالحليم:
وجاني الرد .. جاني.. ولقيتها بتستناني
وقالت لي أنا من الأول بضحك لك يا أسمراني
اسمع كمان ازاي عبدالحليم بيسيطر على الجمهور وبيثيرهم وبيجبرهم يستنوا ويشوشهم ويخدعهم ويلعب على أوتار مشاعرهم لحد ما يوصل للنهاية والجمهور يصيح في إنتصارة الحب الأخيرة. أغنية رائعة من شاعر عبقري ومطرب مبدع.