بعد جدل ظهورها في مسلسل معاوية.. ماذا نعرف عن هند بنت عتبة والدة معاوية بن أبي سفيان؟
منذ عرض الحلقة الثالثة من مسلسل “معاوية” في رمضان 2025، اشتعل الجدل حول طريقة تقديم شخصية هند بنت عتبة، والدة معاوية بن أبي سفيان، خاصة بعد الانتقادات التي طالت المسلسل بسبب مظهر الشخصية وملابسها، التي اعتبرها البعض لا تعكس البيئة الجاهلية.
ومع تصاعد السخرية والانتقادات، فضّل آخرون الغوص في الجانب التاريخي لهذه الشخصية المثيرة للجدل، واستكشاف مرحلة التحول الكبرى في حياتها، التي جعلتها واحدة من أبرز الأسماء المؤثرة في التاريخ الإسلامي.
من هي هند بنت عتبة؟ وما الدور الذي لعبته في تلك الحقبة المفصلية؟
لا تفوت قراءة: الدكتورة زينب السعيد.. من هي أول امرأة تقدم الفتاوى في بث مباشر؟
هند بنت عتبة.. سيدة قريش التي كسرت القيود
ولدت هند بنت عتبة في بيت من بيوت سادة قريش، فهي ابنة عتبة بن ربيعة، أحد أبرز حكماء قريش وقادتها. اشتهر والدها بالرأي السديد والنفوذ القبلي، ما منح هند مكانة رفيعة في مجتمعها.
من ناحية أخرى، تزوجت هند من أبي سفيان بن حرب، أحد قادة قريش البارزين، ورُزقت منه بابنها معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية لاحقًا.
تميزت هند بشخصيتها القوية، فلم تكن امرأة عادية. وقفت في وجه الظلم ولم تسمح لأحد أن يقهرها أو ينال من كرامتها.
أما في زواجها الأول من الفاكه بن المغيرة المخزومي، واجهت اتهامه لها بالزنا بشجاعة. لم تستسلم أو تبكِ، بل دافعت عن نفسها بذكاء حتى أثبتت براءتها، ثم هجرته بلا تردد.
تجسد قصة هند بنت عتبة نموذجًا نادرًا للمرأة العربية القوية، التي تحدت الأعراف وتمسكت بكرامتها في مجتمع شديد المحافظة.
لا تفوّت قراءة: أقوى البرامج الرمضانية في 2025.. جرعة مضحكة ورسائل إنسانية في موسم استثنائي
هند بنت عتبة.. من أشد معارضي الإسلام إلى أبرز سيداته
في بداية الدعوة الإسلامية، كانت هند بنت عتبة من أشد المعارضين للإسلام، فقد حملت كراهية شديدة للمسلمين في أولى سنوات الدعوة.
اشتهرت بموقفها تجاه حمزة بن عبد المطلب بعد معركة أُحد، حيث ارتبط اسمها بحادثة التمثيل بجثته، إلا أن العلماء اختلفوا حول صحة هذه الرواية، حتى أكد مرصد الفتاوى براءتها من تلك الواقعة.
تضاعف غضبها بعد غزوة بدر، حين فقدت أقرب الناس إليها؛ والدها عتبة بن ربيعة، وعمها شيبة بن ربيعة، وابنها حنظلة بن أبي سفيان، وأخيها الوليد بن عتبة، ما زاد من حقدها على المسلمين.
لكن بمرور الوقت، تحرر قلبها من هذا العداء، فدخلت الإسلام بقناعة وإيمان. وبنفس القوة التي واجهت بها المسلمين، أصبحت تدافع عن الدين، تسأل عن الحق، وتشارك في الجهاد.
لم تكتفِ بإسلامها، بل تحولت إلى إضافة قوية للأمة، فبعد أن كانت تُحمس جيوش قريش لقتال المسلمين، أصبحت تُشجع المسلمين في المعارك، وكان لها دور بارز يوم اليرموك، حيث شجعت المسلمين في معركة ضد مئتي ألف رومي، لتكون من أسباب تحقيق النصر.
بيعة هند للنبي.. اللحظة التي غيّرت كل شيء
بعد فتح مكة، أقبل أهلها يبايعون الرسول ﷺ على الإسلام، وكانت هند بنت عتبة من بينهم، في موقف يعكس قوة شخصيتها وتحولها الجذري.
كما ورد في الرحيق المختوم، دخلت هند إلى مجلس البيعة منتقبة ومتنكرة، لا يريد أحد أن يعرفها، فالرسول ﷺ كان قد أهدر دمها قبل إسلامها. ومع ذلك، جاءت لتبايع، غير آبهة بالخطر.
كانت بيعة النساء تقوم على عدم الشرك، السرقة، الزنا، قتل الأولاد، الافتراء، وعدم معصية الرسول في المعروف. لكن هند لم تمرر أي شرط دون استفسار، حتى عند قول النبي ﷺ: “ولا تزنين”، اعترضت قائلة: “وهل تزني الحرة؟!”.
حينها، أدرك النبي ﷺ من تكون، لحظة فاصلة في حياتها، ترقبت فيها ردة فعله. لكنها فوجئت بعفوه وقبوله لإسلامها دون تردد، ليكمل البيعة، ويمنحها فرصة جديدة في تاريخها.
لا تفوت قراءة: ماذا نعرف عن مسلسل معاوية في رمضان؟ أضخم إنتاج درامي تاريخي يترقبه المشاهدون!
هند بنت عتبة.. بصمة في الأحكام الإسلامية ورؤية ثاقبة في تربية الأبناء
لم يكن دور هند بنت عتبة مقتصرًا على المواقف الحربية أو السياسية، بل امتد إلى إرساء بعض الأحكام الإسلامية المهمة.
كان لها دور في تقرير أن نفقة الزوجة لا تسقط بغناها أو بعملها، فإذا امتنع زوجها عن إعطائها حقها المالي، كان لها أن تأخذ منه بالمعروف دون علمه.
إلى جانب ذلك، عُرفت هند بحكمتها وعلو همتها في تربية ابنها معاوية بن أبي سفيان، فقد رأت فيه قائدًا قبل أن يصبح كذلك.
عندما قال لها أحد المتفرسين من العرب: “أتوسم في ابنك أن يسود قومه”، فردّت بثقة: “ثكلته إن لم يسد إلا قومه”، وكأنها كانت ترى مستقبله بوضوح، وقد تحقق مرادها حين أصبح مؤسس الدولة الأموية وأحد أبرز حكام التاريخ الإسلامي.