رحلة رامي مالك إلى ممشى المشاهير في هوليوود ليست مجرد قصة نجاح عادية، بل هي ملحمة إصرار وموهبة وتغيير حقيقي في مشهد السينما العالمية.
في مدينةٍ لا تعترف إلا بالنجوم، خطف رامي مالك الأضواء مجددًا، حيث نُقشت بصمته رسميًا على ممشى المشاهير في هوليوود، ليصبح أول ممثل من أصول مصرية يحصل على هذه النجمة اللامعة.
إنها لحظة فارقة تختزل رحلة عمرها عقدان، بدأت من أدوار هامشية في مسلسلات تلفزيونية، إلى صعوده على خشبة الأوسكار، وتحوّله إلى اسم لامع في أفلام عالمية كـ”أوبنهايمر”.
بين الطموح والمثابرة، وبين التحديات والفرص، نسج مالك قصة نجاح قلّ نظيرها، تحدّى فيها الصور النمطية وهزم التوقعات، ليُثبت أن الموهبة قادرة على كسر كل الحواجز.
وبمناسبة هذا الإنجاز التاريخي، نأخذكم في جولة عبر أهم المحطات التي شكّلت شخصية رامي مالك الفنية، وكيف استطاع بإبداعه وقدرته الفريدة أن يصنع بصمة لا تُمحى في تاريخ صناعة السينما.
لا تفوّت قراءة: من “خالصين” إلى “ابتدينا”.. رحلة في أناقة عمرو دياب الكلاسيكية
متى ينضم رامي مالك إلى ممشى المشاهير في هوليوود؟
في أوائل شهر يوليو من العام الحالي 2025، أعلنت لجنة ممشى المشاهير في هوليوود عن منح رامي مالك نجمة باسمه ضمن فئة السينما، تقديرًا لموهبته ومسيرته الاستثنائية.
ومن المرتقب إقامة حفل إزاحة الستار عن النجمة في 2026، وسط حضور جماهيري وإعلامي كبير يُواكب هذا الحدث الرمزي.
بهذا الإنجاز، يُخلّد اسم رامي مالك في الشارع الذي لا يمنح نجومه إلا لمن تركوا بصمة خالدة في عالم الفن والثقافة الشعبية.
لا تفوّت قراءة: قانون تملّك الأجانب للعقارات في السعودية.. ما الإجراءات والمناطق المسموح بها وشروط الشراء؟
كيف بدأت رحلة رامي مالك من حيّ في لوس أنجلوس إلى شوارع النجومية؟
وُلد رامي سعيد مالك في 12 مايو 1981 بمدينة لوس أنجلوس، لأبوين مصريين مهاجرين يحملان ثقافة مختلفة وطموحات تقليدية لأبنائهما.
ورغم نشأته في الولايات المتحدة، تحدّث رامي مرارًا عن التوتر الذي شعر به نتيجة العيش بين ثقافتين وهوية مزدوجة.
وكان والده مرشدًا سياحيًا سابقًا في القاهرة، ثم انتقل للعمل بالتأمين في أمريكا، بينما عملت والدته في مجال المحاسبة.
وكان والداه يتمنيان له مسارًا مهنيًا مستقرًا، لكن رامي اختار المسرح ودرس الفن في جامعة إيفانسفيل بولاية إنديانا.
لاحظ أساتذته موهبته مبكرًا، وشجّعوه على متابعة حلمه في التمثيل، ما منحه الثقة في طريق بدا صعبًا وغير مضمون.
بعد تخرّجه عام 2003، عاد إلى لوس أنجلوس، وبدأ البحث عن أدوار، بينما كان يعيش مع أسرته ويعمل بوظائف جانبية متفرقة.
وفي عام 2004، حصل على أول فرصة له بدور صغير في مسلسل “Gilmore Girls”، وكانت تلك اللحظة بمثابة انطلاقته الأولى نحو النجومية.
لا تفوّت قراءة: كنوز مخفية في سانت كاترين لعشّاق المغامرة: اكتشف روعة الوديان الست في قلب سيناء
ما الأدوار التي مهّدت طريق رامي مالك نحو النجومية؟

في عام 2005، حصل رامي مالك على أول دور متكرر في المسلسل الكوميدي “The War at Home”، مجسّدًا شخصية “كيني”، مراهق في صراع داخلي.
ورغم توقّف المسلسل مبكرًا، لفت مالك الأنظار بأدائه الصادق وقدرته على إيصال مشاعر الشخصية بواقعية وعفوية.
ثم جاءت نقطة التحوّل الكبرى عام 2010 عبر مشاركته في المسلسل الحربي القصير “The Pacific”، من إنتاج ستيفن سبيلبرغ وتوم هانكس.
وأدى دور العريف “سنافيو” شيلتون، شخصية معقّدة نفسيًا، ونال إشادة نقدية واسعة بفضل أدائه العميق والمؤثر.
وفي العام ذاته، ظهر في الموسم الثامن من مسلسل “24”، بدور “ماركوس الزكار”، انتحاري يعيش صراعًا داخليًا ممزقًا.
لا تفوّت قراءة: ما الجديد في مطار القاهرة الدولي؟ 7 خدمات ذكية قد تغيّر رحلتك كليًا!
كيف ساعدت أدواره مع نجوم كبار في صقل موهبته وصعوده؟

بين عامي 2006 و2014، قدّم رامي مالك أدوارًا ثانوية متنوعة في السينما والتلفزيون، مؤسسًا لهوية فنية متفردة بثبات وهدوء.
برز بشكل لافت في سلسلة أفلام “Night at the Museum”، بدور الفرعون “أخمين رع”، إلى جانب بن ستيلر وروبن ويليامز وستيف كوجان.
من خلال هذه الأعمال العائلية، نال مالك شهرة جماهيرية أوسع، وأثبت تميّزه ضمن فرق تمثيلية كبيرة ومتنوعة.
لكن طموحه تجاوز الكوميديا، فتوجّه إلى أدوار درامية أكثر تعقيدًا، مثل مشاركته اللافتة في فيلم “The Master” عام 2012.
في هذا العمل، أدّى دور صهر شخصية فيليب سيمور هوفمان، ووقف أمام أسماء كبيرة مثل خواكين فينيكس وآيمي آدامز.
كما شارك في فيلم “Short Term 12” عام 2013، بجانب بري لارسون، مؤكدًا قدرته على التأثير حتى في الأدوار الصامتة والبسيطة.
لا تفوّت قراءة: الشاورما اللبنانية أفضل ساندويتش في العالم.. 9 مطاعم عربية لا بد من تجربتها بالشرق الأوسط
كيف غيّر Mr. Robot مسار رامي مالك وجعل منه نجمًا عالميًا؟

في عام 2015، دخل رامي مالك مرحلة جديدة من التألق، حين اختير لأداء دور البطولة في مسلسل Mr. Robot من تأليف سام إسماعيل.
جسّد شخصية إليوت ألديرسون، مهندس أمن سيبراني مضطرب نفسيًا، ينضم إلى مجموعة اختراق سرّية لإسقاط الشركات الفاسدة.
نال المسلسل إشادة نقدية واسعة، وأصبح من الأعمال المفضلة لدى جمهور النخبة بفضل عمقه النفسي وأسلوبه المختلف.
قدّم مالك أداءً مدهشًا، اتسم بالهدوء والتوتّر والصدق، ما جعله يفوز بجائزة إيمي عام 2016 كأفضل ممثل في دور رئيسي.
بهذا الفوز، أصبح أول ممثل من أصول مصرية ينال هذه الجائزة، مما رسّخ مكانته كنجم درامي من الطراز الرفيع.
استمر المسلسل لأربعة مواسم ناجحة، وثبّت اسم مالك كأحد أبرز وجوه الدراما التلفزيونية في هوليوود.
لا تفوّت قراءة: من عمرو دياب إلى تامر حسني.. أغانٍ تجمع نجوم الفن في دويتو عائلي مؤثر مع أبنائهم
كيف قاد Bohemian Rhapsody رامي مالك إلى قمة المجد في هوليوود؟
بعد نجاحه في Mr. Robot، ارتقى رامي مالك إلى مستوى جديد من النجومية بتجسيده شخصية فريدي ميركوري في فيلم Bohemian Rhapsody.
أمضى شهورًا في التدريب، درس فيها حركات المغني، وأسلوبه، وتفاصيله النفسية، ليقدّم أداءً استثنائيًا قريبًا من الواقع.
ورغم الانتقادات الموجّهة للفيلم، إلا أن أداء مالك نال إجماعًا نقديًا وجماهيريًا، واعتُبر قلب الفيلم النابض.
في عام 2019، توّج أداؤه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل، ليصبح أول عربي يحقّق هذا الإنجاز السينمائي المرموق.
كما حصد أيضًا جوائز بافتا، وغولدن غلوب، ونقابة الممثلين SAG، مؤكّدًا تفوّقه الفني عالميًا.
وفي خطاب فوزه، قال مالك: “أنا ابن لمهاجرَين مصريّين… أروي قصة مهاجر آخر تحدّى التوقعات وكسر القواعد”.

كيف جسّد رامي مالك أحد أشرس أعداء جيمس بوند؟

بعد تتويجه بالأوسكار، قرر رامي مالك خوض تجارب جديدة، فشارك عام 2021 في فيلم The Little Things بدور محقّق شاب وسط جريمة غامضة.
وظهر إلى جانب دينزل واشنطن وجاريد ليتو، وقدّم أداءً متزنًا في أجواء مليئة بالتوتر النفسي والغموض البوليسي.
وفي نفس العام، تألّق مالك بدور “ليوتسيفر سافين”، الخصم الرئيسي في فيلم No Time to Die، آخر أفلام دانيال كريغ كـ”جيمس بوند”.
وجسّد شخصية إرهابي بيولوجي يسعى للانتقام، تميّز بالغموض والهدوء المهدّد، وبأسلوب مختلف عن خصوم بوند التقليديين.
وأضفى مالك على الشخصية بُعدًا نفسيًا عميقًا، ما جعل “سافين” أحد أكثر الأشرار تميّزًا في سلسلة أفلام بوند الأخيرة.
لا تفوّت قراءة: فريسكا في إيدك وسماعة في ودنك؟ 7 أغاني تسمعها على شاطئ البحر!
كيف يواصل رامي مالك تحدي ذاته واختيار أدوار غير متوقعة؟
في عام 2023، فاجأ رامي مالك الجمهور بدور صغير لكن محوري في فيلم Oppenheimer لكريستوفر نولان، حيث ظهر في مشهدٍ فاصل، قدّم فيه أداءً هادئًا عميقًا أثبت مجددًا قدرته على ترك الأثر حتى في أقل اللحظات.
ثم عاد هذا العام إلى أجواء الغموض والتقنيات، في فيلم The Amateur، بشخصية خبير شيفرات في وكالة الاستخبارات المركزية، إلى جانب جون بيرنثال ولورانس فيشبورن، مستعيدًا شيئًا من روح شخصية “إليوت” من Mr. Robot، لكن بنضج سينمائي واضح.
ويستعد مالك حاليًا لتجربة جديدة في فيلم Nuremberg، دراما تاريخية مقتبسة من كتاب The Nazi and the Psychiatrist، إلى جانب راسل كرو، مايكل شانون، وريتشارد إي. غرانت، ومن المتوقع عرضه لاحقًا هذا العام.
