لبنان.. ماذا بعد الإفلاس
خبر مؤسف أعلن عنه سعادة الشامي، نائب رئيس الحكومة اللبنانية، وهو إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي في تصريحات كان لها صدى واسع، وقال إن الخساير هتتقسم على الدولة ومصرف لبنان وبقية البنوك والمودعين، اللي قال عنهم إن الدولة هتسعى لتقليل خسايرهم .. هنحاول نفهم في الفقرات الجاية من المقال أزمة لبنان الاقتصادية وتأثير ده على الدولة والمواطنين في لبنان.
حاول مصدر حكومي لبناني التقليل من التصريحات ووصفها بغير الرسمية وأشار إن تصريحات نائب رئيس الحكومة “تأتي من وحي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.. وبالتالي فإن هذا التصريح “ليس إعلانًا رسميًا” عن إفلاس لبنان.”
لبنان بيعيش أزمة اقتصادية حادة من سنين طويلة، وهي الأزمة اللي زودتها حالة التناقض السياسي في بلد منقسمة طائفيًا، وده أدى لوضع صعب مع الجهات الدولية المانحة والدول القريبة من لبنان زيّ السعودية؛ وده اللي وصّل الوضع في الآخِر لكارثة اقتصادية وسط توتر إقليمي وأزمة عالمية.
بسبب السنوات القليلة الأخيرة وتصاعد الأحداث الداخلية بشكل تدريجي، وصل لبنان للحظة الحالية؛ ثورة في الشوارع بسبب قرارات سياسية واقتصادية وفساد داخلي ظهر بشكل واضح في انفجار “مرفأ بيروت” في 2020، اللي كان بسبب حريق امتد من منطقة تخزين وأدى لتفجير كمية كبيرة من نترات الأمونيوم وهو اللي اتسبب في وفاة 300 شخص وإصابة 6500. وقبلها بكام سنة كان في أزمة تراكم الزبالة في الشوارع، اللي اتسببت في مظاهرات شبابية كبيرة في الشوارع، واستهدفت شعارات التنوع السياسي وتفكيك البنية الطائفية الحاكمة في لبنان اللي مرتبطة بالنخب المالية والاقتصادية، واللي بدورها بتسيطر على قطاع البنوك المسئول عن الأزمة الاقتصادية والتعثر عن سداد الديون.
“يسقط حكم المصارف”
شعار “يسقط حكم المصارف” فضل أهم شعارات مظاهرات اللبنانيين، وهو شعار ماجاش بالصدفة لإن القطاع المصرفي اللبناني هو واحد من أقوى القطاعات المصرفية العربية نفوذًا في السياسية داخليًا وخارجيًا.
النفوذ ده اتشكل في فترة ما بعد الحرب الأهلية في نهاية التسعينيات، واستمر النفوذ ده في التوسع ودخل البنك المركزي أو مصرف لبنان وبنوك تانية في شراكة طويلة في الاستثمارات.
في نفس الوقت ده عانى اللبنانيين من أزمات مزمنة بسبب عجز الميزانية في بلد صغير بيعتمد على السياحة بس تقريبًا، وهو اللي خلى البنك المركزي يستلف من البنوك العالمية بفوايد عالية؛ وبالتالي أدى لتدفق الدولار بشكل كبير والاعتماد عليه، وبقى الدولار أداة بيع وشراء رئيسية. اقتصاد لبنان هو اللي بيُطلق عليه الخبراء الاقتصاديين “الاقتصاد الهش”، لإن بمجرد ما “تدفق” الدولار يقل أو يقف، بتتعرض البلد لأزمات اقتصادية شديدة.
في 2019، استثمرت البنوك 76 مليار دولار في سندات الحكومة اللبنانية مقارنة ب 18 مليار دولار في 2010، والدافع الرئيسي للاستثمارات دي هو فوايد السندات العالية اللي بيدفعها مصرف لبنان المركزي، وهو اللي أدى لنتيجة كارثية ممكن نسميها “دولرة الاقتصاد اللبناني”، بمعنى زيادة اعتماده على الدولار وارتباطه بشكل أكبر بسوق السندات السيادية الدولية.
إيه الحل؟
لبنان بيواجه موقف صعب بيزود من معاناة اللبنانيين العاديين اللي متعايشين أصلًا مع كارثة اقتصادية من فترة طويلة، واللي المسئولين فيها قدام خيارين هما؛ إعادة التفاوض حوالين الفوايد المستحقة للبنوك والمستثمرين بشطبها أو تقليلها، بس حتى لو نجحت لبنان في ده، هيبقى قدامها لسه طريق طويل هيتم فيه الضغط على المواطنين بفرض ضرايب ضرورية لزيادة إيرادات الدولة. الحل التاني هو اللجوء لصندوق النقد الدولي، وهو حل ممكن يدخل البلاد في دوامة جديدة من الديون جنب الدوامة الحالية، وده علشان القروض غالبًا هتُستخدم في سداد فوايد وأقساط ديون سابقة.
أصل المشكلة ببساطة
مسألة التخلف عن دفع الديون مش هي السبب الرئيسي في اللي وصله الاقتصاد اللبناني، لإن التخلف عن دفع الديون دي بيضر المستثمرين بس، لكن المشكلة الرئيسية هي ازاي عالجت حكومات لبنان أثارها، وده اللي بيطرح برضه أسئلة عن الحلول السياسية للحكومة الحالية.. هل هتكون منحازة للأغنياء وتعيد إنتاج الوضع القائم، اللي هيأثر على الوضع الاقتصادي وهيبقي سيء أكتر في المستقبل؟
لبنان بلد بيعاني من نخبته السياسية الحاكمة المنقسمة طائفيًا، والنخبة دي استفادت من الإستثمار في أدوات الدين الحكومية في الوقت اللي عانى منها بس المواطن العادي.. دافع الضرايب اللي مستني منهم دلوقتي حل جذري لبلد وصل للإفلاس.