في السينما والدراما: أعمال فنية غيرت قوانين مصرية
رغم إن مفهوم ناس كتير عن الفن إنه وسيلة للتسلية فقط، إلا إن الفن له قيمة أكبر بكتير من مجرد التسلية. واختلف الفلاسفة في تحديد قيمة الفن سواء جمالية أو أخلاقية، أو الاتنين مع بعض، لكن ماحدش يختلف على إن الفن مرآة صادقة ومنمقة تعكس واقع المجتمع أو مكنون نفس الفنان.
ولإن الفن عنده القدرة على الوصول لقلوب وعقول المشاهدين بسهولة، تحول لمرآة تقدر من خلال انعكاسها للواقع إنها تعمل تغييرات جذرية في ثقافة الشعوب وعقليتها الجمعية، وشوفنا التغيير بشكل واضح في مسلسل “تحت الوصاية” مؤخرًا، وقدرته على إحداث جدل واسع في الشارع المصري أدى لاستجابة الرئيس السيسي له وقراره بتعديل قانون الوصاية.
ونستعرض لكم أبرز الأعمال الفنية المصرية التي أثارت الجدل، ونجحت في إحداث تغييرات جذرية في القوانين المصرية على مر العصور:
فيلم “جعلوني مجرمًا” سنة 1954
بطولة يحيى شاهين، وهدى سلطان، وسراج منير، ومحمد رضا، ومن إخراج عاطف سالم.
كتب فريد شوقي قصة الفيلم بنفسه، ويُقال إنها قصة حقيقية حصلت مع مراهق خرج من الإصلاحية بعد ما اتعاقب على جريمة ارتكبها قبل سن الرشد، ولكن بعد ما خرج من الإصلاحية واجهته ظروف صعبة جدًا بالذات إنه ماقدرش يلاقي شغل شريف بسبب سابقته الأولى، فبيقرر ينتقم من كل الناس ظلمته.
بعد عرض الفيلم، اتحركت عواطف المصريين وتعاطفوا مع شخصية البطل، وسبب الفيلم تحرك الجهات الرسمية وصدر قانون مصري نص على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية علشان يقدر المخطئ يبدأ حياة جديدة.
فيلم “كلمة شرف” سنة 1973
بطولة فريد شوقي، وأحمد مظهر، ورشدي أباظة، ومن إخراج حسام الدين مصطفى.
بيحكي الفيلم قصة سالم اللي اتقبض عليه في جريمة مارتكبهاش، ويتسجن ويتعذب في السجن، وأكتر لحظة مؤلمة في الفيلم لما يعرف إن مراته في حالة خطرة وإنها بتموت ويطلب من مأمور السجن يخرج فترة قليلة علشان يشوف مراته قبل ماتموت، فيوافق المأمور رغم إن ده ضد القانون وقتها. وفي الوقت اللي سالم برا السجن بيزور مراته تحصل زيارة في السجن من رتبة كبيرة بيتمم فيها على المساجين، يخلص سالم مهمة الزيارة، ويرجع في الوقت المناسب للسجن.
يعتبر واحد من أهم أفلام السينما المصرية، واتسبب بعد عرضه فى السينما في حراك اجتماعي كبير طالب بتعديل واحد من أهم قوانين السجون، وبعد عرض الفيلم، تم إعادة صياغة القوانين علشان تسمح للمسجون بزيارة أهله بضوابط محددة، بالذات أفراد عيلته اللي مايقدروش يزوروه في السجن لأسباب مختلفة.
فيلم “أريد حلاً” سنة 1975
بطولة فاتن حمامة، ورشدي أباظة، وأمينة رزق، ومن إخراج سعيد مرزوق.
بيحكي الفيلم عن درية وزوجها الدبلوماسي مدحت اللي بتتحول الحياة مابينهم لجحيم فتطلب منه الطلاق، ولما يرفض، ترفع دعوى للطلاق منه، وتدخل درية في متاهات المحاكم وتتعرض لسلسلة من المشاكل والعقبات اللي تهين كرامتها. وتتعقد الأمور لما يجيب مدحت شهود زور يشهدوا ضدها في جلسة سرية. وتخسر قضيتها بعد أكتر من أربع سنين في المحاكم.
ساعد الفيلم في إعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية، والسماح للست المصرية بحق الخلع والتخلي عن زوجها، بشرط التخلي عن كل مستحقاتها وحقوقها المادية.
فيلم “الشقة من حق الزوجة” سنة 1985
بطولة معالي زايد، ومحمود عبدالعزيز، ونعيمة الصغير، ومن إخراج عمر عبدالعزيز.
بيحكي الفيلم قصة سمير وهو موظف جديد في واحدة من المصالح الحكومية، اللي يتجوز سميرة بعد قصة حب، بس تبدأ المشاكل المادية بمجرد ولادة طفلتهم الأولى، يشترى سمير تاكسي بالتقسيط علشان يقدر يصرف على الأسرة لكن كريمة تحس بالملل بسبب انشغال سمير عنها وتشجعها أمها نازلي على طلب الطلاق، ويتم الطلاق فعلًا بشكل سريع، ويبدأ النزاع بخصوص حق ملكية الشقة.
قبل عرض الفيلم كان القانون بينص على بقاء الزوجة في الشقة لحد ما تنتهي فترة الحضانة اللي بتوصل لـ 15 سنة، ولكن بعد عرض الفيلم، طلب اتحاد نساء مصر توصيات اللجنة القانونية اللي تم عقدها علشان تجهز تعديلات خاصة بقانون الأحوال الشخصية بهدف تحقيق العدالة بين أفراد الأسرة.
نجح الفيلم في إضافة واحد من أهم البنود اللي الممكن إضافتها لعقد الزواج، وهو بند تحديد من هيكون له حق الانتفاع وحده بمنزل الزوجية في حالة الطلاق.
فيلم “عفوًا أيها القانون” سنة 1985
الفيلم من بطولة محمود عبد العزيز، ونجلاء فتحي، وفريد شوقي، وهياتم، ومن إخراج إيناس الدغيدي.
تدور احداث الفيلم حول “هدى” الأستاذة الجامعية التي تتزوج من الدكتور علي “محمود عبد العزيز” ، وتكتشف بعد الزواج بأنه لديه عقدة نفسية بسبب عجزه جنسيًا نتيجة رؤيته لخيانة زوجة أبيه في الصغر، وستساعده (هدى) في تخطي هذه الأزمة النفسية، ولكنه سينخرط في علاقات نسائية متعددة وبخاصة مع “لبنى” زوجة مدير المطبعة التي تطبع مؤلفاته، وتكتشف هدى خيانته لها وتطلق عليه الرصاص حتى يموت، ويتم الحكم عليها بالسجن لمدة 15 عام.
يركز الفيلم على تسليط الضوء على قانون العقوبات الخاص بقضايا الزنا، وأن القانون في حد ذاته ظالم للمرأة لأنه تم الحكم عليها بـ 15 سنة سجن مع الشغل والنفاذ، في حين أن الرجل إذا ارتكب نفس الجريمة وقتل زوجته في هذا الوضع، فإنه سيتم الحكم عليه بشهر واحد فقط مع إيقاف التنفيذ باعتبارها جنحة وليست جناية.
فيلم “باب الحديد” سنة 1958
الفيلم من بطولة هند رستم وفريد شوقي ورشدي أباظة وحسن البارودي وعبد العزيز خليل، ومن إخراج يوسف شاهين.
تدور أحداث الفيلم حول بائع جرائد صعيدي (قناوي) يعاني من مشاكل عقلية، ويعمل في محطة قطار القاهرة، والذي يقع في حب هنومة (هند رستم) بائعة زجاجات المياه الغازية، ولكنها تحب أبو سريع (فريد شوقي) الذي يعمل هو اﻵخر في المحطة، وتدور الأحداث حول فكرة إقامة نقامة عامة للشيالين تضمن حقوقهم.
نجح الفيلم في التأثير على الرأي العام المصري، وتم تصنيفه في المركز الرابع ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وبالفعل تأسيس نقابة للشيالين عقب عرض الفيلم مباشرة.
فيلم “آسفة أرفض الطلاق” سنة 1980
من بطولة ميرفت أمين، وحسين فهمي، ومن إخراج إنعام محمد علي.
بيحكي الفيلم عن منى اللي أفنت حياتها علشان زوجها وبعدين يفاجأها في عيد زواجهم العاشر بطلب الطلاق بهدوء، فترفع منى دعوى قضائية ترفض فيها الطلاق.
طالب الفيلم من خلال المنظمات النسائية المصرية بإلغاء حق الطاعة، وخلى الطلاق يتنفذ بحكم من القاضي سواء كان الزوج موافق على ده أو لأ، وبكده يتحقق مبدأ المساواة بين الزوج والزوجة أمام القانون.
فيلم “678” سنة 2010
من بطولة بشرى، ونيللي كريم، وناهد السباعي، وماجد الكدواني، وباسم سمرة، ومن إخراج محمد دياب.
بتحكي أحداث الفيلم قصص من ظاهرة التحرش الجنسي اللي بتتعرض لها البنات بنسب كبيرة جدًا في مصر، واللي اتحولت لظاهرة منتشرة جدًا في الفترة الأخيرة في مصر والمجتمعات العربية بشكل عام.
اتسبب الفيلم في توصيات قانون التحرش اللي صدر سنة 2003، والحكم على المتحرش بعقوبة ممكن توصل لـ 3 سنين.
مسلسل “فاتن أمل حربي” سنة 2022
المسلسل من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، ومحمد الشرنوبي، وخالد سرحان، ومن تأليف إبراهيم عيسى.
يسلط المسلسل الضوء على فاتن أمل حربي “نيللي كريم” والتي تعاني من مشاكل عديدة بعد الطلاق مع طليقها حول حضانتها للأبناء في حالة زواجها مرة أخرى، والولاية التعليمية للأطفال، والمصاريف الخاصة بهم.
لاقى المسلسل جدلاً واسعًا طوال شهر رمضان بين مؤيد ومعارض للفكرة، وطالب برلمانيون في مجلس النواب بتعديل قانون الأحوال الشخصية بالإضافة إلى تعديل قانون إقامة المرأة في الفنادق دون وجود محرم.
لو تعرف أعمال فنية تانية سببت تغيير في القوانين على مستوى الوطن العربي، أو سببت تغيير في ثقافة الشعوب العربية بشكل واضح، قول لنا عنها في الكومنتات.