في العام الثالث من الحرب في السودان.. كم بلغت الخسائر البشرية؟
في 15 أبريل 2025، لم يكن مجرد تاريخ عابر في تقويم بلدٍ ممزق، بل محطة دامية تُضاف إلى سجل النزيف السوداني المستمر.
عامان من الحرب الطاحنة لم يخلّفا فقط دمارًا في المدن والقرى، بل رسّخا أزمة إنسانية تُعدّ الأكبر عالميًا، حيث تقف البلاد على حافة الانهيار وسط موجات نزوح لم تشهدها إفريقيا منذ عقود، ومساعدات دولية بدأت تنضب في أكثر الأوقات حاجة إليها.
ما حجم الكارثة البشرية؟ وكم روحًا أُزهقت في ظل صمت العالم؟

لا تفوّت قراءة: مشاريع تطوير وسط البلد.. كيف تخطط الحكومة المصرية لمستقبل وسط القاهرة الخديوية؟
كيف تطورت مجريات الحرب في السودان منذ 2023؟
في أبريل 2023، اندلع الصراع بين الجيش بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، في العاصمة الخرطوم.
وبعد أشهر، تمددت قوات الدعم السريع إلى غرب ووسط السودان، بينما تراجع الجيش شرقًا ونقل الحكومة إلى بورتسودان.
وبحلول نوفمبر 2024، أعاد الجيش تنظيم صفوفه، وشنّ هجومًا مضادًا من الشرق، واستعاد مناطق حيوية بوسط السودان.

وفي مارس 2025، أعلن البرهان أن الخرطوم باتت “خالية” من قوات الدعم السريع، مؤكدًا تقدم الجيش الميداني.
لكن لاحقًا، صعّدت قوات الدعم السريع هجماتها في دارفور، وهاجمت الفاشر، آخر عواصم الإقليم الخاضعة للجيش.
استكمال السيطرة على دارفور يمنح قوات حميدتي نفوذًا واسعًا بغرب السودان، بينما يهيمن الجيش على الشمال والشرق.
كم بلغ عدد النازحين؟ ومن يحتاج المساعدة داخل السودان؟
أدى الصراع إلى نزوح داخلي لأكثر من 11.3 مليون شخص، 8.6 مليون منهم فروا من ديارهم خلال الحرب الحالية.
وفي الوقت نفسه، لجأ 3.9 مليون شخص إلى الدول المجاورة خلال العامين الماضيين هربًا من القتال والجوع والدمار.
وبالتزامن مع ذلك، يحتاج أكثر من 30 مليون سوداني لمساعدات إنسانية عاجلة تشمل الغذاء والدواء والمأوى الآمن.
من بينهم، هناك أكثر من 16 مليون طفل يعانون من ظروف معيشية كارثية تهدد مستقبلهم وحياتهم يومًا بعد يوم.
لا تفوّت قراءة: تفتيت غزة بالممرات.. ماذا يعني إنشاء “ميراج”؟
هل تكفي المساعدات؟ وكيف أثّرت الحرب على النساء؟

منذ بدء النزاع، قدمت المنظمة الدولية للهجرة مساعدات لأربعة ملايين شخص داخل السودان وفي الدول المجاورة.
رغم ضخامة الاحتياجات، لم تحصل المنظمة سوى على 10% فقط من تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025.
في سياق آخر، سجلت هيئة الأمم المتحدة للمرأة ارتفاعًا بنسبة 288% في طلب الدعم بعد حوادث عنف جنسي.
ووفقًا للمديرة الإقليمية آنا موتافاتي، تُستخدم أجساد النساء كساحات معارك، وسط انتهاكات ممنهجة تشمل الاغتصاب والعنف الجنسي.
وأضافت أن النساء النازحات فقدن كل شيء تقريبًا، ولا يملكن سوى الملابس التي يرتدينها عند فرارهن من ديارهن.
كم بلغ عدد الضحايا في السودان؟
في الخرطوم وحدها، قُتل أكثر من 61 ألف شخص خلال أول 14 شهرًا من الحرب، وفقًا لكلية لندن للصحة.
من هذا العدد، لقي 26 ألفًا مصرعهم نتيجة العنف المباشر، ما يعكس حدة المعارك داخل العاصمة.
وفي السياق ذاته، ذكر مبعوث واشنطن السابق للسودان أن بعض التقديرات تشير إلى مقتل نحو 150 ألف شخص إجمالًا بالسودان منذ بدء الحرب.
لا تفوّت قراءة: إزالة كوبري السيدة عائشة بعد سنوات من الزحام والحوادث.. ما أبرز الطرق البديلة؟
هل السودان على شفا المجاعة؟
في العام الماضي، أعلنت المجاعة رسميًا في خمس مناطق، منها ثلاثة مخيمات رئيسية للنازحين في دارفور والجنوب.
وفي ظل استمرار الحرب، يتفاقم الجوع يومًا بعد يوم وسط نقص حاد في الغذاء والمساعدات الإنسانية الأساسية.
وفقًا للأمم المتحدة، يعيش 8 ملايين شخص حاليًا على حافة المجاعة الشاملة في أنحاء متفرقة من البلاد.
كما يعاني قرابة 25 مليونًا من الجوع الحاد، ما يعادل نصف عدد سكان السودان تقريبًا، في واحدة من أسوأ الأزمات عالميًا.
لا تفوّت قراءة: من هي ابتهال أبو السعد؟ مهندسة مغربية في مايكروسوفت كشفت دعم الشركة لإسرائيل في حرب غزة
كيف دمرت الحرب النظام الصحي في السودان؟
قبل الحرب، كانت البنية التحتية الصحية في السودان تعاني الهشاشة، أما اليوم، فهي في حالة شبه انهيار كامل.
ونتيجة الصراع، خرج نحو 90% من مستشفيات المناطق المتأثرة عن الخدمة، بسبب القصف أو النهب أو نقص الكوادر.
وعلاوة على ذلك، قُتل 78 من العاملين الصحيين بنيران مباشرة أو جراء استهداف منازلهم ومقار عملهم.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تم توثيق 119 هجومًا مباشرًا على مرافق صحية حتى أكتوبر 2024.
لا تفوّت قراءة: لماذا تصدر “سيكو سيكو” إيرادات السينما في عيد الفطر؟ 7 أسباب خطفت قلوبنا في الفيلم
كيف دفعت الحرب أطفال السودان إلى حافة الكارثة؟
تُعدّ الطفولة في السودان الضحية الأكبر، حيث ارتفعت الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال بنسبة 1000% خلال عامين فقط.
قُتل أو أُصيب أكثر من 2776 طفلًا بين عامي 2023 و2024، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي مطلع 2023، كان 7.8 مليون طفل بحاجة للمساعدات، بينما تجاوز العدد اليوم 15 مليون طفل.
كم تبلغ خسائر الاقتصاد السوداني؟
تشير التقديرات إلى أن خسائر الاقتصاد السوداني بسبب الحرب تراوحت بين 127 و140 مليار دولار حتى الآن.
من أين يأتي تمويل إعادة الإعمار؟
أولًا، يمكن تمويل الإعمار محليًا عبر حشد الموارد الوطنية وتوجيهها لمشروعات تنموية حيوية في مختلف القطاعات.
ثانيًا، يُعوّل على السودانيين بالخارج من رجال أعمال ومهاجرين للمساهمة باستثمارات وفق آليات شفافة ومنظمة.
ثالثًا، قد تساهم المنظمات الدولية في إعادة الإعمار عبر برامج المعونة والتمويل التنموي طويلة الأجل.
رابعًا، تبقى مساهمات البنك وصندوق النقد مرهونة بظروف سياسية قد تعرقل تدفق الدعم المالي المباشر.
خامسا، قد تلجأ الحكومة السودانية لشراكات مع دول “بريكس” والصين وروسيا وتركيا لتأمين تمويلات بديلة ومصالح مشتركة.