الاستقالة الصامتة: إهمال في الوظيفة ولا محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
في الفترة الأخيرة، انتشر كلام في سوق العمل عن مفهوم جديد اسمه “الاستقالة الصامتة”، للوهلة الأولى تفتكر إنه معناه إن الشخص يسيب شغله، لكن الموضوع له أبعاد وأسباب تانية كتير خلت الموظفين يلجؤوا لتبني المصطلح ده ويطبقوه في شغلهم.
في البداية، المقصود بالمصطلح هو إنك تنفذ الحد الأدنى من الشغل اللي مطلوب منك، ويبقى في حدود واضحة للأداء، يعني ماتعملش أكتر من اللي مطلوب منك أو في حدود المسمى الوظيفي، وماتشتغلش خارج ساعات العمل الرسمية، ولو فكرت تعمل أي شغل إضافي ممكن يميزك عن غيرك ويبقى فرصة تخليك تترقى في الوظيفة بتلاقي نفسك بتعمل فرملة، ومع كل ده بيصاحبك إحساس فقدان الشغف.
لو أنت بينطبق عليك كل العلامات دي.. فأهلًا بك انضمامك لفئة المستقيلين الصامتين.
امتى ظهر وليه بدأ تطبيقه؟
اللي ساعد المصطلح ده على الانتشار هو وقت كورونا، في الفترة اللي الناس أُجبرت تقعد في البيت، فبدأت تبص لحياتها بشكل مختلف واتغير مفهومها لثقافة العمل، فناس كتير اتحولت من موظفين بيدوا وقت وطاقة من غير حساب، لموظفين ماعندهمش استعداد يعملوا شغل أكتر من اللي مطلوب منهم.
وده اللي أكده المنتدى الاقتصادي العالمي، في تقرير له بيوضح فيه العوامل اللي بتأدي للاستقالة الصامتة، واللي أكد عليه المدرب والباحث في التدريب القيادي، حسين حبيب السيد، وقت ما قال إن الجيل الجديد بعد كورونا أعاد النظر في الجهد اللي المفروض الشخص يبذله في شغله، وراجع الثقافة المعروفة بإن “العمل هو الحياة”.
أما بالنسبة للأسباب، فالمنتدى الاقتصادي رجح إنها بسبب خيبة الأمل والضغط والإحساس بعدم الرضا من تدني الأجور، وإن مابقاش فيه تقدير أدبي أو مكافآت أو أي فرص للتطور.
والبعض شايف إن الناس بدأت تطبق المصطلح كدعوة لإعادة تصور الشكل اللي مفروض يكون عليه الشغل، وإن لازم يبقى في توازن صحي بين الشغل والحياة، بحيث إن الموظفين يدوا الأولوية لصحتهم البدنية والعقلية وهواياتهم، عن طريق إنهم مايقدموش أي جهد إضافي، خصوصًا بعد ما أثبتت الدراسات تدهور الحالة النفسية والعقلية لناس كتير بعد كورونا، وبقى معظهم أكتر عرضة لأمراض القلق والاكتئاب.
الحلول علشان نخلق رضا وظيفي
“الاستقالة الصامتة صرخة من الموظف من أجل المساعدة، والمهم أن يستمع أصحاب العمل والمديرون لهذه الصرخة، ويتخذوا إجراءات حقيقية لتدارك الموقف وتحسين بيئة العمل” الدكتورة نتالي بومغارتنر.
مدير المؤسسة له دور كبير علشان الموظف مايوصلش للمرحلة دي، ولو حصل.. في حلول الخبراء اتكلموا عنها تقدر الشركات تواجه بها الظاهرة دي، من خلال تحسين تجربة الموظفين وفتح حوار ومناقشة أفضل الأساليب اللي تعزز شعورهم بالتقدير سواء بالمكافآت أو غيرها، وإنه يبقى متأكد وقت وضع المهام إنها مش هتاخد من وقت الموظف الشخصي، ويبقى فيها توازن وعقلانية، وتبقى واضحة وقابلة للتنفيذ ومش كلام مرسل.
بناءً على إحصاءات منظمة الصحة العالمية، ساعات العمل الزيادة بتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 17% والسكتة الدماغية بنسبة 35%، والخطر بيزيد لو الموظف بيشتغل بداية من 55 ساعة في الأسبوع، وسنويًا بيموت عدد من الموظفين بسبب الإجهاد.
كمان الدراسات أثبتت إن ساعات العمل الزيادة مش مرتبطة بالإنتاجية، بالعكس دي بقت تأثر بشكل سلبي وبتعتبر من أهم أسباب الاكتئاب، وفي دول بدأت فعليًا تطبق تخفيض عدد أيام العمل لأربع أيام، زيّ إمارة الشارقة في الإمارات، ولاحظت بعدها زيادة في الإنتاجية ورضا الموظفين، وشركة تانية أعلنت عن زيادة إنتاجيتها بنسبة 20% بعد تخفيض أيام العمل.
هل الاستقالة الصامتة هي الحل؟
مش بس المدير له دور في حل المشكلة، الشخص اللي بيعاني كمان له دور، وده اللي اتكلم عنه خبراء لمنصة (CNBC) وأكدوا إن الاستقالة الصامتة بتساعد في تخفيف الإرهاق في الشغل على المدى القصير، ولكن هي مش حل على المدى الطويل ولا فيه استدامة.
ومن الأفضل إنهم يعرفوا السبب الحقيقي اللي دفعهم لده ويحلوه، ولو أنت بتتبنى مستوى معين من الاستقالة وبتعمل توازن بين الحياة والشغل، فعلى الأقل الساعات اللي بتقضيها في شغلك تبقى فعالة علشان تقدر تطور وتنمي نفسك من خبرات اللي حواليك، ويمكن تلاقي شغفك اللي ضاع وأنت بتحاول، وده اللي أكده مايكل تيمس، كبير المتخصصين في الموارد البشرية.
وأهم حاجة ركزوا عليها، إن من مسؤولية الموظف إنه يفتح حوار مع مديره عن احتياجاته والتحديات اللي بيقابلها واللي ناقصه، سواء قرر يتبنى الاتجاه أو لسه.
الخلاصة: الموظف بيكمل في المكان لما يحس إنه متقدر وفي عائد مادي ومعنوي وفرصة إنه يكبر، ولو مالقاش كل ده فبيروح لاتجاهين، إما إنه يسيب المكان خالص أو يتبنى الاستقالة الصامتة كمحاولة منه لإنقاذ ما يكمن إنقاذه، ولكن تفضل الاستقالة الصامتة مش هي الحل الأمثل لمواجهة ضغوطنا، والحل هو إننا نواجه.