إيه هي سلبيات قوانين التحرش الجديدة، وازاي نساهم في منع الظاهرة دي؟
خلال شهر يوليو اللي فات وافق مجلس النواب المصري خلال جلسته العامة الأخيرة على مشروع قانون اتقدم من النائب أشرف رشاد و60 نائبًا (أكتر من عُشر عدد أعضاء المجلس)، بخصوص تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 واللي بتختص بتشديد العقوبات على التحرش الجنسي.
اهتمت قوانين التحرش الجديدة بتحويل جريمة التحرش من مجرد جنحة لجناية، وممكن تشوف نص القانون من هنا
اتحولت الجريمة من جنحة لجناية وزادت العقوبات علشان توصل للحبس على الأقل خمس سنين وممكن توصل لسبع سنين، وبعد التعديلات دي لازم نناقش مدى فاعلية القوانين الجديدة وتأثيرها على أزمة التحرش في الشارع المصري.
الهدف من تطوير قوانين التحرش ومجهود الدولة في التصدي للجريمة دي
تغليظ قوانين العقوبات الخاصة بجريمة التحرش خطوة مهمة جدًا ومحاولة أمينة من أجهزة التشريع في مصر للتصدي للجريمة البشعة اللي شغلت المجتمع المصري لوقت طويل جدًا، بالذات مؤخرًا.
لكن رغم الخطوة الجريئة والمهمة دي إلا إن القوانين الجديدة ممكن يكون ليها بعض التأثيرات السلبية على الطريقة اللي بنتعامل فيها مع جرايم التحرش والاعتداءات الجنسية.
اتكلمنا مع المحامي عبد الفتاح يحيى، المحامي بالنقض والقضايا الجنائية ومحامي “بسنت” وهي القضية المعروفة إعلاميًا بفتاة ميت غمر. وخلال كلامنا معاه وضح لنا بعض النقاط اللي ممكن تمثل سلبيات في نص القانون الجديد.
للأسف ماتمش طرح التعديلات الجديدة لأي مناقشات مجتمعية وفي قلق من إن تغليظ العقوبة ممكن يسبب انخفاض في عدد البلاغات أو تعقيد في إجراءات التقاضي.
تحويل التحرش الجنسي من جنحة لجناية معناه إن قضايا التحرش والاعتداءات الجنسية هيتم النظر فيها في محكمة الجنايات مش الجنح، واللي هيكون ليه أثار سلبية منها:
- طول فترة التقاضي في محاكم الجنايات مقارنة بمحاكم الجنح بسبب تعقيد الإجراءات في الأولى نظرًا لخطورة القضايا اللي بتقضي فيها واللي ممكن توصل فيها العقوبة للإعدام.
- في مرحلة إضافية أطول للتقاضي وهي مرحلة الطعن بالنقض أمام محكمة النقض، والطعن بالنقض متاح في الجنايات بس ومالوش وجود في الجنح ماعدا حالات استثنائية، ودي مرحلة طويلة جدًا لو أخدنا في الاعتبار حجم الطعون بالنقض اللي بتتعامل معاها المحكمة واللي ممكن تاخد سنين كتير، بعكس الجنح اللي مفيهاش نقض وبيكون التقاضي فيها على درجتين سريعتين في محكمة الجنح وبعدها في محكمة الجنح المستأنفة.
- صعوبة الادعاء بالحق المدني في محكمة الجنايات بخلاف سهولته في محكمة الجنح، واللي ممكن يعطل منظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة.
القانون مش مجرد فكرة وهوبا يلا نطلع قانون، القانون له فلسفة ودراسات معقدة في التركيبة الاجتماعية وثقافة الشارع
الأستاذ عبد الفتاح يحيى المحامي بيقول لنا:
مشكلة قضية التحرش في مصر مش مجرد قانون بس. المشكلة ليها جذور عميقة في العقلية الجمعية للشعب المصري، وجوا ثقافة الشارع والميديا والتعليم والسينما والخطاب الديني وحتى القضاء وأنظمة الشرطة والتحقيق.
السؤال هو ازاي نخلي إجراءات القانون في القضايا دي أسهل ونشجع البنات علي البلاغ عن حوداث التحرش.
علشان نبدأ مشروع وطني يقدر يتعامل مع أزمة التحرش لازم المشروع يستهدف الميديا من خلال حظر المواد المشجعة على التحرش والتأكيد على رفضه وعرض القضايا المهمة واستهداف المجرمين.
السينما اللي بتطلع أبطال ذكوريين بيشجعوا الأجيال الأصغر على استباحة أجسام الستات من خلال تمجيد أبطال متحرشين. دي برضه نقطة لازم المشروع الوطني ضد التحرش يشتغل عليها.
الخطاب الديني لازم يتغير ولازم نتأكد من إن الشيوخ في خطب الجمعة وفي مناسبات الفتوى مايخدوش موقف معادي للستات وضد ضحايا التحرش، زيّ ما بيحصل دلوقتي من شيوخ زيّ عبد الله رشدي.
التعليم عنصر مهم جدًا في أي مشروع وطني ضد التحرش، لإن غرس مباديء المساواة بين الجنسين واحترام جسم المرأة هيطلع جيل ماعندوش أزمة الذكورية المسمومة اللي هي سبب معظم مصايب التحرش في مصر.
لازم استراتيجية تعليمية وإعلامية ودينية متكاملة تشجع الستات على الإبلاغ عن القضايا الحساسة دي ورفع الوصم عنهم.
إنشاء مؤسسات عامة في مرفق العدالة مختصة بتلقي القضايا الحساسة دي
معظم مشاكل التحرش بتيجي من العقلية الجمعية للشعب المصري اللي بيبص للتحرش على إنه شيء بسيط وبيحاول يغطي عليه علشان “مايضيعش مستقبل شاب”، وعلشان كده حتى القضاة وظباط الشرطة بيكونوا متأثرين بالثقافة العامة للشعب ومعظمهم بيتعاملوا مع قضايا التحرش باستخفاف، وبالتالي تصميم مؤسسات قضائية وشرطية مختصة بالتحقيق في جرايم التحرش والاعتداءات الجنسية هيسمحلنا نعمل دورات تدريبية علشان نطلع قضاة وظباط عندهم وعي ودراية كاملة بقضية التحرش وازاي يقدروا يتعاملوا مع الأدلة وظروف المجني عليها النفسية ودوافع المجرم.
نقدر ندرب قضاة وظباط على إنهم يكونوا أكفأ جهاز يقدر يحقق العدالة الكاملة في القضايا دي من غير ما يحكموا على الضحايا أو ياخدوا موقف منهم بأي شكل من الأشكال.