هل تسعى إسرائيل لتوسيع سيطرتها الإقليمية على حساب سوريا؟

بعيداً عن غزة والضفة الغربية ولبنان، يبدو أن إسرائيل قد وجهت أنظارها أيضاً إلى الصراع المستمر مع سوريا. وتريد إسرائيل السيطرة على سوريا وقصف أظافر بشار الأسد لتحقيق الهدف الأسمى وهو توسيع سيطرتها الإقليمية.

ربما تتخوف إسرائيل حاليا من احتمالية زحف ميليشيات حزب الله إلى إسرائيل، مثلما فعلت حماس في 7 أكتوبر 2023 بطوفان الأقصى، أو ربما تريد تحجيم بشار الأسد والقضاء على حزب الله في سوريا.

الآن، تقوم إسرائيل ببناء منشآت في منطقة عازلة حيوية بين إسرائيل وسوريا، مما يعد انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار السابق ويثير مخاوف من تصاعد النزاع في المنطقة.

إسرائيل توسع عملياتها الإقليمية: البناء في منطقة خط ألفا

في الأسبوع الماضي، نشرت وكالة أسوشييتد برس لقطات جوية تُظهر قيام إسرائيل بالبناء على طول خط ألفا، الذي يعرف أنه منطقة منزوعة السلاح أو منطقة فاصلة بين سوريا وهضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل.

وأظهرت الصور التي التقطتها شركة “Planet Labs PBC for AP” في 5 نوفمبر لإسوشييتد برس حوالي 4.6 ميل من البناء الذي نفذته القوات الإسرائيلية على طول الخط.

وقال متحدث باسم قوة الأمم المتحدة لمراقبة فك الاشتباك (UNDOF) لـ RS: “في الأشهر الأخيرة، لاحظت UNDOF بعض الأنشطة الإنشائية التي تقوم بها قوات الدفاع الإسرائيلية على طول خط وقف إطلاق النار”.

وأضاف: “تبدو الأعمال الإنشائية مثل الحفر وبناء التلال تهدف إلى منع تحركات الأفراد عبر خط وقف إطلاق النار من منطقة الفصل.

إسرائيل خائفة من الغزو الإرهابي

وقد لاحظت UNDOF أنه، خلال هذه الأعمال، يتواجد أحياناً أفراد من الجيش الإسرائيلي وآليات الحفر والمعدات الإنشائية، ويبدو أن أعمال البناء تتعدى منطقة الفصل”.

تؤكد إسرائيل، التي قدمت تقريراً من 71 صفحة لمجلس الأمن في يونيو الماضي زعمت فيه أن سوريا تنتهك خط ألفا، أن هذه الأعمال الإنشائية ضرورية للدفاع.

وقالت قوات الدفاع الإسرائيلية لـ CNN إن هذه التطورات تهدف “إلى إقامة حاجز على الأراضي الإسرائيلية بهدف حصري هو إحباط أي محاولة غزو إرهابي وحماية أمن الحدود الإسرائيلية”.

ومع ذلك، تظل المخاوف قائمة من أن هذه التطورات قد تهدد اتفاق وقف إطلاق النار الذي دام عقوداً والذي كان أساسياً للحفاظ على السلام النسبي بين إسرائيل وسوريا، اللتين كانتا في حالة حرب رسمية منذ عام 1948.

ومن أجل الحفاظ على هذا الاتفاق، تقوم UNDOF بدوريات في المنطقة منزوعة السلاح منذ عام 1974.

وقالت UNDOF في بيان بتاريخ 12 نوفمبر، وفقاً لإسوشييتد برس: “وقعت انتهاكات لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974 حيث جرى التعدي على منطقة الفصل بسبب الأعمال الهندسية”.

وأضافت: “كانت هناك عدة انتهاكات من قبل (إسرائيل) في شكل وجودها في منطقة الفصل بسبب هذه الأنشطة”.

وذكرت UNDOF أن هذه “الانتهاكات الجسيمة” حول المنطقة منزوعة السلاح “تملك القدرة على زيادة التوترات في المنطقة”.

النزاعات الحدودية بين سوريا وإسرائيل: مسألة مثيرة للجدل

اعتبر قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعام 1981 أن احتلال إسرائيل لهضبة الجولان، التي استولت عليها من سوريا خلال حرب 1967 وضمتها في عام 1981، “لاغياً وباطلاً ولا تأثير قانوني دولي له”.

وفي سياق مختلف، أثار الاعتراف الذي منحته إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان في عام 2019، والذي أيدته إدارة بايدن، جدلاً واسعاً بين السوريين والعديد من الحكومات.

وتشير التطورات في منطقة خط ألفا إلى أن إسرائيل تعتزم توسيع سيطرتها الإقليمية.

أجندة حكومة نتنياهو الكبرى لإسرائيل: هضبة الجولان

قال جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة “Gulf State Analytics” في واشنطن: “من الضروري رؤية التطورات الجارية بالقرب من خط ألفا في سياق أوسع من الهجمات المستمرة التي تشنها إسرائيل على الأهداف في الأراضي السورية، خاصة منذ 7 أكتوبر 2023، وعزمها على استغلال ضعف الدولة السورية لدفع أجندة حكومة نتنياهو الكبرى لإسرائيل”.

وأضاف جوش لانديس، رئيس قسم الدراسات الشرق أوسطية في جامعة أوكلاهوما: “ما تفعله إسرائيل هو توطيد سيطرتها على هضبة الجولان المحتلة”.

وذكر أنه يوجد حوالي 25,000 مستوطن إسرائيلي حالياً في هضبة الجولان، قائلا: “على مدى السنوات القليلة الماضية، كان هناك جهد كبير لزيادة عدد المستوطنين بنحو 5,000… في هضبة الجولان… لذلك، إسرائيل تتوسع”.

إسرائيل تقصف سوريا: 3 مرات أسبوعيا

تجري هذه الأعمال الإسرائيلية في منطقة خط ألفا في وقت تعاني فيه سوريا من تداعيات أكثر من عقد من الحرب، وقد استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من العمليات الإسرائيلية المتزايدة في لبنان.

وتقصف إسرائيل سوريا ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع منذ أكتوبر 2023، مما يهدد بالفعل وقف إطلاق النار بين البلدين بسبب هذه الأنشطة العسكرية المستمرة.

نتنياهو يستغل الحرب المستعرة

بعد أيام معدودات من اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، قصفت إسرائيل أهدافا عسكرية قرب المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، تحديدا يوم السبت الماضي، وسط حرب مستعرة نشبت منذ نحو 6 أيام بين الجيش السوري التابع لبشار الأسد والمعارضة المسلحة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام.

ما الذي يدور في عقل بنيامين نتنياهو؟ هل يريد توسيع نطاق الحرب نحو سوريا أيضا أم القضاء على نفوذ حزب الله في سوريا مثل ما حدث في لبنان؟

أصبحت حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، خارج سيطرة الحكومة السورية، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، مع سيطرة الفصائل المسلحة على كل الأحياء بالمدينة، حيث كانت تنتشر قوات الجيش.

قبل ضرب أهداف عسكرية في سوريا، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستكبد نظام الأسد الثمن إذا استمر في دعم حزب الله اللبناني.

بشكل دائم، تتتهم إسرائيل سوريا، بتدعيم حزب الله على أراضيها بالداخل السوري، بهدف تقوية نظام بشار الأسد وتدعميه من جانب، وإقامة بنى تحتيه مدنية لتنفيذ عمليات ونقل وسائل قتالية معدة ضد إسرائيل.

ما رسائل إسرائيل من ضرب سوريا؟

يقول المعلق العسكري رون بن يشاي لـ”يديعوت” إن هذا ليس بجديد على إسرائيل، حيث قامت سابقا بشن 70 غارة على سوريا عندما حاول حزب الله دعم حسن نصر الله في حرب الاستنزاف ضد إسرائيل.

وأوضح أن غارات سوريا هدفها استهداف المخازن والمنشأت التابعة لحزب الله لوقف تقديم الدعم إلى لبنان.

وقالت صحيفة “معاريف” إن ما يحدث في سوريا جيد على مدى القصير لإضعاف الأسد وإيران وحزب الله، لكن على المدى البعيد سيكون هناك تهديدات عسكرية كبيرة لإسرائيل نتيجة التكتلات العسكرية الجديدة التي ستظهر فيما بعد.

وأشارت إلى أن إسرائيل تعتزم إرسال إشارة للرئيس الأسد بأن عليه “التوقف عن استخدام سوريا كمنطقة لنقل الأسلحة من إيران إلى (حزب الله)، وإلا فإنه سيدفع الثمن”.

إسرائيل توسع ضرباتها في سوريا منذ مطلع 2024

منذ بداية عام 2024، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان 95 عملية استهداف نفذتها إسرائيل على الأراضي السورية، منها 78 غارة جوية و17 هجوماً برياً. أسفرت هذه العمليات عن تدمير ما يقارب 185 هدفاً، شملت مستودعات أسلحة وذخائر، مقرات عسكرية، مراكز، وآليات.

وأدت هذه الضربات إلى مقتل 250 عسكرياً، بالإضافة إلى إصابة 176 آخرين بجروح تتفاوت في شدتها.

هل تعيد سوريا النظر في علاقتها مع إيران أم تعود لحضن الجامعة العربية؟

منذ أيام الثورة الإسلامة في إيران، تحافظ سوريا على علاقتها بإيران مدفوعة بمزيج من المصالح الاستراتيجية والأيديولوجية والجيوسياسية.

الاثنان يشاركنا في تحالف “محور المقاومة” وهو يهدف إلى مواجهة النفوذ الإسرائيلي والغربي في منطقة الشرق الأوسط

تنظر سوريا إلى إسرائيل باعتبارها عدوا، خاصة عقب احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية في 1967. وتشترك دمشق في مصالح استراتيجية مع إيران وحزب الله.

ازدادت هذه العلاقة قربا أكثر، بعد تدعيم إيران وحزب الله بشار الأسد في الحرب الأهلية السورية.

حاولت سوريا التنقل بين التحالف وتحسين علاقتها مع العرب، حيث أعلنت جامعة الدول العربية في العام الماضي أنها اتخذت قراراً باستعادة سوريا عضويتها واستئناف مشاركتها في اجتماعات مجلس الجامعة اعتبارا من 7 مايو 2023.

آخر كلمة ماتفوتوش قراءة: من هي هيئة تحرير الشام؟ قصة أبو محمد الجولاني وأثره في الصراع السوري

تعليقات
Loading...