من هو ميمي الشربيني؟ الصوت الذي أحبته الملاعب وأبهر عشاق الرياضة

في سماء كرة القدم، هناك نجوم تضيء الملعب بأدائهم، وأخرى تضيء المدرجات بأصواتها، وبين هذين العالمين، وُلد ميمي الشربيني.

صنع ميمي الشربيني، أسطورة كرة القدم المصرية، مجده كلاعب ومدرب، حيث أطلق عليه الراحل نجيب المستكاوى لقب “النفاثة” لسرعته الفائقة وقدراته الاستثنائية في صناعة الأهداف.

وخلّد اسمه في ذاكرة الملايين كمعلق أحبته الملاعب واحتضنته قلوب الجماهير. كان صوته يحمل نبض اللعبة، يحوّل المباريات إلى قصص ملحمية تعيش في الأذهان حتى بعد صافرة النهاية.

ميمي الشربيني لم يكن مجرد معلق رياضي، بل كان راوياً مبدعاً ينسج بكلماته لوحات فنية تنبض بالحياة.

كل عبارة نطقها تحولت إلى أيقونة رياضية ترددها الأجيال. قدرته الفريدة على قراءة المباريات ورسم تفاصيلها بأجمل الصور جعلته أحد أعظم الأصوات التي عرفتها الملاعب، مازجاً بين روح اللاعب وخيال الفنان.

ارتبط اسم ميمي الشربيني بأجيال من عظماء كرة القدم المصرية. عاصر الجيل الذهبي الذي ضم أساطير مثل صالح سليم، وكان شاهداً على بدايات مواهب استثنائية مثل محمود الخطيب وإكرامي.

 رحل ميمي الشربيني بعد معاناته مع مرض ألزهايمر، ليتوفى في مستشفى بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية؛ حيث وُلد وعاش اللاعب.

رحل أسطورة التعليق ميمي الشربيني وترك سجل من العبارات التي لا تنسى

لا تفوّت قراءة: السر وراء نجاح عمر مرموش: 5 دروس حول القوة العقلية والإصرار تُلهمك في حياتك

مسيرة ميمي الشربيني: محطات مليئة بالشغف

بدأ ميمي الشربيني مسيرته الكروية في صفوف النادي المصري القاهري عام 1953، حيث أظهر منذ البداية موهبة استثنائية ومهارات لافتة.

لم تمر موهبته دون أن تُلاحظ؛ فقد اكتشفه عبد المنعم البقال، كشاف النادي الأهلي الشهير، ليكون بداية رحلة جديدة في مسيرته الرياضية.

وانتقل ميمي الشربيني إلى صفوف النادي الأهلي، حيث وجد بيئة مثالية لتطوير قدراته وإبراز مهاراته.

ولمدة تزيد على 14 عامًا، كان لاعبًا أساسيًا في تشكيلة الفريق، مما ساهم في تحقيق العديد من الإنجازات والبطولات التي عززت مكانة القلعة الحمراء كواحد من أعظم أندية القارة الإفريقية.

خلال تلك الفترة الذهبية، أثبت ميمي الشربيني أنه أكثر من مجرد لاعب؛ فقد تميز بسرعته الفائقة ورؤيته الاستثنائية داخل الملعب، ليصبح أحد أعمدة الفريق حتى موعد اعتزاله اللعب في موسم 1970-1971.

هذا التاريخ الحافل يعكس رحلة لاعب استثنائي ترك بصمة لا تُنسى في الملاعب، ومهد الطريق لمرحلة جديدة من التألق في عالم التعليق الرياضي.

بلغة الأرقام: ماذا عن إنجازات ميمي الشربيني في أراض الملعب؟

إنجازات ميمي الشربيني الكروية تعد شاهداً على مسيرة رياضية استثنائية، حيث نجح في تحقيق العديد من الألقاب والبطولات التي خلدت اسمه في تاريخ كرة القدم المصرية.

على صعيد الأندية: كان ميمي الشربيني أحد أعمدة النادي الأهلي خلال فترته الذهبية، حيث توّج مع الفريق بلقب الدوري المصري الممتاز أربع مرات، وأحرز كأس مصر ثلاث مرات، مما عزز مكانة النادي كقوة كروية مهيمنة على الساحة المحلية.

مع المنتخب المصري: مثل ميمي الشربيني منتخب مصر في 36 مباراة دولية، سجل خلالها 4 أهداف، وكان جزءًا من الإنجاز التاريخي بتحقيق لقب كأس أمم إفريقيا عام 1959.

هذا الانتصار رسخ مكانة مصر كأحد أعظم منتخبات القارة في تلك الحقبة.

في المحافل العالمية: شارك مع منتخب مصر في أولمبياد طوكيو عام 1964، حيث قاد الفريق للوصول إلى المركز الرابع، في واحدة من أفضل مشاركات مصر الأولمبية، مؤكداً قدرته على التألق على الساحة الدولية.

ميمي الشربيني: عطاء كروي في التدريب

عطاء ميمي الشربيني في مجال التدريب يُبرز جانبًا آخر من مسيرته الحافلة، حيث لم تقتصر بصمته على ملاعب الكرة كلاعب بارز، بل امتدت لتشمل تطوير أساليب اللعب وتشكيل أجيال جديدة في مجال التدريب خلال السبعينات والثمانينات.

في المنتخبات: عام 1975، تولى ميمي الشربيني تدريب منتخب الإمارات العربية المتحدة لكرة القدم، حيث ساهم في تطوير الفريق من خلال تقديم أفكار تدريبية متقدمة ساعدت في رفع كفاءة اللاعبين وإعدادهم للمنافسات الدولية.

في الأندية: كانت له بصمة واضحة في الكرة المصرية، حيث قاد نادي غزل دمياط فنيًا، وأشرف على تدريب نادي المنصورة عام 1976.

كما عمل كمدرب مساعد في العديد من الأندية المصرية، مقدماً خبراته الكبيرة لتحسين الأداء الفني للفرق التي عمل معها.

تميّز ميمي الشربيني كمدرب بقدرته على المزج بين خبرته كلاعب سابق ورؤيته الفنية الحديثة، مما جعله شخصية مؤثرة في تطوير كرة القدم خلال تلك الفترة.

لا تفوّت قراءة: إبراهيم لطف الله يعشق المجبوس: رحلة التنمر على وزنه إلى أفضل حارس مرمى

بداية مشوار التعليق الرياضي: المرحلة الأبرز في مسيرة ميمي الشربيني

بعد مسيرة حافلة كلاعب ومدرب، انطلق ميمي الشربيني إلى عالم التعليق الرياضي، ليبدأ فصلاً جديداً من إبداعاته، ويمضي نحو تخليد اسمه كأحد أعظم المعلقين في تاريخ الكرة المصرية والعربية.

كانت البداية في فبراير 1976، عندما اجتاز اختبار الإذاعة بنجاح، ليُصبح الصوت الذي أحبته الملاعب وشغف به الملايين.

تميزت تعليقاته بأسلوب فريد، جمع بين الحماسة المشتعلة والفكاهة الخفيفة، مما جعل صوته أشبه بموسيقى كلاسيكية ترافق مجريات المباريات، وتحوّل اللحظات العادية إلى ذكريات استثنائية محفورة في أذهان المشاهدين.

بفضل هذه القدرة الفريدة، ارتبط اسمه بمباريات القمة والنهائيات الكبرى.

علق ميمي الشربيني على العديد من المحافل الرياضية المهمة، أبرزها نهائي كأس العالم في نسخ 1986، 1998، و2022 عبر التلفزيون المصري، إلى جانب نهائي يورو 2004.

كما كانت له بصمة خاصة في مباريات القمة المصرية والديربيات العالمية، حيث أضاف بتعليقاته بعداً إنسانياً وشعوراً بالانتماء للعبة.

أصبح ميمي الشربيني ليس مجرد معلق رياضي، بل صوتاً يعيد إحياء المباريات في أذهان عشاق الكرة، ومرجعاً للأجيال التي عاشت لحظات الشغف معه خلف الشاشات.

تعليقات مميزة لن ننساها للشربيني

الأهم للمعلق هو جذب المشاهد بأبسط الطرق. المعلق عباراة عن ضيف مفروض على المشاهد أو المستمع لمدة 90 دقيقة، عليه أن يحدد إما أن يكون ضيفا خفيف الظل يسعد به المشجع أو ضيف ثقيل ينفر منه

(ميمي الشربيني عن مهارة التعليق الكروي)

تحضيرات ميمي الشربيني: سر الأداء الإبداعي

في عالم التعليق الرياضي، لم يكن ميمي الشربيني مجرد صوت يروي تفاصيل المباريات، بل كان فنانًا يبدع في كل كلمة.

يروي الشربيني عن تحضيراته الدقيقة، قائلاً: “تعودت منذ سنوات التحضير لأي مباراة قبلها بأسبوع كامل، وبعد ذلك يأتي دور تلقائية الأداء، مثل سير المباراة”.

هذا الالتزام بالتحضير جعله يملك رؤية عميقة لكل مباراة، ما مكنه من التفاعل بسلاسة مع أحداثها وصياغة تعليقاته وفقاً لتطوراتها.

ومن بين لحظاته الإبداعية، يتحدث عن أحد تعليقاته الشهيرة قائلاً: “فرضت المباراة علي في إحدى المرات أن أقول “بنى إمبراطوريته بفلسفته الخاصة”، وغير ذلك من الكلمات التي يفرضها سياق المباراة.”

جمل خالدة في ذاكرة كرة القدم بصوت ميمي الشربيني

من كابينة التعليق، أبدع الراحل ميمي الشربيني في صياغة عبارات خفيفة الظل، تحمل روح الفكاهة والعفوية، وتضفي على المباريات أجواء من المتعة والارتباط العاطفي مع الجمهور. أصبحت تعليقاته جزءاً من الذاكرة الكروية، ومن أشهرها:

  • “آخر حبات عنقود الموهوبين” – وصف رائع للاعبين أصحاب المهارات الفريدة الذين ينتمون لجيل استثنائي.
  • “مواليد منطقة الجزاء” – تعبير عن اللاعبين المتخصصين في تسجيل الأهداف داخل منطقة الجزاء.
  • “صاحب الكرافتة الشيك” – إشارة إلى أناقة أداء لاعب معين، وكأنه يرتدي أرقى الملابس في كل حركة.
  • “اكسترا مهارات، اكسترا حواس” – وصف للاعبين أصحاب المهارات الخارقة والتفاعل السريع مع أحداث الملعب.
  • “تمريرة عابرة للقارات” – تعليق على تمريرة طويلة ودقيقة، تبدو وكأنها قطعت مسافة قارية.
  • “عنقود مهارات حولين رجلك يا بني” – إشارة إلى لاعب يمتلك مجموعة مذهلة من الحركات الفنية حول الكرة.
  • “صاحب الثلاث رئات” – تعبير عن اللاعب الذي يتمتع بلياقة بدنية استثنائية تجعله يبدو وكأن لديه قدرة غير محدودة على العطاء.

هذه الجمل وأكثر أصبحت رمزاً لإبداع ميمي الشربيني في تحويل لحظات المباراة إلى عبارات خالدة، ما تزال تتردد في أذهان عشاق كرة القدم حتى اليوم.

ميمي الشربيني عن أبو تريكة: حلال عليك 900 ألف جنيه

تميز ميمي الشربيني بأسلوبه الفريد في التعليق الرياضي، حيث أضاف لمساته الإبداعية إلى كل مباراة أو لحظة شارك فيها بصوته.

ومن أبرز تعليقاته المثيرة، تلك التي جاءت على هدف محمد أبو تريكة نجم الأهلي السابق في مرمى الزمالك:

“وادي أبو تريكة .. هتعمل ايه؟ وحطها جون! يا سلام يا أبو تريكة يا عظيم! إحدى صفقات يناير من الترسانة بـ900 ألف جنيه.. حلال عليك يا أبو تريكة! اخترق كل مدارات النجومية بعد انضمامه للفرسان الحمر.. رجلك يا بني عارفة الشبكة.. أبو تريكة أشعل كل شموع الإثارة في ماتش النهارده.”

بمثل هذه الكلمات، استطاع ميمي الشربيني أن يُضفي طابعًا دراميًا مليئًا بالحماس، مما جعل المشاهدين يعيشون اللحظة بكل تفاصيلها.

ميمي الشربيني: بصمة خاصة في السينما

لم تتوقف إبداعاته عند حدود الملاعب فقط، بل امتدت إلى السينما، حيث ترك بصمته الكوميدية في فيلم أبو العربي، عندما وصف طاقم التحكيم بطريقة فكاهية قائلاً: “ده مش طقم تحكيم ده طقم حلل!”

تعليقاته العفوية وحسه الفكاهي جعلاه رمزًا ليس فقط في التعليق الرياضي، بل أيضًا في الثقافة الشعبية، مما جعله قريبًا من قلوب الجماهير بمختلف اهتماماتهم.

ماذا قال عنه نجوم الكرة بعد رحيله؟

ميمي الشربيني: ماذا قال عنه نجوم الكرة بعد رحيله؟

رحيل ميمي الشربيني أثار مشاعر الحزن بين نجوم كرة القدم والإعلام الرياضي، الذين أشادوا بتأثيره الكبير على الكرة المصرية والعربية.

فكل منهم تحدث عن دوره الفريد سواء في مجال التعليق أو في تأثيره على الأجيال القادمة:

ياسر رضوان، نجم منتخب مصر السابق، قال: “استمتعت بصوته قبل ما أبقى لاعب… كنت بتفرج على ماتش قديم التعليق هو اللي شدني… صوته فيه نغم”.

أحمد شوبير، الحارس السابق ومن أبرز الإعلاميين الرياضيين، أضاف: “نقل شكل التعليق في العالم العربي، علمنا يعني إيه تعليق… كان مدرسة في هذا المجال”.

وأكد شوبير أن ميمي الشربيني كان له دور كبير في تطوير التعليق الرياضي في الوطن العربي.

الإعلامي الرياضي محمد فاروق قال: “كنا بنروح بيوتنا بعد مبارياتنا نسمع ميمي الشربيني قال علينا إيه”.

وهي شهادة على مدى تأثير تعليقاته في نقل مشاعر اللاعبين والجماهير بعد المباريات.

عماد متعب، نجم منتخب مصر السابق، استذكر موقفًا خاصًا، قائلاً: “الراحل ميمي الشربيني هو الذي اختارني في اختبارات الناشئين”.

وأضاف متعب، “كنت رايح أنا ومجموعة من بلبيس للاختبارات واختارني أنا فقط وقال لي على ميعاد الاختبار الثاني، رحت في المعاد ملقتش حد… اكتشفت أن الاختبار التاني في ملعب الأهلي بمدينة نصر، وعقبال ما روحت كان الاختبار خلص”.

وتابع قائلاً: “رحت للكابتن ميمي الشربيني أقوله أني مختبرتش قال لي خلاص أنا اخترتك وهات ولي أمرك يمضي الاستمارات”.

هذه اللحظة تعتبر واحدة من الذكريات العميقة التي تركها ميمي الشربيني في حياة اللاعبين.

حازم إمام، نجم الكرة المصرية، قال: “ممكن الجول يكون عادي، لكن هو بيحليه”.

في هذا الإطراء، يشير حازم إمام إلى الطريقة التي كان يعلق بها الشربيني، حيث كان يُضفي على كل لحظة في المباراة نكهة خاصة، مما يجعلها أكثر إثارة ومتعة.

رحيل ميمي الشربيني ترك فراغًا كبيرًا في عالم التعليق الرياضي، لكن ذكرياته وأثره الكبير سيظل حاضراً في ذاكرة كل من عاصروه أو تأثروا بصوته.

لا تفوّت قراءة: عمر مرموش: هل يسير على خطى محمد صلاح ليكون الفرعون المصري الجديد؟

تعليقات
Loading...