من غير هجوم أو مطالبات بوقف عرض فيلم كيلوباترا: ازاي نشارك في اللعبة ونقول احنا مين؟

“أتذكر قول جدتي لي: لا يهمني ماذا يقولون لكِ في المدرسة.. كليوباترا كانت سوداء” جملة اتعرضت في فيديو ترويجي لفيلم وثائقي تاريخي عن كليوباترا وبعدها ظهرت بطلته سمراء على الشاشة، وبدأت حالة من الجدل الواسع اللي اتنقل من الغرب للشرق، وسط اتهامات بتزييف التاريخ، وإن اللي أنتجت السلسلة جادا بينكيت سميث، بيُقال إنها واحدة من أبرز أنصار نظرية (المركزية الإفريقية)، اللي بتدعي ملكية الحضارة المصرية القديمة للعرق الإفريقي، وإن المصريين مجرد محتلين للأرض.

برغم إن في مطالبات واسعة بوقف عرض الفيلم، لكن منصة (نيتفليكس) اللي هيتعرض الفيلم عليها، ماعلقتش على أي حاجة وماكانش لها أي رد فعل، والفيلم احتمال كبير أوي مايتوقفش ويتعرض والعالم كله يتفرج عليه، اللي عارف التاريخ الحقيقي عن كليوباترا واللي مش عارف، وفي اللي هيصدق وفي اللي هيقعد يحلل ويفكر ويدور على المعلومة الصح.

طب مش احنا مصدر المعلومة؟ مش احنا أصحاب الأرض والتاريخ؟ فين أفلامنا التاريخية اللي تقول احنا مين؟

في كتاب للمؤلف المصري أحمد رأفت بهجت بعنوان (مصر وسينما العالم) بيتكلم عن تاريخ مصر القديمة، بيقول: “إن هناك شغفًا عالميًا بمصر القديمة، عبر عنه مخرجون من الشرق والغرب في أفلام روائية وتسجيلية منذ بداية ظهور السينما في نهاية القرن التاسع عشر، لأهداف بعضها غير بريء، مثل تهويد التاريخ الفرعوني” وبيقول إن منها اللي شوه التاريخ وقلل من الإنجازات التاريخية.

أكتر من 500 فيلم عالمي اتعملوا عن تاريخ مصر، رقم لا يستهان به، مافيش أي دولة اتعملها عدد الأفلام دي، والملكة كليوباترا بالذات اتعمل عنها أكتر من 50 فيلم.

لو مش قادر تتغلب عليهم.. انضم لهم

في حكمة إنجليزية بتقول “لو مش قادر تتغلب عليهم.. انضم لهم” بمعنى إنك لو مش قادر توقف الماتش، سخن وانزل الاستاد والعب معاهم، العب بطريقتهم، اعمل فيلم أنت كمان وريهم مين هي الملكة كليوباترا أقوى وأشهر ملكات العالم، فرصة لنا علشان نبين تمسكنا أكتر بهويتنا ونقول ببساطة “احنا مين”، ونترجم الهجوم عليهم لعمل فني تاريخي بنفس الطريقة.

لما دورت على الأفلام التاريخية المصرية، لقيت فيها ندرة ماتتناسبش مع حجم ولا تاريخ 100 سنة سينما في مصر أو أكتر. أسباب كتير ممكن نقول عليها بتقلل من الإنتاجية؛ منها التكلفة العالية، وإن التحضير للأفلام التاريخية بيفوق تحضيرات الأفلام العادية أضعاف، لإن الموضوع مش بس سيناريو، لأ أنت بتسرد تاريخ مع حبكة درامية من غير ما تحاول تزيفه، أو بسبب إن المنتجين مقتنعين إن الجمهور “مش عايز كده”.

بس أكبر دليل على إن الجمهور متعطش للتاريخ هو الموقف اللي احنا فيه ده، الجمهور عمره ما كان عنده اختيارات كتير في الأفلام التاريخية علشان يقرر هو عايزها ولا لأ.

وبرغم إن التجارب اللي اتعملت قبل كده ركزت على الشكل الفني للفيلم التاريخي أكتر من التركيز على المضمون؛ زي فيلم (الناصر صلاح الدين) للمخرج يوسف شاهين، وبطولة الفنان الراحل أحمد مظهر، ورغم إن كان في اختلافات عليه من المؤرخين، بس اتحفر في ذاكرة المشاهد، بسبب الأجواء والملابس والديكورات وأداء الممثلين والموسيقى، وفيلم (المصير) ليوسف شاهين، كان من أهم الأفلام التاريخية اللي اتعملت.

ولو هنتكلم عن التكلفة، في أعمال تاريخية اتعملت قبل كده زي (علي الزيبق) ماكانتش تكلفتها عالية، لكن قدمت معنى وقيمة، وجسدت للناس سيرة شعبية كانوا بيتجمعوا علشان يتفرجوا عليها، ولو على التصاريح للتصوير في الأماكن الأثرية، احنا فعلًا بقينا نشوف في أعمال بتقدم جمال الأثري والتاريخي لمصر؛ زي مسلسل (راجعين يا هوى) يعني احنا نقدر نعمل بس لو دورنا على حلول وإجابات على الأسئلة اللي ممكن توقفنا.

صناعة الفيلم التاريخي تستحق اهتمام أكبر واستثمار من صناع الأفلام في مصر، لإن التاريخ بيبني هويتنا وهوية الأجيال اللي جاية، والجمهور بقى يحب يشوف أفلام أكتر من إنه يقرأ كتب، ولما يبقى عندنا إرث ثقافي تاريخي معمول صح، العالم هو اللي هييجي علشان يتفرج علينا، هيتفرج على أصحاب الحضارات وهما بيوروا تاريخهم، وآن الأوان العيش يرجع لخبازه.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: كليوباترا ونتفليكس: جدل بسبب اختيار البطلة بعد طرح البوستر الرسمي للفيلم

تعليقات
Loading...