حوارنا مع الدكتور رضا عبد الحليم: عن بناء الأهرامات وأسرار التحنيط وحاجات تانية
من حوالي أربع آلاف سنة، وقفت الأهرامات المصرية العظيمة كأضخم مباني في العالم القديم، وأكثرها إبهارًا لحد النهارده، وعلشان كده طلعت عشرات وعشرات النظريات اللي بتحاول تفسر طريقة بناء المبنى العجائبي ده.
فضل سر بناء الأهرامات يترنح بين نظريات اعتمدت على البحث العلمي والأدلة الأثرية، ونظريات خرافية اعتمدت على التفسيرات الماورائية، ونظريات تانية خلطت ما بين العلم والخرافة فيما يعرف بالـ (Pseudo science).
وانشغلت شريحة من الشعب المصري بقضية الأهرامات بعد سلسلة (الحضارة المفقودة) لأحمد عدلي على اليوتيوب، واللي ناقشت وظيفة الأهرامات وبناءها وتاريخها بشكل يناقض تمامًا السردية المعترف بها النهارده في علم الآثار.
وعلشان نوصل لرأي متخصص من العاملين في مجال علم المصريات (الآثار)، اتوجهنا لإدارة التوثيق الأثري بالمجلس الأعلى للآثار، وقابلنا المدير العام، الدكتور رضا عبد الحليم، اللي ناقش معانا بعض النظريات عن بناء ووظيفة الأهرامات المصرية، بالإضافة لأمور تانية بخصوص السياحة والآثار في مصر النهارده.
بناء الأهرامات ما بين الوظيفة والاقتصاد
استغرق بناء الهرم الأكبر، هرم خوفو، حوالي 30 سنة علشان يكتمل، وعمالة اتقدر عددها بحوالي 100 ألف عامل، بيقول الدكتور رضا إن قرى العمال اللي تم اكتشافها جنب الأهرامات بتدينا لمحة عن العدد الضخم من العمال اللي بنوا الهرم، بالإضافة لأسلوب حياتهم، والأكل والعناية الطبية اللي كانت بتتقدم لهم.
ولإن بناء بالحجم ده استهلك مصادر اقتصادية ضخمة كده، سألنا دكتور رضا ازاي قدر الفراعنة يوفروا العمالة والمصادر اللازمة لبناء الهرم، وإذا كان ده أثر على الوضع الاقتصادي في مصر في عصر الدولة القديمة، قبل ما يبدأ الإجابة عن سؤالنا أصر الدكتور رضا يوضح خطأ لفظي شائع.
بيقول عبد الحليم: “مافيش حاجة اسمها فرعوني، وماعدناش بنقول الحضارة الفرعونية، فرعون ده كان اسم شخص واحد جاء ذكره في القرآن الكريم 72 مرة في عصر سيدنا موسى”، وضح عبد الحليم إن ملوك مصر القديمة كان اسمهم ملوك، وإننا النهارده في علم المصريات بنقول مصر القديمة والحضارة المصرية القديمة.
أما في سياق الرد على السؤال السابق، بيقول عبد الحليم: “الملك خوفو ابن الملك سنفرو كان من أعظم ملوك مصر، قام على توظيف العمالة في عصره توظيف صحيح.. البناء ماكانش بيستمر طوال العام.. والحالة الاقتصادية كانت مزدهرة بسبب بناء الأهرامات”.
بيوضح عبد الحليم: “فيضان كان بيغطي الأراضي الزراعية لمدة تلات شهور، وبالتالي الزراعة بتقف لموسم كامل كل سنة، فكان الملك خوفو بيجيب العمالة المصرية علشان يبنوا الهرم ويكفل لهم العيش الكريم، ويديهم من ممتلكات الخزانة الملكية، وده واضح في آثار مقابر العمال الموجودة حوالين المجموعة الهرمية المكونة من الهرم ومعبد الوادي والمعبد الجنائزي والمراكب الجنائزية”.
أما عن بناء الهرم، فبيوضح: “أحسن نظرية شرحت رفع الأحجار هي نظرية الطريق الصاعدة، اللي بتقول إنه تم استخدام الشباب والحيوانات زي الثيران لرفع الحجر اللي ممكن يوصل وزنه لـ 70 طن، وبيكون رفع الأحجار دي على طرق صاعدة بتتعمل حوالين الهرم من الرمل وبقايا الأحجار المتكسرة”.
بيأكد عبد الحليم إن بناء الهرم كان معجزة أكبر من تخيلاتنا عنه: “الهرم اتبنى قبل عصر اكتشاف الحديد، واللي اتعرف في عصر الأسرة الـ 26 بس، أما هرم خوفو اتبنى في عصر الأسرة الرابعة، والأدلة الأثرية بتقولنا إنهم استخدموا مناشير من معادن مانعرفش هي إيه بالظبط لحد دلوقتي”.
بيوضح الدكتور رضا إن النقلة الحضارية اللي تمثلت في بناء الهرم الأكبر سبقها محاولات على مدار 500 سنة، منها بناء الهرم المدرج في سقارة، وهرمي زاوية العريان اللي بيقول عنهم: “من أقدم أهرامات مصر القديمة ومتسابين من غير حماية والناس بتتعدى عليهم”.
التحنيط بين الصنعة والطبيعة
سألنا الدكتور رضا ليه مالقيناش أي مومياء في الأهرامات رغم إنها مقابر في الأساس، رد عبد الحليم وقال: “لحد النهارده مالقيناش أي جثة متحنطة قبل الأسرة الـ17، وعلشان كده الملوك المصريين في الأسرات الأولى من بناة الأهرامات ماتحنطوش”.
بيوضح عبد الحليم: “الجثث المحفوظة من عهود قديمة قبل الأسرات زي حضارة نقادة وحضارة البداري، بنقول عليها دفنات، والفرق بينها وبين التحنيط إن في الدفنات بتتلف الجثة بشكل كويس جدًا وتُلقى في مكان الدفن اللي بيكون مكان جاف وحار، وبالتالي بيحفظ الجثة بشكل طبيعي”.
بيضيف: “أما التحنيط فهو معقد، وفيه بيُستخدم الراتنج وأملاح النطرون وغيرها من العطور والزيوت وأدوات التحنيط.. أما قبل الأسرة الـ17 ماكانش في جثث كاملة محتفظة بملامح الجسد من الجلد والشعر وتقاطيع الوش”.