من زمن فات: نساء رتلوا القرآن في الإذاعة المصرية
كان في ستات قارئات قرآن كتير على مدار تاريخ مصر، وأهم قارئات القرآن اللي نعرفهم النهارده تاريخهم يرجع لعصر الوالي محمد علي، وهي الشيخة أم محمد، اللي كان الوالي بيخليها تقرأ القرآن في مجلسه ومجلس كبار رجال الدولة.
وغير الشيخة أم محمد، عندنا قارئات قرآن كتير اشتغلوا في الإذاعة المصرية واتشهروا جدًا وكان لهم شعبية كبيرة، ولكن للأسف المصادر اللي بتأرخ لحياة ومسيرة قارئات القرآن المصريات قليلة.
واحد من المصادر الموجودة النهارده هو كتاب (ألحان السماء) اللي كتبه محمود السعدني سنة 1959، وكتب فيه عن أهم مقرئين القرآن في تاريخ مصر، ولكنه للأسف خصص خمس صفحات بس لأهم الأصوات النسائية اللي رتلت القرآن في مصر.
الشيخة أم محمد: الشيخة اللي فتحت الباب لقارئات القرآن في مصر
في كتابه (ألحان السماء) بيقول السعدني عن الشيخة أم محمد إنها عاشت في عصر محمد علي، وإنها فتحت الباب للستات إنهم يكونوا قارئات قرآن مشاهير ومهمين في العالم الإسلامي. وأكد السعدني إنها ماكانتش مجرد واحدة بترتل القرآن بس، لكن كانت معروفة بإحياء ليالي رمضان في قصر الوالي، وترتيل القرآن في بيوت كبار رجال الدولة، والأمراء، وإحياء المياتم.
قال السعدني إن أم محمد كانت مرتلة القرآن المفضلة عند الوالي، اللي كان بيديها هدايا كتير وبعتها في بعثة لأسطنبول علشان تحيي ليالي رمضان في حرملك السلطنة العثمانية.
بعد موت الشيخة أم محمد، أمر محمد علي باشا بإقامة جنازة رسمية شعبية كبيرة لها، وتم دفنها في مدفن اتعمل لها مخصوص في مقابر الإمام الشافعي، واللي كانت في الوقت ده مدافن الطبقات العالية من الشعب.
الشيخة كريمة العدلية: الشيخة اللي أدخلت قارئات القرآن للإذاعة
قصة الشيخة كريمة العدلية مختلفة تمامًا، فذكر السعدني في كتابه إنها كانت بتحب شيخها علي محمود، وحبها الشيخ محمود جدًا، وانتهت قصة حب قارئي القرآن الكفيفين بالجواز. وكانت بتحب تروح جامع الحسين علشان تسمعه بيرفع الأذان في صلاة الفجر، وكان الشيخ محمود بيحب يسمعها ترتل القرآن، وقال إنه بيحب صوتها في القرآن أكتر من صوت كتير من القراء الرجال.
رتلت القرآن في الإذاعة المصرية مع زوجها الشيخ محمد علي، ووصلت شهرتها لدرجة إن الإذاعة كانت بتقدمها مرتين؛ مرة الساعة 7 الصبح كقارئة قرآن والمرة التانية الساعة عشرة وأربعين دقيقة كمطربة. وده اللي ذكرته مجلة الراديو المصري في العدد الخامس والخمسين من أبريل سنة 1936.
وقال عصام النمر في مقاله (دولة التلاوة..بين قراء مشهورين وقارئات مجهولات): “المتأمل لما قدمته الإذاعة من أغنيات لكريمة العدلية القارئة أنها عالجت في غنائها قوالب الغناء مثل الطقطوقة والدور والموال والقصيدة إلى جانب تلاوتها المتعددة مع كل من الشيخة منيرة عبده وخوجة إسماعيل”.
الشيخة منيرة عبده
بيقول السعدني إن الشيخة منيرة عبده قرأت القرآن أول مرة في سنة 1920، وكانت وقتها طفلة عندها 18 سنة. سبب ظهورها ضجة كبيرة وبقت الإذاعات المصرية بتتهافت عليها لدرجة إنها بقت ند أو مثيل لمشايخ ومقرئين قرآن رجال كُبار.
ومن القصص اللطيفة في حياة منيرة عبده إن في سنة 1925 طلب تاجر ثري من تونس من الشيخة منيرة إحياء شهر رمضان في قصره في صفاقس وكان هيديها ألف جنيه، واللي كان مبلغ كبير أوي وقتها، لكن ماقدرتش الشيخة تروح، فقرر التاجر ييجي يقضي رمضان في القاهرة مخصوص علشان يسمع الشيخة.
بعد الحرب العالمية التانية وفي سنة 1949، منعت الإذاعة المصرية ظهور الشيخة منيرة عبده والشيخة كريمة العدلية، بعد ما هاجم بعض الشيوخ وجود الستات في الموقع ده.
الشيخة نبوية النحاس
كان ظهور الشيخة نبوية النحاس طفرة في ترتيل القرآن من خلال موجات الإذاعة المصرية، وتزامن ظهورها مع اتنين من أهم مرتلات القرآن في تاريخ الإذاعة؛ الشيخة كريمة العدلية والشيخة منيرة عبده. وكانت المنافسة على قلوب المستمعين بين الشيختين على أشدها في الوقت ده لحد ما دخلت المنافسة وبقوة الشيخة نبوية النحاس، وبقت في وقت قصير قامة مهمة من قامات الترتيل الإذاعي.
في فصل بعنوان (من الشيخة أم محمد إلى الشيخة كريمة العدلية) كتب السعدني عن الشيخة نبوية النحاس في كتابه ألحان السماء: “إن السيدة نبوية كانت واحدة من 3 سيدات اشتهرن بتلاوة القرآن الكريم ومعها السيدة كريمة العدلية والسيدة منيرة عبده”.
وقال إن النحاس كانت بترتل القرآن في أقسام مخصوصة للستات في المناسبات الخاصة، وكانت تعتبر آخر ست مصرية ترتل القرآن الكريم في المناسبات العامة وفي الاحتفالات الدينية وفي المياتم والأفراح.
وختم السعدني فصل النحاس وقال: “بموت السيدة نبوية النحاس، انطوت صفحة رائعة من كتاب فن التلاوة والإنشاد الدينى فى العصر الحديث”. وماتت النحاس سنة 1973، وبموتها انتهى عصر مرتلات القرآن من النساء.
الشيخة سكينة حسن
تعتبر الشيخة سكينة حسن أول مرتلة قرآن كريم تسجل أسطوانات القرآن بصوتها الملائكي اللي وصل شهرتها للعالمية من خلال إذاعة القرآن الكريم، وصدح صوتها مرتلًا للقرآن في لندن وباريس وحول العالم. أما في مصر فكانت الشيخة سكينة ترتل القرآن في المياتم والمناسبات إلى جانب عملها في الإذاعة المصرية.
في سنة 1939، صدرت فتوى بتحريم قراءة النساء للقرآن الكريم في الإذاعة بحجة إن صوت المرأة عورة، وهي الفتوى اللي قال عنها عادل السنهوري في مقاله في اليوم السابع إنها صدرت بعد قيادة بعض رجال الدين لحملة ضد المرتلات من النساء.
بعد صدور الفتوى دي تم منع أصوات المرتلات في الإذاعة، فاتجهت الشيخة سكينة للغناء، وسجلت مجموعة مميزة من الطقاطيق زيّ طقطوقة “أحبٌ في فؤادي”، “وسهام عيونك”، و”حيرتني في جمالك”، وغيرها.
وكده اتحولت الشخية سكينة من الشيخة سكينة مرتلة القرآن للسيدة سكينة المطربة، واللي اعتنقت أسلوب طربي رصين في غناء الطقاطيق. وعلشان تعرف عنها أكتر، ممكن تقرأ المقال اللي كتبناه عنها هنا.
الشيخة خوجة إسماعيل
كتب عنها عصمت النمر في مقاله إن الإذاعة قدمت قارئة تالتة بعد كريمة العدلية ومنيرة عبده هي الشيخة “خوجة إسماعيل”، وقال إن تلاوتها الإذاعية الأولى كانت الساعة 10 الصبح يوم الأحد 5 أبريل 1936، وذكر اللي قالته مجلة الراديو المصري في العدد 571 سنة 193، وهو إن في الظهور الأول للشيخة خوجة إسماعيل، كان ليها تلات تلاوات صباحية أيام 19 و21 و23 أبريل 1936.
وزاد اهتمام الإذاعة بتلاوة الشيخة خوجة لدرجة إنها كانت مسئولة في وقت من الأوقات عن التلاوات النسائية كلها، واللي بلغ عددها 3 تلاوات في الأسبوع الواحد.
الشيخة منيرة أحمد المصري
بعد تذبذب واضح في تقديم الإذاعة لقارئات القرآن خلال الأربع سنين ما بين سنة 1936 وسنة 1939، واختفاء الشيخة خوجة إسماعيل من إذاعة القرآن الكريم، قدمت الإذاعة قارئة جديدة هي الشيخة منيرة أحمد المصري.
ولكن للأسف مافيش أي مصدر يقول لنا معلومات أكتر عن حياة ومسيرة الشيخة منيرة المصري في إذاعة القرآن الكريم.
ليه انتهى عصر قارئات القرآن؟
بيقول عادل السنهوري في مقاله (قارئات القرآن فى الإذاعة المصرية): “ورغم إشارة السعدني فى كتابه إلى انتهاء عصر تلاوة النساء مع وفاة نبوية النحاس، إلا أن ذلك العصر انتهى فقط مع أثير الإذاعة المصرية، ولا تزال القارئات المصريات متواجدات وعضوات فى نقابة قراء القرآن الكريم بالعشرات، وحارب من أجلهن آخر رواد دولة تلاوة القرآن فى مصر، الشيخ أبو العينين شعيشع حتى وفاته عام 2011، غير أن الإذاعة المصرية رفضت السماح لهن بالتلاوة”.