في دورته الخامسة بين 4 و12 ديسمبر 2025، يطل مهرجان البحر الأحمر السينمائي كمنارة تعيد تشكيل علاقة السعودية بالصورة، وتعلن حضورها العالمي بثقة تنبع من جدة الساحلية دائمًا.
تحتفل هذه الدورة بخمس سنوات صنعت ذاكرة سينمائية متجددة، وتمنح المشهد السعودي قوة تعكس تحولات اللحظة، وتدفع الصناعة نحو آفاق عالمية واسعة جديدة.
وبما أنه أول مهرجان سينمائي سعودي دولي، يصبح الرجوع إلى البدايات ضرورة لفهم الحكاية: من عروض الأحواش الأولى حتى تجارب الأندية الرياضية المزدهرة.
كيف بدأت الحكاية؟ وكيف امتدت الرحلة من الأحواش المفتوحة إلى السجادة الحمراء المطلة على البحر الأحمر؟
لا تفوّت قراءة: أرقام صادمة في مصر! ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 3.1% وانخفاض الزواج بنسبة 2.5%
قبل مهرجان البحر الأحمر السينمائي كيف كانت البداية مع أرامكو؟
عند استعراض تاريخ السينما، يظهر دور شركة أرامكو، التي كانت تسمى سابقًا شركة الزيت العربية الأمريكية.
وفي عام 1950، أنتجت الشركة فيلمًا مدته ثلاثون دقيقة صُور في الهفوف بالاحساء، وقد عُرض الفيلم لسكان المنطقة الشرقية.
وشارك في بطولته الدكتور حسن الغانم، كما أنتجت أرامكو لاحقًا أفلامًا مثل “جزيرة العرب” عام 1955 و”الحرب على الملاريا” عام 1956.

لا تفوت قراءة: إلى أي مدى تطابق فيلم الست أم كلثوم مع الحقيقة؟ مشاهد بين الواقع والدراما
انتشار سينما الأحواش… الشاشة التي سبقت دور العرض

الأحواش كانت أفنية المنازل الواسعة، وتحوّلت تدريجيًا إلى صالات عرض شعبية للأفلام، وفي جدة، أقام فؤاد جمجوم عروضًا تجارية بحارة الجماجمة في حي البغدادية عام 1962.
وكان جمجوم يزوّد ملاك الأحواش بأجهزة البث السينمائي، ما ساهم في ازدهار العروض داخل الأحياء، وظهرت سينما أبو صفية في الهنداوية، وسينما الغامدي في حي كيلو 2، وسينما السحاحيري في حي الشاطئ.
وكانت البكرات تدور بعد صلاة المغرب، وتعكس الصورة على شراشف بيضاء في الساحات المفتوحة، وبعد العروض، ينقل الحضور تفاصيل الأفلام لمن غاب عنها بسبب الوقت أو المال.
لا تفوت قراءة: كيف استعدت منى زكي لتجسيد أم كلثوم في فيلم “الست”؟ كواليس تدريب 15 شهرا
من الأحواش إلى الأندية… السينما تتوسع في الستينيات والسبعينيات

ظهرت السينما في السعودية مع بداية الخمسينيات عبر فيلم “الذباب” الذي أنتجته أرامكو عام 1950، وكان الفيلم بطولة حسن الغانم، الذي أصبح أول ممثل سينمائي سعودي في تاريخ المملكة.
وبالتزامن، انتقلت العروض من التجمعات الأجنبية وبعض المنازل الثرية إلى الأندية الرياضية، وقدمت أندية مثل النصر والهلال عروضًا منتظمة للرجال في الستينيات والسبعينيات.
كما ازدهرت الصناعة بالتعاون مع السينما المصرية لإنتاج أفلام مشتركة خلال تلك المرحلة، واتسعت سينما الأحواش في جدة إلى ثمانية أحواش، قبل انتشارها لاحقًا في الطائف والمدينة.

لا تفوت قراءة: 200 ألف جنيه والتعريفة بـ15 جنيه.. السيارة “كيوت” البديل العصري للتوك توك في مصر
جمهور متنوع… نساء يشاهدن من الأسطح وتنافس بين الملاك

أسهم انتشار الأحواش في تكوين بيئة سينمائية توزّع بوسترات الأفلام على أسوار المنازل، وظهرت لاحقًا صالات مغلقة تستقبل العائلات، بينما كانت النساء يشاهدن العروض من أسطح المنازل.
وكانت السينما متنفسًا بصريًا يتفوق على التلفاز بفضل الإبهار وطبيعة المشاهدة الجماعية، كما استأجر الملاك أحدث الأفلام مثل جيمس بوند وأعمال فريد شوقي وإسماعيل ياسين.
لا تفوت قراءة: تجربة الـ”Food Trucks”: عربات طعام لا تفوتك في دبي
توقف طويل… ثم عودة جديدة وصولًا بمهرجان البحر الأحمر السينمائي
شكلت هذه المرحلة الأولى من السينما السعودية، التي بدأت بأفلام أرامكو وسينما الأحواش والأسطح والأندية.
ولكن نهاية السبعينيات شهدت موجة تطرف أعقبت حادث الحرم عام 1979، فتوقفت السينما لأربعين عامًا، وسجل فيلم “ضد السينما” للصحفي والمخرج علي سعيد هذه الحكاية، عائدًا لأكثر من مئة عام من الذاكرة.
وفي 2017، بدأت مرحلة جديدة مع إعلان التراخيص الرسمية لافتتاح دور العرض. وعرض أول فيلم في الرياض عام 2018، تبعته جدة التي افتتحت صالاتها عام 2019.
من القماش المشدود على جدران الأحواش إلى سجادة مهرجان البحر الأحمر، تستعيد جدة دورها السينمائي، وهكذا تصبح المدينة بوابة لحكايات سعودية جديدة تمتد من الساحل إلى العالم.




