طالما كانت الموسيقى لغة الشعوب، وصوتًا يعلو فوق الضجيج السياسي، فتُولد الأغاني من رحم الألم، وتحمل بين نغماتها قضايا إنسانية تلامس الوجدان. ومن بين هذه القضايا، برزت فلسطين كرمز للمقاومة والكرامة، لتجد في الفن متنفسًا ومعبرًا عن معاناة شعب بأكمله.
نستعرض 8 أغانٍ عالمية عبّرت بصوت الفن عن آلام الفلسطينيين، ووقفت ضد الاحتلال والظلم. من كلمات تنطق بالحق، إلى ألحان تهزّ الوجدان، امتزجت الرسالة الإنسانية بالإبداع الفني لتصل إلى الملايين، وتشكل جزءًا من الذاكرة الثقافية العالمية الداعمة لفلسطين.
اكتشف كيف تحوّلت الأغنية إلى سلاح ناعم في وجه القمع، وكيف اختار فنانون عالميون أن يقولوا “فلسطين حرة” على طريقتهم.
لا تفوّت قراءة: كيف بدأ الساحل الشمالي؟ رحلة من مصايف العجمي ومارينا لمدن الجيل الرابع ورأس الحكمة
“فلسطين لن تموت أبدًا” (Palestine Will Never Die).. صرخة غنائية من Lowkey ومي خليل في وجه العدوان
في بداية حرب غزة 2023، أطلق مغني الراب البريطاني لوكي (Lowkey) والفنانة مي خليل أغنية بعنوان “فلسطين لن تموت أبدًا”.
تُسلّط الأغنية الضوء على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة، وتروي معاناة المدنيين تحت القصف والدمار بشكل مؤثر وصادق.
يُعبّر Lowkey في كلمات الأغنية عن قسوة الحياة اليومية في غزة، مشيرًا إلى الحصار والدمار والمأساة المستمرة منذ عقود.
يأتي صوت مي خليل ليمنح الأغنية عمقًا إنسانيًا، حيث يُضفي أداؤها العاطفي طابعًا حزينًا لكنه مفعم بالأمل والثبات.
تتناول الأغنية أيضًا انحياز بعض وسائل الإعلام، مسلّطة الضوء على التغطية القاصرة لجرائم الحرب بحق المدنيين الفلسطينيين.
وفي سياق متصل، تشير الأغنية إلى تصاعد الدعم العالمي لفلسطين، وانتشار الوعي الشعبي بالقضية في مختلف دول العالم.
Rusting from The River To The Sea Palestine will be free from
“فلسطين ستكون حرّة” (Palestine Will Be Free).. رسالة أمل من ماهر زين بعيون طفلة فلسطينية
أطلق الفنان السويدي اللبناني ماهر زين أغنية “فلسطين ستكون حرّة” عام 2009، من إنتاج Chase Animation وإخراج أندرو مورغان.
تميّز الفيديو كأول عمل موسيقي كرتوني عن فلسطين، يروي قصة فتاة صغيرة تواجه الظلم بشجاعة وإيمان بالمستقبل.
رغم قسوة المشاهد، تنقل الأغنية رسالة أمل، مجسّدةً إصرار الشعب الفلسطيني على التمسّك بالحياة والحرية. وحققت الأغنية انتشارًا واسعًا منذ لحظاتها الأولى، ولاقت تفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل ومحطات البث العالمية.
وأوضح ماهر زين أن الأغنية وُلدت من رحم الألم، أثناء العدوان على غزة في يناير 2009، وكانت صرخة فنية للإنسانية. وقال ماهر: “أردت تذكير نفسي والناس أن هناك بشرًا مثلنا، جريمتهم الوحيدة أنهم وُلدوا في فلسطين”.
لا تفوّت قراءة: من الاستفتاءات إلى الستوريز.. أشهر محطات الخلاف بين تامر حسني وعمرو دياب عبر السنوات
“Leve Palestina” (تحيا فلسطين).. الأغنية السويدية التي أصبحت نشيدًا عالميًا للمقاومة
كتب الفنان الفلسطيني جورج توتاري أغنية “Leve Palestina” في السبعينيات، لتكون أولى الأغاني التي نقلت صوت فلسطين إلى الغرب.
عادت الأغنية بقوة خلال حرب غزة في أكتوبر 2023، وارتفعت كلماتها في مظاهرات ضخمة بالعاصمة السويدية ستوكهولم.
هتف المتظاهرون: “Leve Palestina och krossa sionismen…”، ما أعاد الأغنية إلى الواجهة كرمز رافض للحرب والاحتلال.
انتشر مقطع من تلك الاحتجاجات عبر تيك توك، ولاقي دعمًا واسعًا من مستخدمين في باكستان وأفغانستان وتركيا ودول أخرى. وتحوّلت الأغنية إلى نشيد احتجاجي متداول في الشوارع السويدية، خصوصًا خلال الفعاليات المؤيدة لفلسطين.
وفي أبريل 2024، غنّى نشطاء الأغنية داخل مترو ستوكهولم، مرتدين الكوفية الفلسطينية وسط تفاعل شعبي واسع. وتُجسد “Leve Palestina” كيف يمكن للأغنية أن تتجاوز حدود الفن، وتتحوّل إلى أداة نضال جماهيري ضد الظلم.
لا تفوّت قراءة: الناشئ حسن نجم البنك الأهلي الصاعد.. حلمه ريال مدريد وخطاه تشبه محمد صلاح
“Hind’s Hall 2”.. ماكلِمور يشعل الساحة بأغنية احتجاجية داعمة لفلسطين
أصدر مغني الراب الأمريكي ماكلِمور أغنيته الجديدة “Hind’s Hall 2” في سبتمبر 2024، استمرارًا لمواقفه الجريئة الداعمة لفلسطين.
جاءت الأغنية امتدادًا لأغنيته السابقة “Hind’s Hall” التي أطلقها في مايو، وتبرع بجميع عائداتها لصالح وكالة UNRWA USA. وتميّزت “Hind’s Hall 2” بمشاركة أصوات فلسطينية وعربية، لتكون صرخة فنية موحدة ضد الظلم والاحتلال.
شارك في الأغنية مغني الراب الغزي MC Abdul، والفنان الأمريكي الفلسطيني Anees، والكاتب عامر زهر.
كما ضمت الأغنية كورال أطفال فلسطينيين من لوس أنجلوس، وفرقة Lifted! Youth Gospel Choir، والمغنية تيفاني ويلسون. وعُرضت الأغنية لأول مرة في مهرجان “Palestine Will Live Forever” بمدينة سياتل، مسقط رأس ماكلِمور.
شهد العرض حضورًا جماهيريًا واسعًا، وتفاعلًا لافتًا مع كلمات الأغنية ورسالتها القوية المؤيدة للحرية والعدالة.
In our lifetime We will be free One day when the light shines We will be free
“فلسطين الحمراء” (Rossa Palestina).. أغنية إيطالية حادّة في وجه الاحتلال وحلفائه
تُعد أغنية “Rossa Palestina” من أوائل الأغاني العالمية التي غنّت لفلسطين بلغة سياسية مباشرة وحادة.
وصدرت الأغنية عام 1973، في ذروة نشاط حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية في الساحة الدولية.
كتب كلمات الأغنية السياسي الإيطالي أمبرتو فيوري، عضو الحزب الشيوعي الإيطالي، بتوجه نقدي صريح. وهاجمت الأغنية الكيان الصهيوني بشكل مباشر، وأدانت الدول الداعمة له دون مواربة.
كانت تُغنّى بشكل واسع في صفوف الحركة الطلابية اليسارية الإيطالية، التي دعمت القضية الفلسطينية. ومثّلت “Rossa Palestina” نموذجًا للفن الثوري الأوروبي المناصر لنضال الشعوب ضد الاستعمار والهيمنة.
لا تفوّت قراءة: الناشئ حسن نجم البنك الأهلي الصاعد.. حلمه ريال مدريد وخطاه تشبه محمد صلاح
“الحرب والسلام” (War and Peace).. نادر خان يعرّي وحشية الحرب بصوتٍ خافت وضميرٍ عالٍ
أطلق المغني الكندي نادر خان أغنية “War and Peace” كردّ فني مؤثر على الحرب في غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023.
تعتمد الأغنية على إيقاعات بسيطة دون زخرفة موسيقية، ما يعزز وقع كلماتها المؤلمة وتساؤلاتها حول أخلاقيات الحرب.
ترصد الأغنية كيف طمس الصراع مفاهيم العدالة، مع استمرار سقوط المدنيين الفلسطينيين يومًا بعد يوم. وليست الأغنية مرثية فقط، بل صرخة ضمير إنساني في وجه آلة الحرب وصمت العالم.
وتبرع نادر خان بكامل عائدات الأغنية لدعم المساعدات الإنسانية في فلسطين بنسبة 100٪، ما عزز رسالتها الأخلاقية.
تقول كلماتها: “هجمات عشوائية، ورصاص يخترق القلوب… تجاهل بكاء الأطفال مع بدء الهجوم البري”، وتضيف: “فن اللوم يطمس العار… القمع يعشق آلة الحرب، مهما كان الثمن”.
لا تفوّت قراءة: ليلة سقوط مشاهير “تيك توك” في مصر.. كيف يتربح التيك توكرز من الهدايا الافتراضية؟
“يا فلسطين، يا فلسطين” (Oh Palestine, Oh Palestine).. سيث ستاتون واتيكنز يروي القصة بنغمة إيرلندية حزينة
اختار المغني الشعبي الأمريكي سيث ستاتون واتيكنز أسلوبًا مميزًا لأغنيته “يا فلسطين، يا فلسطين”، بلحن إيرلندي تقليدي يمزج التمرد بالحزن.
تختلف هذه الأغنية عن النمط الاحتجاجي الصريح، لكنها تسرد تاريخ النكبة الفلسطينية منذ عام 1948 بكلمات موجعة وإحساس صادق.
برغم بساطتها، تحمل الأغنية وقعًا مؤثرًا، وتعكس تضامنًا إنسانيًا مع الشعب الفلسطيني ومعاناته المستمرة تحت الاحتلال.
كتب واتكنز ملاحظة مؤثرة مرفقة بالأغنية، أكد فيها تأثره بالمجازر والضحايا المدنيين خلال حرب غزة الأخيرة.
قال: “شاهدت لقطات لا تُمحى من الذاكرة، وأبكي على الشهداء وكل من لا يزال يعاني حتى اليوم”.
تمثل الأغنية صوتًا فرديًا لكنه صادق، يعكس كيف تصل القضية الفلسطينية إلى وجدان الناس من خلفيات وثقافات مختلفة.
“غزة تنادي” (Gaza is Calling).. مصطفى يستعيد صداقته الفلسطينية بأوتار عربية وحنين مؤلم
كتب المغني والشاعر السوداني-الأمريكي مصطفى أغنية “غزة تنادي” عام 2020، لكنها صدرت رسميًا عام 2024 كأغنية خيرية. وخصصت جميع عائدات الأغنية لمنظمة “إغاثة أطفال فلسطين”، دعمًا للأطفال المتأثرين بالنزاع في قطاع غزة.
تتميّز الأغنية بمزج أوتار عربية ناعمة مع صوت مصطفى الحزين، ما يعزّز من وقعها الإنساني العميق. وتحكي الأغنية عن صداقته مع طفل فلسطيني في تورونتو، حيث جمعتهما الطفولة في حي يغلي بالذكريات والصراعات.
يقول: “نشأنا في شارع تلتقي فيه كل الحروب… لكنك كنت قدوتي في التحمل والمضي قدمًا”. ويضيف: “ترتدي الكوفية كما لو كانت وريدًا… لا تسمح لأي شيء أن يفلت من ذاكرتك”.
أخرجت الفيديو الفنانة هيام عباس، وقدّمت من خلاله صورة بصرية مؤثرة تعكس الغربة والارتباط العاطفي مع فلسطين.