سوريا على شفا حرب جديدة: صراع القوى بين نظام بشار الأسد والمعارضة المسلحة

أعلنت المعارضة المسلحة في شمال غربي سوريا، يوم أمس، عن تمكنها من السيطرة على مواقع عسكرية وأماكن عدة في ريف حلب الغربي، من خلال عملية “ردع العدوان”، وذلك بعد مواجهات مع قوات النظام السوري.

وفقًا لبيان “إدارة العمليات العسكرية لمعركة ردع العدوان”، فقد استطاعت قوات المعارضة الاستيلاء على الفوج 46، الذي يعد من أبرز المواقع العسكرية التابعة للنظام في غرب حلب.

ونتيجة لذلك، رد الجيش السوري بمساندة من روسيا على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة شمالي غرب البلاد. وأسفرت المواجهات عن مقتل 140 شخصا من الطرفين.

تشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعًا دامياً أسفر عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارًا هائلًا بالبنية التحتية، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

أين يتمركز المسلحون الآن؟

قال مصدر عسكري إن المسلحين قد تمكنوا من التقدم وأصبحوا على مسافة حوالي عشرة كيلومترات من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضع كيلومترات من بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين تتمتعان بوجود قوي لجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.

وأضاف المصدر أن الفصائل المسلحة قد هاجمت أيضًا مطار النيرب شرقي حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

لماذا الصراع الآن؟

تقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء ردًا على تصعيد الضربات الجوية الروسية والسورية ضد المدنيين في جنوب إدلب.

الهجوم جاء أيضًا استباقًا لأي هجمات من الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة.

تؤكد المعارضة أن أكثر من 80 شخصًا، معظمهم مدنيون، قُتلوا منذ بداية العام بغارات بطائرات مسيرة.

وتستغل دمشق الصراع للسيطرة على الأراضي قرب الحدود مع تركيا، حيث يعيش أكثر من 3 ملايين نسمة.

ما وراء تغيير خرائط السيطرة في شمال سوريا

يرجح خبراء أن الهجوم قد يدفع روسيا للتدخل وتعزيز المفاوضات مع تركيا بشأن قضايا أوسع، وهو ما رفضته سابقًا.

والسبب الآخر، هو رفض الأسد التقارب مع إردوغان، ورغم استعداد دمشق الظاهري، إلا أنها لم تتخذ خطوات فعلية للمصالحة.

ولعل السبب الثالث لذلك، أن الهجوم قد يرتبط بقصف قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي وقد يتطور لعملية تركية مشابهة للضربة المفاجئة.

والسبب الأخير، جاء نتيجة التوتر بين الأسد وحزب الله والضغوط الخارجية أضعفت التنسيق بينهما، فيما أضعف الغزو الروسي لأوكرانيا ونضوب الدعم الإيراني نفوذهم في سوريا.

سوريا على شفا حرب جديدة

في إدلب، بدأت العملية العسكرية على محورين: الأول في ريف حلب الغربي، والثاني في ريف إدلب الشرقي.

في المحور الأول، سيطرت فصائل المعارضة على نحو 20 موقعًا، بما في ذلك قرى وبلدات ونقاط عسكرية.

وأبرزها “الفوج 46” الذي يعد موقعًا استراتيجيًا وخط دفاع رئيسي عن مدينة حلب، التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن الفصائل.

أما في ريف إدلب الشرقي، بدأت الفصائل هجومها على مدينة سراقب الواقعة على الطريق الدولي دمشق-حلب، وأعلنت سيطرتها على قرية داديخ وتلتها المطلة على الطريق الدولي.

كما أكدت المعارضة أنها سيطرت على 17 قرية وبلدة في المنطقة، بما في ذلك قبتان الجبل، عينجارة، أورم الصغرى، الشيخ عقيل، وكفربسين، مما يعكس تقدمها الاستراتيجي في تلك المنطقة.

ماذا عن ردود الفعل؟

توقيت إعلان المعارضة عن بدء “معركة ردع العدوان” أثار جدلًا واسعًا بين جمهور منصات التواصل الاجتماعي، خاصة أنها جاءت بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.

رحب البعض بانطلاق العملية العسكرية باعتبارها خطوة ضرورية للدفاع عن المناطق المحررة.

وأبدى آخرون استغرابهم وتعجبهم من توقيتها، مشيرين إلى أن الظروف الإقليمية قد تكون معقدة وتؤثر على الوضع العسكري في سوريا.

يعتبر هذا الهجوم، هو الأكبر منذ مارس 2020، حين وافقت روسيا على دعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، ما تسبب في تشريد الملايين.

قال ناشطون سوريون إن الهدف الإستراتيجي من “معركة ردع العدوان” يتحقق من خلال غايتين رئيسيتين:

1- حماية المناطق المحررة وردع الاعتداءات: تسعى العملية إلى التصدي للهجمات المستمرة والقصف الذي تشنه قوات النظام والمليشيات الإيرانية على المناطق المحررة، وضمان أمن المدنيين القاطنين فيها.

2- منع إعادة تمركز “مليشيات إيران وحزب الله اللبناني”: يهدف الهجوم إلى منع تلك المليشيات من تعزيز وجودها العسكري في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مما يؤثر على ميزان القوى في المنطقة.

علق المدونون على “معركة ردع العدوان”، معتبرين أن بدء العمليات العسكرية من قبل قوات المعارضة السورية في حلب بعد إعلان وقف إطلاق النار في لبنان يشير إلى فتح جبهة جديدة وصراعات داخلية في سوريا.

ووصفوا هذه الخطوة بأنها رسالة للنظام، وقادة الفصائل، وإيران بأن وجودهم في المنطقة قد يقترب من نهايته، أو أنهم سيُجبرون على مواجهة صراعات داخلية لحماية مصالحهم.

من جهة أخرى، شدد آخرون على حق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه وطرد المليشيات الأجنبية من أراضيه، مؤكدين أن هذه العملية جزء من السعي لاستعادة السيطرة وتأمين الأمن في المناطق المحررة.

من المشارك في الهجوم؟

أكدت إدارة العمليات العسكرية لمعركة ردع العدوان أن قوات المعارضة تمكنت من الاستيلاء على آليات وذخائر وأسلحة ثقيلة خلال المعارك.

كما أفادت بأنها قتلت أكثر من 40 عنصرًا من قوات النظام السوري والمجموعات الموالية له.

وقد شارك في الهجوم على قوات النظام كل من مقاتلي هيئة تحرير الشام وفصائل الجيش الوطني السوري، مما يعكس التنسيق بين المجموعات المعارضة لتحقيق هذا التقدم العسكري.

كيف ردت الحكومة السورية وحلفائها؟

نقلت مواقع إخبارية موالية للمعارضة أن طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام السوري نفذت غارات جوية على مناطق تحت سيطرة الفصائل المسلحة في ريف حلب وإدلب.

كما أفادت المصادر نفسها أن تلك المناطق تعرضت أيضًا لـ قصف بصواريخ أرض-أرض، مما يشير إلى تصاعد حدة الاشتباكات والعمليات العسكرية بين الأطراف المتصارعة في المنطقة.

متى بدأت المعركة؟

أعلنت المعارضة المسلحة، في وقت سابق من الأمس، بدء “معركة ردع العدوان”.

وأوضح حسن عبد الغني، المتحدث باسم غرفة عمليات الفتح المبين، التي تشمل هيئة تحرير الشام، الجبهة الوطنية للتحرير، وفصائل أخرى، أن الهدف من هذه العملية هو توجيه “ضربة استباقية” ضد الحشود العسكرية لقوات النظام السوري والمليشيات الموالية له، التي تشكل تهديدًا لـ “المناطق المحررة”.

ما أسباب اشتعال صراع القوى؟

أفاد ناشطون بأن الفصائل المسلحة رصدت تحركات كبيرة لقوات النظام في الأيام الأخيرة على محاور ريف حلب الغربي، مما استدعى رفع الجاهزية العسكرية.

في وقتٍ تصاعد فيه قصف النظام المدفعي والصاروخي على مدن وبلدات مثل الأتارب ودارة عزة وغيرها من مناطق ريف حلب الغربي.

وفي سياق متصل، أفادت مصادر المعارضة السورية المسلحة بمقتل 3 أطفال وإصابة آخرين يوم الثلاثاء الماضي جراء قصف قوات النظام الذي استهدف معهدًا للعلوم الشرعية في مدينة أريحا بريف إدلب.

ماذا عن الخسائر؟

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بارتفاع عدد القتلى في الاشتباكات المستمرة منذ 24 ساعة إلى 140شخصًا، بينهم 65 من هيئة تحرير الشام، و18 من فصائل الجيش الوطني، و49 عنصرًا من قوات النظام.

وقد اندلعت هذه الاشتباكات بعد أن شنّت هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها “عملية عسكرية” على مناطق سيطرة النظام في حلب، مما أدى إلى تقدمهم بالقرب من المدينة.

وقال الجيش السوري ومصادر معارضة إن غارات روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب البلاد لصد هجوم للمعارضة استولت خلاله على أراض لأول مرة منذ سنوات.

يذكر أن في إدلب ومحيطها منذ 6 مارس 2020 يسري قرار وقف لإطلاق النار أعلنت عنه موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل.

آخر كلمة ماتفوتوش قراءة: نساء وأطفال السودان: الضحايا الصامتون في صراع الجنرالات

تعليقات
Loading...