وفي الليل يرقصن: تسجيلي عن مهنة وحياة راقصات الأفراح الشعبية في مصر
بيبدأ الفيلم بهند على مسرح واحد من الأفراح شعبية تتمايل في بدلة رقص عريانة وعلى وشها كميات كبيرة من الماكياج وعلى راسها باروكة رخيصة، بترقص وسط رجال شكلهم بيوحي بالخطر، وعلى وشها ملامح متجمدة، زي لعبة قديمة معندهاش مشاعر وملهاش ملامح، بتهز وسطها وبتعمل شغلها بتاع كل يوم.
جدتهم اللي حجت بيت ربنا بتصلي الفجر وتدعي ربنا بالرزق والستر وبتقوم من على المصلية تستقبل حفيداتها ببدل الرقص الرخيصة. كميات كبيرة من المكياج وموبايلات قديمة وباروكات شعر رخيصة ورديئة ودوشة كتير في كل المشاهد.
بوسي وأميرة عايشين مع أمهم في واحد من بيوت الأحياء العشوائية المتكومة فوق بعض زي العشش اللي ماتنفعش مسكن أدمي، ورضا بتحاول تحافظ على بيتها اللي مافهوش أثاث وفي أيدها طفلين، عبير وبكار، وجنين سابهم جوزها اللي مات قبل تصوير الفيلم بخمس شهور وسابلها بكاء وحلفان إنها حتفضل تحبه لحد ما تروح له.
في البداية هتحس إنهم مبسوطين كده، هند وأميرة وبوسي وأمهم رضا. الرقص في الأفراح الشعبية هو شغلهم، نازلين طالعين من غير حاكم ولا رابط، بيعملوا اللي على مزاجهم، بيهزوا ويكسبوا فلوس كتير وماحدش هاممهم.
لكن في مشهد مرعب تكتشف إن متعهد الأفراح ممكن يدخل أوضة نوم بوسي وهي نايمة، ويرميلها 400 جنية عربون الفرح، من غير ما حد يقدر يوقفه، وتكتشف إن بوسي اللي بتمر بإعراض إنسحاب من الهيروين، لو ماقدرتش تروح الفرح، مش هيكفي إعتذار ورد العربون، لازم أمها تتمسكن وتحلف وتبكي وتكدب علشان متعهد الأفراح ما يأذيش بنتها اللي نايمة على الأرض جمبه، بطنها باينة وشعرها منكوش ومش قادرة تتحرك علشان زي ما رضا بتقول “السم بيطلع من جتتها”.
بوسي بتضرب هيروين علشان تسكن وجع بياكل جتتها من ساعة ما جوزها أخد منها ابنها الرضيع وهرب علشان مايشوفش أمه رقاصة.
هند سابت بيت أمها وراحت تعيش مع أبوها في أسكندرية علشان أمها بتشتمها بسبب علاقتها بعلاء، بتقول: “لما أمي اللي ولدتني تقول عليا ******، الناس التانية تقول عليا أيه؟”. بالجملة دي بتفسر هند اللي عندها 16 سنة وبتشتغل رقاصة سبب رفضها العيشة مع أمها رضا.
هند مراهقة فقدت الأمل في الحب ومع ذلك بتحب علاء علشان بيخاف عليها وبيوصلها البيت لما تخلص شغلها بعد الفجر وماتلاقيش حد يوصلها، بس برضه بتقول إنه عمرها ما هتتجوزه علشان هو متجوز، وإنه “حرام أخرب بيته.. هو ف الآخر ليها مش ليّا.. هيتجوزني سنة ولا اتنين ولما يطولني هيقولي مع السلامة”.
“لو اتجوزني هياخدني بنت ويسيبني مرة، ولو خلف مني ممكن يسيبني، ويقولي والله كل واحد يروح لحاله. والبنت دلوقت يعني إيه.. ألف واحد بيجري واراها .. و الألف واحد مش طايلها.. لما تكون بقي مدام.. الدنيا كلها تبقي عادي بقي.. بالنسبالهم عادي.. يعني إنتي كنتي قدامنا ومكناش طايلينك.. لكن إنتي دلوقتي بقى مِطالة.. مانتي بقيتي مش بنت”.
هتكتشف إن أميرة عايزة تتجوز سواء محمد الأسود اللي بيهددها يفسخ الخطوبة لو سافرت اسكندرية أو من أبو ليلة اللي بيطلب أيدها وهي مش عارفة بيتكلم جد ولا بيهزر. أميرة ضايعة ما بين الرغبة في زوج وحب مش عارفة تجيبه منين وضغط مجتمع بيهينها على شغلانة مافيش غيرها تكسب منها قرشين تعيش بيهم هي وأهلها.
أما هند فهتتجوز حازم اللي راح خرجها بكفالة بعد ما اتقبض عليها علشان بترقص وهي قاصر، وأبوها رفض يدفع الكفالة علشان مش معاه فلوس وأمها لما طلبوا منها في القسم تدفع رشوة علشان تشوف بنتها، سابت بنتها ومشيت.
أول ما تشوف رضا في الفيلم هتفتكرها ست حديد ومتجبرة وحاكمة كل اللي حواليها، لكن لما تروح لدكتور النسا ويزعقلها على حملها في سن 45 سنة، واللي شكلها يقول إنها أكبر بكتير من الهم والشقى، هتشوفها بتعيط ومكسورة وشايلة الهم.
أما الرجال في الفيلم فإما ديكور بيكمل المشهد أو وحوش جاية تنهش اللحم العاري، أو جبابرة جايين يهددوا ويأذوا الستات اللي عايشين في بيت رقاصات.
في بداية الفيلم هتشوفهم ستات وسخين ولحم عاري ورخيص بس مع الوقت هتكتشف إنك بتتابع ملحمة مأساوية من الوجع والضغط الإجتماعي والقسوة اللي الستات دول عايشين فيها.
وفي الليل يرقصن هو فيلم تسجيلي عن ستات بيسترزقوا من اللحم العاري والصدور المنطلقة وكل الرجال حواليهم جايين يحاكموهم ويسبوهم من غير ما حد يمدلهم أيد تساعد. وفي نفس الوقت بيحاربوا علشان يحافظوا على شرفهم، هما رقاصات بس الرجل أخره يبص على اللحم العاري لكن ما يقربش وما يلمسش.
ساعة وعشرين دقيقة من الألم والوجع ولعن الظروف والتسليم بالواقع المر وظروف الحياة وضروراتها والإيمان بالطبقية الإجتماعية والتسليم بلعنة الوضع الإجتماعي.