بعد فيلم هيفاء وهبي ونور عريضة عن التحرش: إحصائيات تدق ناقوس الخطر وأرقام للإبلاغ عن الجريمة
في عالمنا الرقمي اليوم، لم يعد التحرش مقتصرًا على الشوارع أو الأماكن العامة، بل أصبح يتسلل إلى حياتنا عبر شاشات الهواتف والحواسيب (التحرش الإلكتروني)، ليخترق خصوصيتنا ويهدد أمننا.
ومع تزايد ظاهرة التحرش الإلكتروني، قررت الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وعارضة الأزياء نور عريضة أن يكون لهما دور في مواجهة هذه الظاهرة بشكل قوي ومؤثر.
ومن خلال فيلم قصير حمل عنوان “لا تخلي حدا يسرق منك حريتك – التحرش ليس افتراضيًا”، قدما رسائل قوية تؤكد أن التحرش ليس مجرد فعل افتراضي، بل هو تعدٍ حقيقي على الحقوق.
ما الذي يمكن أن تفعله المرأة العربية لمواجهة هذا النوع من التحرش؟ وكيف يمكنها حماية نفسها بذكاء في هذا العالم الرقمي؟
لا تفوّت قراءة: عندما يذوب الاختلاف في الحب: حكايات 5 نجوم جمعتهم قلوبهم رغم اختلاف الديانات
هيفاء وهبي ونور عريضة.. كيف استعرضتا قضية التحرش الإلكتروني بذكاء؟
في خطوة ذكية وغير تقليدية، هيفاء وهبي و نور عريضة قررتا استعراض قضية التحرش الإلكتروني بشكل جريء وواقعي خلال أحد اللقاءات التي جمعتهما عبر فيديو قصير.
وظهرت هيفاء و نور في فيديو يجلسان معًا، مستعرضتين التعليقات المسيئة التي تتلقاها كل واحدة منهما على منصات السوشيال ميديا.
التعليقات المسيئة.. على شاشة ضخمة بلا تجميل
من بين التعليقات، قرأت هيفاء تعليقًا يتضمن انتقادًا حادًا: “طالعة في الشارع وبتقول إن التحرش جريمة، وبالنسبة ليها الإغراء مش جريمة”.
لكن الجديد في الطريقة التي تعاملتا بها مع هذه التعليقات هو استخدام تقنية غير تقليدية.
فقد طُبعت التعليقات المسيئة على شرائط أفلام وعُرضت على شاشة ضخمة، لتخرج من المجال الافتراضي إلى مجال حسي وملموس.
ولم يجرى تجميل أو تخفيف أي منها، بل جرى عرضها كما هي، مما جعل المشاهدين يواجهون الحقيقة بلا تزييف.
تحويل الافتراضي إلى واقع.. رسالة قوية
الهدف من استخدام هذه التقنية كان تحويل التعليقات المسيئة التي يراها البعض مجرد كلمات افتراضية إلى شيء ملموس يعكس الحقيقة المؤلمة التي تواجهها العديد من النساء على الإنترنت.
وهو ما يعكس بدوره قوة رسالة هيفاء وهبي و نور عريضة في مواجهة التحرش الإلكتروني.
التأثير النفسي للتحرش الإلكتروني
كما أشار خبير في علم النفس خلال اللقاء، فإن التأثير النفسي للتحرش الإلكتروني لا يقل بأي حال من الأحوال عن التحرش الفعلي.
إن كلا النوعين من التحرش يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية للمتعرضين له.
الأضرار النفسية للتحرش الإلكتروني
كشف الخبير والمعالج النفسي حسام نبيل عن تأثير التحرش الإلكتروني على الضحية، مؤكدًا أن الضرر النفسي الناتج عنه يساوي في كثير من الأحيان الأضرار الناتجة عن التحرش الجسدي.
بل في بعض الحالات، قد يكون تأثير التحرش الإلكتروني أسوأ، وذلك بسبب شعور الجاني بالاختباء وراء جهازه سواء كان هاتفًا أو كمبيوتر، مما يجعله يتجرأ على استخدام ألفاظ قاسية وعدوانية، قد لا يجرؤ على قولها في الواقع.
الجرأة التي تمنحها الأجهزة الإلكترونية
هذا الاختباء وراء الشاشة يمنح الجاني شعورًا زائفًا بالحصانة، مما يجعله أكثر شراسة وعدوانية مقارنة بموقفه في الأماكن العامة أو وجهًا لوجه مع الضحية.
وقد يؤدي ذلك إلى زيادة حدة الإساءة وتكرار التحرش.
التحرش الإلكتروني لا يقتصر على السيدات
كما أضاف حسام نبيل، أن التحرش الإلكتروني لا يقتصر فقط على السيدات، بل يتعرض له كثير من المراهقين أيضًا، خاصة مع ارتفاع ساعات الاستخدام للأجهزة.
ويلاحظ أن المراهقين، نتيجة لهذه التجارب السلبية، يعانون من آثار مدمرة على صحتهم النفسية، مثل الشعور بـ الإهانة، الانعزال، والغضب.
حلقة التنمر المفرغة
وهذا الشعور بالغضب قد يدفع بعض الضحايا إلى التحول إلى متنمرين أنفسهم، في محاولة للانتقام أو رد الإساءة، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من التنمر، حيث يساهم الضحايا في perpetuating (استمرار) هذه الدورة السلبية.
التأثير طويل الأمد
هذا النوع من التحرش، مثل التحرش الجسدي، له تأثير طويل الأمد على الضحية.
قد يؤثر على ثقتهم بأنفسهم، ويخلق مشاعر من العزلة والاستقلال عن الآخرين، بالإضافة إلى تدمير السلام النفسي.
لا تفوّت قراءة: المذيعة الدينية آلاء عبد العزيز تخلع الحجاب: هل تواجه أزمة نفسية أم تبحث عن التريند؟
التحرش الإلكتروني ليس ظاهرة محدودة في مجتمعنا العربي
سلط الفيلم القصير الذي جمع هيفاء وهبي و نور عريضة الضوء على ظاهرة التحرش الإلكتروني، مُبرزًا أنها ليست مجرد قضية عابرة أو محدودة، بل هي ظاهرة مستفحلة ومستفزة تؤثر على العديد من النساء في المنطقة العربية.
إحصائيات مقلقة حول التحرش الإلكتروني في المنطقة العربية
وفقًا لتقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة الذي صدر في 2021. وتبين أن نصف مستخدمات الإنترنت في الدول العربية يخشين التعرض للتحرش الإلكتروني.
وأضاف التقرير أن واحدة من كل خمس نساء تعرضن لـ العنف الإلكتروني.
وقد قامت الدراسة التي أُجريت على أكثر من 11,500 مستخدم ومستخدمة من دول عربية متعددة، مثل العراق، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين، و تونس.
والهدف من الدراسة كان قياس مدى شيوع هذه الظاهرة، وكانت النتيجة مخيفة حيث أظهرت أن التحرش الإلكتروني يُعتبر من أخطر القضايا التي تواجه النساء في المنطقة العربية، خصوصًا مع ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحالية.
النتيجة المخيفة
الدراسة أظهرت أن التحرش الإلكتروني ليس مجرد تصرفات عابرة على الإنترنت، بل أصبح ظاهرة مؤلمة ومؤثرة على النساء والفتيات في أنحاء العالم العربي، ويحتاج الأمر إلى تحرك جاد للتصدي له وحماية الضحايا.
نتائج مقلقة حول التحرش الإلكتروني في المنطقة العربية
كما أوضح التقرير أن 49٪ من مستخدمات الإنترنت في المنطقة العربية يشعرن بعدم الأمان من التحرش الإلكتروني.
وهذه النسبة تشير إلى خوف وقلق واسع من العنف الإلكتروني، ما يعكس الحاجة الملحة إلى توفير بيئة أكثر أمانًا على الإنترنت.
ردود الفعل على العنف الإلكتروني
أما بالنسبة للنساء اللاتي تعرضن لـ العنف الإلكتروني، فقد أشار التقرير إلى أن 36٪ منهن جرى نصحهن بـ تجاهل الواقعة والتقاعس عن اتخاذ إجراءات ضد المتحرشين.
أما 23٪ من النساء، فقد جرى إلقاء اللوم عليهن من قبل المجتمع أو المعنيين، فيما جرى نصح 21٪ منهن بـ حذف حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعكس الطرق المتبعة للتعامل مع الضحايا بدلاً من التركيز على معاقبة الجناة أو مكافحة الظاهرة بشكل جاد.
دلالات تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة
وتظهر نتائج التقرير أن الضحايا يعانين من الوصمة الاجتماعية، في حين أن التحرش الإلكتروني يُعتبر في كثير من الأحيان مشكلة غير مرئية للمجتمع.
كما تبرز الحاجة لتغيير الثقافات الاجتماعية التي تُلقي اللوم على الضحايا بدلاً من التركيز على محاسبة المتحرشين، وذلك من أجل حماية حقوق النساء وتعزيز الأمان الرقمي.
الإجراءات القانونية والتبليغ عن التحرش الإلكتروني
من المهم أن يعرف الضحايا كيفية التعامل مع التحرش الإلكتروني من الناحية القانونية. يتم ذلك عبر:
- الحفاظ على الأدلة:
- يجب الحصول على نسخة من الرسائل والتعليقات المسيئة وحفظها كأدلة.
- الاحتفاظ بلينك الحساب المتحرش.
- عدم التفاعل مع المتحرش:
- يُنصح بعدم الرد أو التحدث مع المتحرش، وعدم نشر أي معلومات عنه لأنه قد يتخذ احتياطات لتجنب المساءلة.
إذا تعرضتي للتحرش الإلكتروني… كيف تبلغين عن الجاني؟
- في مصر، يمكن الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية من خلال الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات عبر أرقام: 0224065052 أو 0224065051 أو عبر النيابة العامة إلكترونيًا.
- في لبنان، يُمكن الإبلاغ عبر الرقم: 01293293.
- في السعودية، يمكن الاتصال على الرقم 1909 لمكافحة الابتزاز والتحرش الإلكتروني.
- وفي الكويت، يرجى الاتصال على رقم الطوارئ 96597283939+.
- وفي قطر، يمكنكم الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية عبر الخط الساخن (66815757)، ومن خلال تطبيق #مطراش2، أو الهاتف (2347444)، والبريد الإلكتروني cccc@moi.gov.qa.
- وفي العراق، خصصت الشرطة المجتمعية الرقم 497 للإبلاغ عن الابتزاز الإلكتروني.
في الإمارات، هناك قنوات متعددة للإبلاغ عن هذه الجرائم يمكن الوصول إليها من هنا.
يمكن لضحايا الجرائم السيبرانية التي ترتكب عبر الفضاء الإلكتروني والحواسيب والشبكات الإبلاغ عنها في الدولة عبر:
- “منصة الجرائم الإلكترونية” لوزارة الداخلية، المتوفرة على منصة غوغل بلاي، وآب ستور، وآب غاليري.
- منصة (eCrime ) لشرطة دبي
- خدمة أمان- شرطة أبوظبي
- التطبيق الذكي “مجتمعي آمن” الذي أطلقته النيابة العامة الاتحادية في يونيو 2018. يمكن تحميل التطبيق عبر منصة آي.أو.أس، وغوغل بلاي
العلاج النفسي للضحية: خطوة أساسية للتعافي
وفقًا لخبراء في علم النفس، يعتبر العلاج النفسي للضحية من التحرش الإلكتروني أمرًا بالغ الأهمية.
أول خطوة في هذا العلاج هي خلق مساحة آمنة للضحية للتحدث بحرية تامة، بحيث تشعر بأنها محاطة بالقبول والتفهم.
أهمية الاستماع والاعتراف بالقصة
من أهم المبادئ التي يجب على الاستشاري النفسي اتباعها هي تصديق كل ما تقوله الضحية دون أي شكوك أو استفسارات قد تُحبط الضحية أو تُشعرها بعدم الأمان.
هذا التوجه يتماشى مع ما شجعت عليه الحملة ضد التحرش الإلكتروني، التي دعت إلى التصدي الفوري والتبليغ عن المتهمين.
ويتطلب الأمر علاجًا نفسيًا فعالًا ليشمل ليس فقط التصديق والدعم النفسي، ولكن أيضًا تشجيع الضحية على اتخاذ خطوات عملية للتبليغ عن الجريمة.