مواقع التواصل الاجتماعي العربية.. كيف تواجه الشبكات العالمية؟
أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تاتي.. حكمة معروفة لكن هل حققتها مواقع التواصل الاجتماعي العربية؟.. نعم يوجد شبكات تواصل عربية لكنها لم تنافس “فيسبوك” و”وتويتر” و”انستجرام” حتى الآن، وقد تكتشف هذه المواقع لأول مرة أثناء قراءتك الحالية للمقال.
الموجة الأولى من شبكات التواصل الاجتماعي
ظهر نجم مواقع التواصل الاجتماعي في عام 2003 من خلال شبكة “لينكدن LinkedIn” التي تهتم بجمع الأشخاص الباحثين عن فرص عمل وتربط بين الموظفين والمديرين والعاملين في مجال الموارد البشرية، وفي نفس العام ظهرت شبكة “ماي سبيس” MySpace وكانت تحول كبير في هذا الوقت لأنها مكنت الشخص من تحميل الفيديوهات والصور وظلت ناجحة إلى أن سحب الفيسبوك البساط منها، وخفت نجمها رغم أنها مازالت موجودة حتى الآن.
منافسة شرسة بين الصين وأمريكا
وتواجدت في عام 2003 منصة “فيلكير” للصور لكنها لم تحقق نجاحًا كبيرًا، وبهذه الشبكات انتهت الموجة الأولى من شبكات التواصل لتظهر الموجة الثانية الأنجح والأكثر تأثيرًا، فقد ظهر الثلاثة الكبار “يوتيوب” في عام 2005 و”فيسبوك” في عام 2006 و”تويتر” في عام 2006 ومعهم أيضًا شبكة Reddit، ثم انستجرام في عام 2010، وجميعهم انطلقوا من من وادي السيليكون في ولاية سان فرانسيسكو على الساحل الغربي بالولايات المتحدة الأمريكية، ولم يفت الصين أن تدخل على الخط في منافسة هذه الشبكات الأمريكية لتطلق منصات “وي تشات WeChat ” عام 2011، وأيضا ظهر في عام 2009 شبكة “كيو كيو” بشكلها الدولي بعد أن كانت مقتصرة لمدة 10 سنوات على الصينيين فقط، ثم ظهر المارد الصيني للفيديوهات القصيرة “تيك توك” في عام 2016 وحقق نجاحًا كبيرًا للدرجة التي دفعت يوتيوب لإطلاق خاصية الفيديوهات القصيرة Shorts لمنافسة التطبيق الصيني.
محاولة روسيا واختفاء أوروبي
تفرض اللغة على الأفراد ضرورة إنشاء منصة تواصل اجتماعي خاصة تدعم لغتهم الخاصة، وقد يكون النجاح حليف أهل البلد إذا كان لديهم قدرة تكنولوجيا متطورة في روسيا والصين، وأطلقت روسيا شبكة تواصل اجتماعي خاص بها بديلة عن فيسبوك، الشبكة تحمل اسم “في كي VK” وهي الشبكة الأكثر استخدامًا في روسيا ومفتوحة للجميع من مختلف دول العالم، وظهرت لأول مرة عام 2022، وبسبب صعوبة اللغة اليونانية حرصت أيضًا اليونان على إنشاء شبكة تواصل اجتماعي “Zoo.gr” لكنها غير مشهورة عالميًا، وأطلق المتحدثين باللغة الإسبانية أيضًا شبكة Sonico.com وهي الأكثر انتشارًا في أمريكا اللاتينية، ورغم كل هذه الحالات لم تظهر شبكة أوروبية للتواصل الاجتماعي حققت جزء من نجاح الشبكات الأمريكية المختلفة.
العرب قادمون
أول محاولة عربية ناجحة كانت عندما نجح المهندس الأردني في تكنولوجيا الاتصالات أيمن أرشيد، في عام 2011، في إطلاق أول موقع تواصل اجتماعي بنسخة عربية وهو “AreebaAreeba” واستهدف الموقع توفير أكبر تجمع للمغتربين العرب في العالم بمختلف فئاتهم الاجتماعية والمهنية، والذين يزيد عددهم عن 50 مليون شخص، وهدف المهندس لإيصال صوت العرب عبر هذه المنصة، ولكن المنصة لم تحقق النجاح المنتظر منها، وقد يكون السبب هو استهداف التجمع المهني في الوقت الذي يبحث فيه الأفراد عن منصة ترفيهية وتشبه تجمعات العائلة كما فعل “فيسبوك” الذي يقترب عدد مستخدميه من 3 مليار شخص نشط بحسب إحصائيات صادرة في عام 2023.
موقع من العرب إلى العرب
ولعل أكثر نموذج عربي من شبكات التواصل الاجتماعي حقق نجاح شبيه نسبيًا بالفيسبوك، هي شبكة “باز Baaz” التي أطلقها مجموعة شباب عربي عام 2016 من سان فرانسيسكو مقر الشبكات العالمية، بل نجحت الشبكة في فتح مكاتب إقليمية لها في الوطن العربي في دولتي الأردن وتونس، وهو الأمر الذي لم تحققه أي شبكات تواصل اجتماعي عربي من قبل، وتستخدم الشبكة شعار “من العرب إلى العرب”، واسم الشبكة يشير إلى طائر الباز الجارح الذي يتميز بحدة البصر.
القضية الفلسطينية قوة دافعة
وأطلق طالب المبرمج أحمد عماد، موقع تواصل عربي باسم “BogBan” أو “بوج بان”، في عام 2021 واستغرق العمل عليه سنتين، وكان السبب هو محاولة إتاحة موقع دون تعليمات غربية حيث يمنع موقع فيسبوك بعض التعليقات المؤيدة للقضية الفلسطينية، ويتيح الموقع نشر الصور والفيديوهات والصوتيات عليه بسهولة.
ورغم كل هذا إلا أن هذا المواقع لم تلفت كثير من المستخدمين العرب ولم تحقق نجاحًا ذائع الصيت، ربما لأنها لا توفر أموالًا طائلة للمؤثرين عليها كما يفعل فيسبوك وغيرهم وكذلك لأن وسائل الإعلام الشهير لا تركز على المواقع العربية،ولا يتواجد المشاهير عليها، ولكن تظل محاولات العرب لإحداث شبكات تواصل اجتماعية جهد مبذول يحتاج إلى الكثير من التطوير.
خبير تقني يوضح سبب تراجع تواجد شبكات تواصل عربية
بدوره، قال المهندس أحمد طارق، خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات، إن عدد كبير من الشباب العربي أسس مواقع تواصل عربية ولكن لم تنجح بسبب التشابه الكبير مع مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى وبسبب سوء البنية التحتية التكنولوجية للمواقع الأخرى، لافتا إلى أن هذا الأمر أيضا متكرر في الغرب على الرغم من أن هذا العصر بالكامل يعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ولدى الغرب تكنولوجيا أكثر تطورا.
وأرجع بحسب تصريحات لـ “سكوب إمباير” إلى أن التشابه بين المواقع، التي خرجت تقريبا بنفس الشكل والفكر في ظل عدم الإفصاح عن نقطة الأمن المعلوماتي لهذه المواقع، جعل المستخدم العربي لا يقدم على شبكات التواصل العربي مفضلا فيسبوك أو انستجرام، مبينا أن احد المبرمجين المصريين أسس من قبل موقع يشبه توتير لكن أغلقه بسبب فشله في التسويق للفكرة.
ولفت إلى أن جاك دورسي مؤسس تويتر السابق، نجح في تأسيس توتير عام 2006، لأنه أسس تطبيق جديد قائم على التغريدات القصيرة ولم يفصح عن التعديلات كلها مرة واحدة مما جذب المستخدم، وحتى بعد بيع التطبيق إلى رجل الأعمال الأمريكي ذو الأصول الكندية، إيلوم ماسك، يعمف حاليا دوسي على تأسيس تطبيق “بلو سكاي” الذي سيعمل بتقنية “إي تي” بروتوكول غير الموجودة في تويتر أو فيسبوك والتي تتيح للمستخدم التنقل بجميع بياناته إلى منصات أخرى بنفس البيانات، فإذا كان على سبيل المثال للشخص حساب على فيسبوك ويريد فتح حساب على انستجرام سيتم نقل كل بياناته على المنصة الأخرى، وسيستخدم التطبيق تقنية “بلوك تشين” لتأمين المعلومات وهذا ما تفتقده الشبكات العربية، التي تقتصر على إضافة صور أو فيديو وطلبات الصداقة دون أي حديث عن أمن المعلومات، مؤكدا في الوقت ذاته إلى أن تفكير الشباب العربي متطور وتحمسين لكن يحتاجون إلى زيادة الابتكار الفترة المقبلة.