من هو بابا نويل؟ أسرار وحكايات الرجل العجوز سانتا كلوز أشهر شخصية في الكريسماس
يجسد بابا نويل، الرجل العجوز ذو الرداء الأحمر، رمز البهجة في موسم أعياد الميلاد. يطرق الأبواب ويترك الهدايا تحت الأشجار المزينة، ناشرًا السعادة في قلوب الأطفال.
يعود على زلاجته السحرية إلى القطب الشمالي بعد جولاته المليئة بالحب والعطاء. لكن خلف هذه الشخصية الأسطورية، تختبئ حكايات حقيقية أدهشت العالم، جمعت بين التاريخ والأسطورة.
انطلقت قصة سانتا كلوز من شخصية حقيقية، “القديس نيكولاس”، الذي اشتهر بكرمه ومساعدته للفقراء. تطورت الحكاية عبر الزمن، حتى أصبحت جزءًا أصيلًا من احتفالات الكريسماس.
إذًا، كيف تحولت هذه الشخصية من قديس متواضع إلى أيقونة عالمية؟ دعونا نكشف أسرار بابا نويل وحكاياته الملهمة التي عبرت الأزمان.
القديس نيقولاوس: بابا نويل الحقيقي
تستند شخصية بابا نويل الأسطورية إلى القديس اليوناني نيقولاوس، الذي وُلد في آسيا الصغرى.
تعود قصة سانتا كلوز إلى القرن الثالث الميلادي، إذ تذكر مختلف الروايات أن الصغير نيقولاس ولد سنة 270م، في قرية بترا الواقعة على الساحل الجنوبي لتركيا.
لكن وفقًا لموسوعة بريتانيكا، لا توجد وثائق تاريخية مؤكدة تُثبت وجوده، وكل ما يُعرف أنه كان غالبًا أسقف ميرا في القرن الرابع.
وتوارثت الأجيال حكايات عن رحلاته إلى فلسطين ومصر، حيث تعمقت مسيرته الروحية.
وتنقل المصادر أن والدَي نيقولاوس علّماه المسيحية منذ الصغر، وحين ماتا تركا له ثروة كبيرة تبرع بها للفقراء.
كان ذلك التزامًا بتعاليم المسيح: “تخلَّ عما تملك وتبرع به للفقراء”.
ترهب نيقولاوس في دير عائلي ورُسم قسًا في سن التاسعة عشرة، بعد أن ورث ثروة ضخمة إثر وفاة والده.
كرّس حياته للأعمال الخيرية، حيث اعتاد توزيع الأموال سرًا على الفقراء والأطفال ليلًا، دون أن يعرف من هو فاعل الخير.
كان يضع النقود أمام أبواب المحتاجين ويطرقها قبل أن يختفي، ليصبح رمزًا للعطاء والخير ويرتقي إلى مكانة بارزة بين القديسين.
القديس نيقولاوس: منقذ العائلات الفقيرة
تروي بعض الروايات أن القديس نيقولاوس ساعد رجلًا فقد ثروته واشتدت به الحاجة حتى وسوس له الشيطان بإرسال بناته للعمل في طرق محرمة لكسب القوت.
عندما علم نيقولاوس بمعاناة الرجل، أخذ مائة دينار من ماله الخاص، ووضعها في كيس صغير وتسلل ليلًا إلى منزله.
بهدوء، ألقى الكيس من نافذة البيت دون أن يشعر به أحد، ليجد الرجل المال في الصباح وتتحول حياته من البؤس إلى النعيم.
كان هذا العمل الخيري أحد أسباب مكانة القديس نيقولاوس رمزًا للعطاء الخالص والرحمة، مصدر إلهام لشخصية بابا نويل لاحقًا.
رحلة تطور بابا نويل عبر العصور!
تطورت صورة بابا نويل عبر الزمن، لكن النسخة الحديثة التي نعرفها اليوم جاءت على يد الشاعر الأمريكي كلارك موريس.
في عام 1821، كتب رجل الدين الأمريكي كليمون كلارك مور قصة عن أعياد الميلاد، حيث قدم سانتا كلوز بوزن زائد، وعصاه التي تحولت إلى حلوى، وقبعة بدلاً من تاج الأسقف، واستبدل بغلة سانتا بقطيع من الغزلان.
بهذه التعديلات، أزال الكاتب شخصية “البعبع” من الموروث القديم.
وفي عام 1823، كتب الشاعر الأمريكي كلارك موريس قصيدة شهيرة بعنوان “الليلة التي قبل عيد الميلاد”، وصف فيها سانتا كلوز كزائر يطل ليلة العيد ليجلب الهدايا.
سانتا كلوز والرداء البني
ثم جاء الفنان توماس نيست في رسوماته في 1881، حيث استبدل زي سانتا البني بلباس أحمر مع حزام، وجعل من سانتا شخصية بدينة بدلاً من النحيلة، وكانت رسوماته تُنشر سنويًا في “هاربرز ويكلي” حتى 1886.
وفي عام 1885، قرر نيست أن يقيم سانتا في القطب الشمالي، ثم تابع الكاتب الأمريكي جورج ويبستر هذا المفهوم في 1886، حيث كتب عن معمل الألعاب وبيت سانتا في الثلوج.
وأشارت بعض المصادر إلى أن هذه الصورة استُخدمت لاحقًا في حملات ترويجية لشركات كبرى.
في عام 1931، قدمت شركة كوكاكولا نسخة جديدة من سانتا كلوز بريشة الفنان هادن ساندبلوم، الذي صوره بملامح مرحة، مرتديًا سروالًا وسترة حمراء. وكان الهدف من ذلك تشجيع المستهلكين على شرب كوكاكولا خلال فصل الشتاء.
مع مرور الزمن، تطورت قصة القديس نيكولاس، وانتقلت إلى أوروبا الغربية، حيث بدأت الأساطير حوله بالانتشار.
في هولندا، أطلق عليه اسم “سينتركلاس”، ومع هجرة الهولنديين إلى أمريكا، تحوّل الاسم إلى “سانتا كلوز”، وارتبط بشخصية خيالية تجوب العالم في ليلة الميلاد على زلاجة تجرها غزلان طائرة.
السيدة كلوز
مع مرور الوقت، أضيفت تفاصيل جديدة إلى صورة بابا نويل المعروفة، خاصة في الأفلام التجارية.
فقد قُدمت شخصية زوجته تحت اسم “السيدة كلوز”، لتكمل صورة الحياة العائلية للأسطورة.
ويقال إن اسم “سانتا كلوز” هو تحريف لـ “سانتا نيكولاس”، نسبةً إلى القديس نيقولاوس الذي شكل الأساس الحقيقي للشخصية.
هكذا، تجمع بابا نويل بين التاريخ القديم والابتكار الحديث ليصبح رمزًا عالميًا مرتبطًا بالكرم وبهجة عيد الميلاد.
هل سانتا كلوز عربي؟
تغيب النسخة الحديثة لسانتا كلوز عن الموروث المسيحي في الشرق الأوسط، حيث يقول الدكتور إكرام لمعي، رئيس مجلس الإعلام بالكنيسة الإنجيلية في مصر، إن “سانتا كلوز ارتبط بالثقافة الغربية والمناخ الثلجي ولا وجود له في التراث الشرقي”.
وأضاف أن المجتمع الشرقي بدأ بتقليد الغرب في الاحتفال به، لكن الإنجيل يذكر شخصية القديس أندراوس، أحد تلاميذ المسيح، المعروف بقربه من الأطفال.
أندراوس استطاع إقناع طفل صغير بالتخلي عن طعامه (خمس خبزات وسمكتين) لتقديمه للمسيح، الذي أطعم به خمسة آلاف شخص بعد أن صلى عليه.
وأشار لمعي إلى أن بعض الطوائف خصصت يومًا للاحتفال بالقديس أندراوس لقربه من الأطفال، وعلق مازحًا: “هو يشبه سانتا كلوز لكن من بعيد”.