في لحظة فارقة حبست أنفاس العالم، طويت اليوم صفحة واحدة من أكثر الشخصيات غموضاً وتأثيراً في الصراع المعاصر. أعلنت كتائب القسام رسمياً استشهاد ناطقها العسكري “أبو عبيدة”.
الرجل الذي ظل لغزاً عصياً على الكسر لأكثر من عقدين، مخلفاً وراءه إرثاً من الرسائل المشفرة والحرب النفسية التي أرهقت أجهزة الاستخبارات.
لم يكن “الملثم” مجرد متحدث رسمي، بل تحول بمرور السنوات إلى أيقونة عابرة للحدود، ارتبط صوته بلحظات النصر والانكسار.
نستعرض المحطات المجهولة من حياته وقصة صعوده من مقاتل ميداني في أزقة جباليا إلى “صوت المقاومة” الأول.
“الخريف الاحتلال قد بدأ، ولعنة العقد الثامن قد حلت عليه، وأن معركة أخرى تهز اليوم أركانه، وهذا من مبشرات زواله بإذن الله، وستتجلى العدالة بحق كل من أجرم في حق شعبنا، وكل من نسق وطبّع وتواطأ مع عدونا، وكل من تعاون مع المحتل ورضي أن يكون عميلا له”
المتحدث الجديد باسم كتاـب القـام
لا تفوت قراءة: إطلالات الفساتين المنقوشة: كيف أصبحت سر أناقة الأميرة رجوة؟
البدايات الغامضة: من جباليا إلى منبر “النور”

يعود أصل الملثم الغامض لبلدة “نعليا” المهجرة، بينما استقر في مخيم جباليا شمال غزة ليصبح أحد أبرز المسؤولين الميدانيين بالجناح العسكري.
يحمل أبو عبيدة ماجستير في أصول الدين من الجامعة الإسلامية في غزة. من مواليد 11فبراير 1985 أما اسمه الحقيقي وفق ما أعلنت حماس بعد استشهادة “حذيفة الكحلوت”.
سجل عام 2004 انطلاقته الرسمية بمسجد النور، حيث أعلن بملامح مخفية عن تفاصيل عمليات “أيام الغضب” ضد الاحتلال.
ومنخها بدأ اسم “أبو عبيدة” يتردد بقوة، متميزاً بقناع أسود بدائي قبل أن يستبدله لاحقاً بالكوفية الحمراء التي ميزت هويته.
ومنذ تلك اللحظة، صار صوته يمثل حلقة الوصل بين المقاتلين في الأنفاق وبين العالم، متحدثاً بلغة عربية فصيحة وقوة خطابية نادرة.



لا تفوت قراءة: حفلات رأس السنة في مصر 2025… خريطة السهرات الغنائية الأبرز في “New Year’s Day”
“الملثم”: خليفة عماد عقل ورمز الكوفية

اقتدى أبو عبيدة في لثامه بالقيادي الشهير “عماد عقل”، الذي كان ينفذ عملياته بكوفية حمراء تخفي وجهه عن أعين مخابرات الاحتلال.
ومن الواضح أن اختياره للكوفية الحمراء لم يكن صدفة، بل كان قراراً مدروساً لربط الحاضر المقاوم بتاريخ الرموز الأوائل لكتائب القسام.
وبالتوازي مع ذلك، برز اسمه بشكل عالمي خلال حرب 2014، حيث أدار الحرب النفسية بكفاءة طوال خمسة وخمسين يوماً من الصمود.
ونتيجة لنجاحه، صار الناس ينتظرون إطلالته ببدلته العسكرية وكوفيته، معتبرين إياها بشرى نصر.

لا تفوت قراءة: ملوك السين في مصر: ديو زياد ظاظا وتروما عفروتو بين أكثر 7 تراكات استماعا في 2025
كم مرة حاولت إسرائيل اغتياله؟

على مدار 15 عامًا، نفذت إسرائيل ثلاث محاولات لاغتيال أبو عبيدة، بحسب تقارير إعلامية، مؤكدة أن آخرها قد يكون نجح، بدءاً من عدوان 2008 على غزة.
مروراً بحرب 2012، ثم معركة 2014. ووصولاً إلى المواجهة الأوسع في معركة “طوفان الأقصى”.


محطات فارقة: من “شاليط” إلى “طوفان الأقصى”
شهد يونيو 2006 الظهور الأكثر تأثيراً لأبي عبيدة، حين صدم العالم بإعلان أسر الجندي “جلعاد شاليط” في عملية نوعية شرق رفح.
وبعد ذلك، توالت المحطات التي رسخت مكانته كأشهر صوت في تاريخ المقاومة، خاصة مع قدرته الفائقة على تحدي المنظومة الإسرائيلية.
ومن المثير للاهتمام، أن الرجل ظل “شبحاً” يطارد الموساد، رغم ملاحقته المستمرة لأكثر من عقد ونصف وفشل محاولات اغتياله في المرات السابقة.
يرحل أبو عبيدة تاركاً خلفه لغزاً لم يحل، وصوتاً سيبقى يتردد في ذاكرة التاريخ كأحد أبرز وجوه القرن الواحد والعشرين.


تبايع مجاهدونا على الثبات والإتخان في العدو حتى دحر العدوان أو الشهادة”
أبو عبيدة

