مقابر الأباجية.. حكايات وقصص عن التاريخ الإسلامي مدفونة تحت الجبل
تذخر مصر بتاريخ كبير يمتد لآلاف السنين، وكل قطعة أرض مصرية تشهد على حقب متعددة من الزمن، فإذا كنت مهتم بالتاريخ الإسلامي، فعليك زيارة منطقة الأباجية القريبة من المقطم والتي يراها البعض أشبه بـ”البقيع” في السعودية، لتبدأ رحلة استكشافية لمقابر لصحابة وتابعين وتابعي التابعين وعلماء وأئمة لهم اسهامات بعضنا لم يسمع عنهم.
حين تصل للأباجية، ستتوجه إلى القرافة الصغرى، وسميت القرافة نسبة إلى أول من دفن بها والذي ينسب إلى قبيلة يمنية عاشت بمصر بعد الفتح يُقال لها بنو قرافة.
القرافة الصغرى
هناك ستجد مسجد “الليث بن سعد” إمام أهل مصر في زمانه، فاق في علمه وفقهه إمام المدينة المنورة مالك بن أنس، غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق، مثلما فعل تلامذة الإمام مالك.
إذا سرت إلى الأمام ستجد ضريح ذو النون المصري، أحد علماء المسلمين في القرن الثالث الهجري ومن المحدثين الفقهاء، وهو من ضمن العلماء العرب الذين سبقوا شامبليون في فك رموز الأبجدية الهيروغليفية.
سر إلى الأمام أكثر ستجد نفسك بين ضريحين، الأول مكتوب عليه “رابعة العدوية” التائبة إلى الله، والضريح الآخر مكتوب عليه “محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب”، ابن الإمام على بن أبى طالب، أحد أهم الشخصيات المهمة في التراث الإسلامي.
أيضًا إذا سرت للأمام ستجد قبة مكتوب عليها “ضريح الشريفة فاطمة حسن الأنور”، شقيقة السيدة نفيسة، اللتان تنتهيان نسبهن إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب.
بعد ضريح الشريفة فاطمة حسن الأنور، ستجد مسجد سيدي عقبة بن عامر الجهني، صحابي وشهد فتح مصر وعُين واليًا عليها، وإذا مشيت إلى الباب الخلفي للمسجد، ستجد قبر الصحابي “عمرو بن العاص” وهو قبر بسيط جدًا صغير الحجم أخضر اللون. وهنا تكون انتهت جولتك في المقابر الصغرى.
القرافة الكبرى
إذا اتجهت جنوبًا ستجد القرافة الكبرى، وهناك ستجد مقابر الإمام الشافعي، والإمام وكيع بن الجراح شيخ الإمام الشافعي، وضريحي الشيخين العتريس والعيدروس، وهما من آل البيت ينتهي نسبهما للإمام علي، والعتريس وهو شقيق سيدي إبراهيم الدسوقي.
ستجد أيضًا مقابر كثير للماليك، منهم الملك العادل وقايتباي وخلفاء المماليك والعباسيين والفاطميين، والإمام المقريزي و ابن عطاء الله السكندري، الإمام الشاطبي أشهر من جمع قراءات القرآن الكريم.
لماذا تم دفن كل هؤلاء بهذا المكان؟
يقول أحد أهالي منطقة الأباجية، أن هناك رواية تقول أن المقوقس -هو عظيم القبط في فترة ما قبل وأثناء الفتح الإسلامي لمصر- كان يسير بصحبة الصحابي عمرو بن العاص، الذي أخبره أن هذه المنطقة “المقطم حاليًا” ينمو فيها شجر من الجنة وأنه مكان طاهر، وأن عمر بن الخطاب أوصى بدفن المسلمين فيها.
ويضيف أن الأمر لم يقتصر علي الصحابة، فسفح المقطم يتسع للكثير من الأولياء والصالحين، علي رأسهم بن عطاء السكندري قطب العارفين، والذى قال عنه العلماء إنه كان جامعًا لأنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه وأصول وغير ذلك، وقد توفى عام 709 هـجرية، ودفن بسفح جبل المقطم، وهناك أيضًا خلوة السيدة نفيسة، إحدى سيدات آل البيت ومن أهل العبادة والعلم.