إيه هي مشكلة زيادة المعلومات اللي بيعيشها جيلنا وإيه أضرارها وازاي نقدر نتغلب عليها؟
في عالم الإنترنت، بتتكسر الحدود بين الدول والثقافات، وبيتحول كوكب الأرض، اللي كان في يوم ما عالم متشعب ومترامي الأطراف، لقرية صغيرة. في العالم المنكمش ده بتمتزج الثقافات وتنتقل المعلومات، بشكل لحظي، من نقطة لنقطة أخرى في تجاهل كامل للمساحات الواقعية والمسافات الثقافية والطبقية، اللي بتفصل بين مختلف سكان الكوكب المُصغر ده، زيّ ما بيوضح “زيجمونت بويمنت” في كتابه (الحياة السائلة).
في الواقع المعلوماتي الجديد اللي بيعيشه جيلنا، أصبحت كمية المعلومات المتوفرة على الإنترنت تفوق مئات المرات مقدار المعلومات اللي اتوفرت للجيل اللي سبقنا على طول، وفي فيضان المعلومات الغامر ده بيطل علينا سؤال شديد الأهمية: هل الإنسان المعاصر استفاد من الفيض المعلوماتي الحديث أكتر، ولا اتسببت له بضرر أكبر؟
فيض المعلومات بين الأمس واليوم
بيقول “دانيال ليفيتين” أستاذ علم النفس بجامعة “ماكجيل” ومؤلف كتاب “العقل المنظم: التفكير بشكل مباشر في عصر المعلومات الزائدة”:
“في سنة 1976، كان في 9000 منتج في أماكن الشراء العادية، أما النهارده زاد العدد ده لـ 40.000 منتج” وبيضيف: “ورغم كده معظمنا يقدر يلاقي كل احتياجاته تقريبًا في 150 منتج بس، وعلشان كده بقيت محتاج تتجاهل عشرات الآلاف من المدخلات (المنتجات) في كل مرة بتروح تشتري طلباتك”.
زيادة عدد المدخلات اللي دماغنا محتاج يتعامل معاها مش بتترجم في المنتجات المتوفرة في الأسواق بس، ولكن كمان في كمية المعلومات اللي بنضطر نتعامل معاها كل يوم على الإنترنت، فبيقول ليفيتين: “على حسب التقديرات، كان في 30 إكسابايت من المعلومات من 10 سنين بس، أما النهارده فعندنا 300 إكسابايت من المعلومات”.
بيؤكد ليفيتين إن الفيض الهائل ده من المعلومات أكبر بكتير من اللي يقدر دماغنا يتعامل معاه، لإن العقل الواعي يقدر يوزع انتباهه على هضم مُدخل (معلومة) واحدة أو تلاتة أو أربعة في الوقت نفسه: “لو تجاوزت المساحة العقلية دي بمقدار كبير، هتبدأ قدرتك على الحكم على الأشياء تضعف، وتفقد تركيزك وانتباهك للأشياء حواليك”.
الاضطراب اللي بيوصفه ليفيتين ده بنسميه “اضطراب الحمل الزائد”، واللي بيعرفه موقع indeed.com بإنه تباطؤ النظام أو توقفه عن العمل بسبب زيادة كمية المدخلات (المعلومات) عن اللي يقدر يتعامل معاها، وبيوضح الموقع إن ده بيحصل مع الأجهزة زيّ أجهزة الكمبيوتر والتليفونات المحمولة، ولكن بيؤكد إنه ممكن يحصل برضه من الأشخاص، واللي نقدر نقول عنه ببساطة إن الشخص “بيهنج”.
كمان بيوضح الموقع إن زيادة كمية المعلومات المتوفرة على الإنترنت، بيخلينا مطالبين نقرر إيه منها الحقيقي وإيه اللي مش حقيقي، وبالتالي ده في حد ذاته بيزود الإجهاد العقلي، وبيوصلنا لحالة “اضطراب العمل الزائد”، بنهنج.
أضرار وحلول اضطرابات زيادة فيض المعلومات
الاضطرابات دي بتأثر على صحتنا النفسية والعقلية بشكل واضح، وبتخلي دماغنا مش بيشتغل بشكل منتظم، وبالتالي بتقل قدرتنا على إنتاج حاجات كويسة في شغلنا، وبتقلل قدراتنا على التركيز، وبتبقى أفكارنا مش واضحة، وزيّ ما وضحنا فوق، بتقل كمان قدراتنا على الحكم على الأشياء واتخاذ القرارات.
وعلشان الأضرار دي لها تأثير كبير على جودة حياتنا وشغلنا وصحتنا النفسية والعقلية، كان لازم يكون في وسائل نقدر نتجنب فيها مشكلة “اضطراب العمل الزائد”، ومن الوسائل دي إننا نتجنب المعلومات اللي مش محتاجينها، زيّ الإعلانات والإيميلات غير المهمة، ونقدر نعمل ده من خلال استخدام فلاتر.
نقدر كمان نفصل شوية من وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها منصات بتساهم بمقدار كبير جدًا من المعلومات، وبالتالي لما نحدد وقت معين في اليوم لتصفحها ووقت معين للانقطاع عنها، فده هيوفر علينا كمية كبيرة من المعلومات اللي مش محتاجينها في يومنا.
ممكن كمان نحدد مجموعة معينة من مصادر المعلومات على الإنترنت، سواء في شكل صفحات بنتابعها على السوشيال ميديا، أو مواقع أخبار ومدونات بنحب ندخل نشوف عليها إيه، أو حتى نحدد مجموعة محددة من المصادر اللي بنثق فيها لما نيجي نعمل بحث عن حاجة على الإنترنت.
نقدر نفصل تليفوناتنا وأجهزة اتصالنا بالإنترنت تمامًا لوقت معين في اليوم، ونعمل حاجة بسيطة ومافهاش إجهاد ذهني أو امتصاص لأي قدر من المعلومات، وبكده نعمل “Digital detox” ونتخلص من الارتباط السام بالإلكترونيات، وفي الوقت نفسه، نسمح لنفسنا نعمل حاجة جديدة وبسيطة، زيّ مجرد الاسترخاء والرغي مع صحابنا.