لم يكن الخلاف بين تامر حسني وعمرو دياب مجرد نزاع فني عابر، بل تحوّل إلى ظاهرة جماهيرية امتدت على مدار أكثر من عقدين.
منذ صعود نجم تامر حسني في مطلع الألفينات، بدا أن الساحة الغنائية باتت تتسع لتنافس شرس بين “نجم الجيل” و”الهضبة”، حيث اختلطت التصريحات الغامضة بالرسائل غير المباشرة، وتحوّلت الاستفتاءات الجماهيرية إلى ساحات مواجهة غير معلنة، قبل أن تنتقل المعركة لاحقًا إلى منصات التواصل الاجتماعي و”الستوريز” السريعة والمشفرة.
وبين جمهور تامر حسني الذي يُعرف بـ”التمراوية”، ومحبّي عمرو دياب “العمراوية”، نشأت حالة فريدة من الدفاع المستميت والانحياز التام، جعلت من كل ظهور أو تصريح شرارة محتملة لجولة جديدة من الجدل.
ما أبرز محطات هذا الخلاف؟ وهل كانت المنافسة سببًا في إشعالها، أم أن هناك ما هو أعمق من مجرد صراع شهرة؟ نستعرض أبرز لحظات التصعيد بين النجمين، من بداياتها الإعلامية إلى تطوراتها الرقمية.
حروب القمة في الغناء العربي: من زمن أم كلثوم وعبدالحليم إلى عمرو دياب وتامر حسني
أول أزمة بين تامر حسني وعمرو دياب: استفتاء قناة النيل للمنوعات 2005

شهد عام 2005 أول احتكاك علني بين عمرو دياب وتامر حسني، من خلال استفتاء جماهيري أجرته قناة النيل للمنوعات.
حصد عمرو دياب لقب أفضل مطرب، بينما نالت أغنية “قرب حبيبي” لتامر حسني جائزة أفضل فيديو كليب.
في ذلك الوقت، كان تامر ما يزال في بداياته، بعد نجاحه اللافت مع شيرين عبد الوهاب في دويتو “تامر وشيرين”.
دُعي النجمان لحفل تسليم الجوائز معًا، لكن عمرو دياب اعتذر فجأة معلنًا إصابته بنزلة برد. وتوجّه تامر حسني بمفرده إلى الحفل، ليتفاجأ بسيطرة صور عمرو دياب على ديكور الاستوديو.
طالب تامر بوضع صوره بحجم مماثل، حفاظًا على التوازن البصري والصورة الجماهيرية. واستجابت إدارة الحفل سريعًا، في محاولة لتفادي توتر الأجواء وإفساد الحدث.
لكن الجماهير انقسمت؛ فأنصار تامر اعتبروا غياب دياب موقفًا متعمدًا نابعًا من الغيرة. بينما رأى جمهور “الهضبة” أن تامر يسعى لصنع أزمة إعلامية للفت الانتباه.
وفي خضم الجدل، انتشرت تصريحات نُسبت لتامر قال فيها: “المقارنة في صالحي، لأننا من جيلين مختلفين”. إلا أن تامر حسني التزم الصمت لاحقًا، دون نفي أو تأكيد ما نسب إليه.
روايتان لحفل واحد: تضارب في كواليس أول مواجهة
في مقابل الرواية الشائعة، ظهرت رواية أخرى تنقل احتجاج فريق عمرو دياب على بث صور النجم رغم فوز تامر حسني بالجائزة.
فقد اعتبر فريق “الهضبة” أن استخدام الصور محاولة للإيحاء بأن دياب هو الفائز الحقيقي، ما أثار استياءهم ودفعهم للاعتراض رسميًا.
بحسب الرواية، لم يكن الغضب موجّهًا ضد تامر شخصيًا، بل ضد الجهة المنظمة لاستخدامها الصور دون تنسيق أو إذن مسبق.
من جهته، اختار تامر حسني الرد بهدوء، مؤكدًا احترامه لعمرو دياب، ومشدّدًا على أن فوزه جاء بتصويت الجمهور لا غير.
كما أشار إلى أن أغانيه العاطفية مثل “قرب حبيبي” و”عيونه دار” كانت السبب الرئيسي في تصاعد شعبيته بين الشباب. أما عمرو دياب، ففضل الصمت، تاركًا الساحة للجمهور ووسائل الإعلام لتفسير الموقف بحسب انحيازاتهم.
ورغم ذلك، تداولت بعض الصحف تصريحات منسوبة لمقربين من دياب، تحدثوا فيها عن انزعاجه من مقارنته الدائمة بصعود تامر.
وهكذا، ساهم تضارب الروايات في تكريس الخلاف، وفتح باب التأويل مبكرًا أمام كل ظهور أو إنجاز للطرفين.
لا تفوّت قراءة: حين يُروى الأدب بالكاميرا.. 7 روايات عربية تحولت إلى مسلسلات وأفلام
محطات وتكهنات… ما بين الحقيقة والشكوك!

من أبرز محطات التوتر بين تامر حسني وعمرو دياب، ما تردّد عام 2006 بعد أزمة تامر الشهيرة بقضية تزوير أوراق الخدمة العسكرية.
حينها، وجّه بعض جمهور تامر أصابع الاتهام نحو عمرو دياب، معتبرين أنه قد يكون طرفًا خفيًا في تفجير القضية إعلاميًا.
لكن تامر نفى تلك الاتهامات لاحقًا، مؤكدًا احترامه الكامل لعمرو دياب وعدم تورطه في أي شكل من أشكال الأزمة.
في المقابل، اختار “الهضبة” الرد بأسلوب دبلوماسي، فأشاد خلال مؤتمر صحافي بعدد من الفنانين الشباب، من بينهم تامر حسني.
وفي العام نفسه، تجددت المنافسة الجماهيرية بعد إطلاق إذاعة “نجوم إف إم” استفتاء لاختيار أفضل أغنية في القرن الحادي والعشرين.
الاختيار انحصر بين “عيونه دار” لتامر حسني و”قصاد عيني” لعمرو دياب، ما أثار موجة تفاعل واسعة على السوشيال ميديا.
تبادل الجمهوران التعليقات والانتقادات، وتحولت المنافسة إلى صراع محتدم حول الأحق بلقب الأغنية الأهم. وهكذا، بقيت بعض المحطات غامضة، وتراوحت بين الشائعات والتكهنات، دون تأكيد رسمي من أي من النجمين.
لحظة إنسانية نادرة… مصافحة في المستشفى تجمع دياب وتامر

رغم توتر العلاقة، ظل كل من عمرو دياب وتامر حسني يتجاهل الآخر في المناسبات العامة، كما حدث في عزاء والدة محمد فؤاد. وقيل حينها إن عمرو دياب يدعم صعود محمد حماقي، ما اعتُبر موقفًا غير مباشر ضد تامر حسني.
لكن عام 2011 شهد لحظة إنسانية جمعت الطرفين داخل غرفة النجم أحمد السقا في أحد المستشفيات بالقاهرة.
كان السقا قد نُقل إلى المستشفى بعد وفاة والده، المخرج المسرحي الكبير صلاح السقا، وسط حضور عدد من النجوم.
وتصادف وجود دياب وتامر في نفس الوقت بالغرفة، مما خلق توترًا واضحًا في الأجواء. عندها، تدخل النجم عادل إمام، وطلب من النجمين تبادل السلام فقط، دون فتح أي ملفات خلافية.
استجاب الطرفان لطلب “الزعيم”، وسلّما على بعضهما البعض في لحظة وصفت بأنها نادرة وإنسانية. ورغم المصافحة، لم يتبعها تصالح فعلي، إذ استمر التباعد الفني والإعلامي بينهما لسنوات لاحقة.
أنا زعلان من مسألة (التمراوية) و(العمراوية) وأقسم بالله على ذلك لأني من محبي ومعجبي عمرو دياب وفنه، ولا يمكن المقارنة بين شخص له تاريخ طويل ونجاح كبير وآخر لديه 6 سنين غناء فقط
تامر حسني سنة 2009
لا تفوّت قراءة: لمسلسل الأبرز على نتفليكس.. لماذا يجب أن تضيف “كتالوج” إلى قائمة مشاهداتك فورا؟
شيرين تشعل الأجواء مجددًا بـ”زلة لسان” في حفل زفاف
في عام 2017، فجّرت شيرين عبد الوهاب موجة جديدة من الجدل خلال حفل زفاف النجم عمرو يوسف. وقالت شيرين بشكل عفوي: “عمرو كبر وراح عليه”، ودعت تامر حسني ومحمد حماقي لقيادة الساحة الغنائية.
تامر استقبل التصريح بابتسامة، بينما تجاهل محمد حماقي التعليق بشكل كامل. أُعيد تداول المقطع بكثافة على وسائل التواصل، ما أعاد الحديث عن الخلاف بين عمرو دياب وتامر حسني.
لكن في عام 2023، خرج الشاعر تامر حسين لينفي وجود خلاف حقيقي بين النجمين. وأكد حسين أنه تعاون مع كليهما، ويعرف جيدًا مدى الاحترام المتبادل بينهما خلف الكواليس.
أوضح أن الجماهير، بدافع الانتماء العاطفي، هي من تضخّم الفجوة وتُغذي الانقسام. تصريحات حسين قلّلت من حدة الجدل، لكنها لم توقف سيل التكهنات المتكررة حول طبيعة العلاقة بين النجمين.
مصالحة مفاجئة في زفاف أحمد عصام… على أنغام “يا أنا يا لأ”
في واحدة من أكثر اللحظات الإنسانية لفتًا للأنظار، شهد زفاف الفنان أحمد عصام لقاءً نادرًا جمع بين تامر حسني وعمرو دياب.
نجح الفنان حميد الشاعري، بمساعدة مصطفى قمر، في جمع النجمين على المسرح خلال أداء جماعي لأغنية “جلجلي”.
أشعلت اللحظة مواقع التواصل، خاصة بعد أن قدّم عمرو دياب أغنيته الشهيرة “يا أنا يا لأ” وسط تفاعل حار من الحضور.
في لفتة ودية، أمسك تامر حسني بالميكروفون الثاني وشارك دياب الغناء أمام تصفيق وتصوير الحاضرين. ثم بادر تامر بتقبيل عمرو دياب مرتين على المسرح، وسط ابتسامة واضحة من “الهضبة”.
احتضنه عمرو دياب بدفء، وربت على كتفه، في مشهد وصفه الجمهور بلحظة التصالح المنتظرة منذ سنوات.
انتشرت المقاطع بسرعة، واعتبرها كثيرون صفحة جديدة تُطوى بين نجمين صنع كلٌ منهما تاريخًا فنيًا استثنائيًا.
لا تفوّت قراءة: كيف أصبح رامي مالك أول ممثل مصري على ممشى المشاهير في هوليوود؟
صيف 2025… “ستوري” تفتح جولة جديدة من الخلاف!

في يوليو 2025، نشر تامر حسني “ستوري” عبر إنستجرام يظهر فيها بالمركز الرابع في ترتيب غنائي شهير، مع تعليق مستنكر لطبيعة التصنيف.
رغم أن ألبومه الجديد تصدّر تريند يوتيوب منذ اليوم الأول، تساءل تامر عن سبب تجاهل النجاح الرقمي في التقييم. ورغم عدم ذكر أي أسماء، فُهم المنشور كرسالة غير مباشرة موجهة إلى عمرو دياب، الذي نشر الترتيب نفسه قبل أيام.
لم يتأخر الرد، إذ نشر عمرو دياب قائمة الأغاني الأكثر استماعًا على “سبوتيفاي”، وتصدرتها أغنيتاه “بابا” و”خطفوني”. الغريب أن القائمة ضمت أسماء من مغني المهرجانات، في حين غاب اسم تامر حسني عن المراكز الأولى تمامًا.
هذا التفاعل غير المباشر أعاد إشعال التكهنات حول عودة الخلاف بين “الهضبة” و”نجم الجيل” إلى الواجهة. لكن على الجانب الآخر، لجأ الجمهور إلى نشر فيديوهات وتصريحات سابقة تُظهر احترامًا متبادلًا بين النجمين.
وحاول البعض امتصاص التوتر بتذكير المتابعين بلحظات ودية جمعت الثنائي في أكثر من مناسبة سابقة. وهكذا، تبقى المنافسة بين عمرو دياب وتامر حسني حاضرة، تتأرجح بين التلميحات، والتقدير، والتفاعل الجماهيري المحتدم.