في قلب القاهرة القديمة، حيث تتقاطع شوارع التاريخ بالتكنولوجيا، اندلع حريق هائل منتصف ظهيرة الإثنين 7 يوليو داخل مبنى سنترال رمسيس، أحد أقدم وأهم مراكز الاتصالات في مصر.
تصاعد الدخان من المبنى الذي يقف شامخًا منذ قرابة القرن، ليطلق صفارات الإنذار في قلب المدينة ويكشف عن هشاشة غير مرئية في البنية التحتية الرقمية المصرية.
لكن قبل أن يتحوّل إلى عنوان أزمة، كان هذا المبنى شاهدًا على لحظة ولادة الاتصالات الحديثة في مصر.
من هنا، وتحديدًا عام 1927، ضغط الملك فؤاد الأول على الزر إيذانًا بانطلاق أول نبض هاتفي رسمي في البلاد.
كان سنترال رمسيس حينها تحفة معمارية وتقنية، يربط المصريين ببعضهم البعض، ويجمع أصواتهم في زمن كانت فيه المكالمة الهاتفية حدثًا استثنائيًا.
ما قصة هذا المبنى العريق؟ وكيف تحوّل من رمز للتقدم إلى مرآة لتحديات العصر الرقمي؟
لا تفوّت قراءة: شهر سينمائي ساخن.. أقوى 6 أفلام مصرية جديدة تُعرض في يوليو 2025

كيف اندلع حريق سنترال رمسيس؟
كشف محمد نصر، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات، أن الحريق اندلع بإحدى صالات الطابق المخصص لمشغلي الاتصالات.
وأوضح أن الطابق يضم صالات منفصلة لكل مشغل، وقد امتدت ألسنة اللهب إلى أدوار أخرى بفعل شدة الحريق وسرعة انتشاره.
وأضاف نصر أن صالات أجهزة الشركة المصرية للاتصالات مؤمّنة بالكامل بأنظمة إطفاء ذاتية وإجراءات أمان عالية.
لكن قوة الحريق غير المتوقعة حالت دون سيطرة أجهزة الإطفاء عليه في الوقت المناسب، مما أدى إلى اتساع نطاق الضرر.
وفي تطوّر متصل، أعلنت البورصة المصرية تعليق التداول يوم الثلاثاء بسبب اضطرابات تقنية في نظام التواصل الخاص بشركات السمسرة. وأشارت إدارة البورصة إلى أن هذه الاضطرابات أثرت على قدرة الشركات في التواصل الفعال مع نظام التداول المركزي.
لا تفوّت قراءة: مهرجان العلمين 2025 يعود بقوة.. جدول أبرز حفلات النجوم وأسعار التذاكر
عودة تدريجية لخدمات الاتصالات بعد السيطرة على حريق سنترال رمسيس
أعلن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات السيطرة الكاملة على حريق سنترال رمسيس، الذي أسفر عن وفاة 4 أشخاص وإصابة 14 آخرين.
وفي هذا السياق، صرّح الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات المصري، بأن خدمات الاتصالات بدأت بالعودة تدريجيًا بعد السيطرة على الحريق الكبير.
وأضاف الوزير أن خدمة الإنترنت وخدمات الاتصالات ستعود بشكل كامل خلال 24 ساعة في مختلف أنحاء الجمهورية. ولضمان استمرارية الخدمة، تم نقل أنظمة الاتصالات إلى عدة سنترالات بديلة تعمل حاليًا كشبكة دعم رئيسية.
وشدّد طلعت خلال جولته التفقدية على أن مصر لا تعتمد على سنترال رمسيس وحده كمركز رئيسي للخدمات. وأكد أن سنترال رمسيس سيظل خارج الخدمة لأيام، مع استمرار العمل على استعادة نشاطه تدريجيًا.
في الوقت نفسه، أوضح الوزير أن معظم الخدمات الحيوية تعمل بشكل طبيعي، بما في ذلك النجدة، والإسعاف، والمطافي، والموانئ. وأشار إلى أن بعض الأعطال ظهرت في عدد محدود من المحافظات، ويتم العمل على إصلاحها واستعادة الخدمات صباح اليوم.
لا تفوّت قراءة: من Marten Lou إلى محمد رمضان.. جدول أبرز حفلات الساحل الشمالي في الأسبوع الثاني من يوليو 2025

سنترال رمسيس.. القلب التاريخي لشبكة الاتصالات في مصر
يعد سنترال رمسيس من أقدم وأهم السنترالات في مصر، لما يمثله من أهمية استراتيجية في دعم البنية التحتية لقطاع الاتصالات والإنترنت.
ويعرف السنترال بأنه القلب النابض لشبكة الاتصالات القومية، حيث يشكل محورًا رئيسيًا في توزيع خدمات الهاتف والبيانات داخل القاهرة والمحافظات.
تعود أهمية سنترال رمسيس إلى تاريخه العريق، إذ افتُتح رسميًا يوم 25 مايو 1927 على يد الملك فؤاد الأول.
وفي لحظة تاريخية نادرة، أجرى الملك فؤاد بنفسه أول مكالمة هاتفية باستخدام سماعة فضية داخل دار التليفونات الجديدة.
أقيمت مراسم الافتتاح بشارع الملكة نازلي سابقًا، المعروف حاليًا بموقع سنترال رمسيس في قلب العاصمة المصرية.
وكان الهاتف المستخدم آنذاك من صنع شركة “إريكسون” السويدية، ومصنّع في مدينة استوكهولم، ومزدان بنقش ملكي يخلّد لحظة الافتتاح.
وقد كتب على الهاتف: “الجهاز الذي تفضل فؤاد الأول ملك مصر وافتتح به سنترال تليفون المدينة بالقاهرة، يوم الأربعاء 25 مايو سنة 1927”.
لا تفوّت قراءة: على حسب حالتك العاطفية.. دليلك لاختيار أغاني عمرو دياب من ألبوم “ابتدينا”
سنترال رمسيس: محور رئيسي لحركة الاتصالات الدولية والمحلية

يقع سنترال رمسيس في قلب القاهرة، وتحديدًا في شارع رمسيس، ما منحه موقعًا مركزيًا جعله محورًا حيويًا على مستوى الربط الشبكي والتقني.
يعد السنترال نقطة ارتكاز رئيسية لا تخدم العاصمة فقط، بل تربط أيضًا شبكات القاهرة الكبرى بشبكات الأقاليم في مختلف المحافظات.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية تمر عبر سنترال رمسيس، ما يؤكد دوره الحيوي في الشبكة القومية.
يشمل ذلك الاتصالات عبر الخطوط الأرضية التقليدية، إضافة إلى خدمات تعتمد على شبكات الألياف الضوئية الحديثة (Fiber Optics).
ويعد السنترال مركزًا محوريًا في منظومة التحويلات الرقمية، إذ يضم عددًا كبيرًا من المقاسم الرقمية الرئيسية (Core Switches).
من خلال هذه المقاسم، تحوّل المكالمات وتربط مباشرة بالشبكات العالمية، مما يعكس أهمية السنترال في الاتصالات الدولية.
هذا الدور يجعله أحد أعمدة البنية التحتية الرقمية في مصر، خاصة في ظل توجه الدولة نحو التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد المعرفي.
لا تفوّت قراءة: 7 أسباب تجعل فيلم “هيبتا: المناظرة الأخيرة” تجربة سينمائية لا تُفوّت

مركز محوري للربط البيني وكوابل الإنترنت الدولية
يحتوي سنترال رمسيس على واحدة من أكبر غرف الربط البيني (Interconnection Rooms) في مصر، تستخدم من قبل كبرى شركات الاتصالات الخاصة.
وتمكّن هذه الغرف شركات مثل فودافون وأورنج واتصالات من تمرير البيانات عبر الشبكة الوطنية وربطها بالشبكات الإقليمية والدولية بسلاسة وأمان.
وتعد غرف الربط البيني جزءًا أساسيًا من البنية التحتية الرقمية، لما لها من دور حيوي في استقرار الخدمة وسرعة نقل البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، يمر عبر السنترال عدد من كوابل الألياف الضوئية الدولية التي تشكّل شرايين الإنترنت الرئيسية في مصر.
هذا ما يجعل السنترال ذا أهمية استراتيجية، خاصة في أوقات الأزمات أو ارتفاع الأحمال على الشبكة الوطنية.

لا تفوّت قراءة: قصص حب تتلألأ بالفخامة.. أفخم 9 حفلات زفاف عربية لن ننساها في 2025
مركز بيانات حيوي يدعم التحول الرقمي في مصر
يضم سنترال رمسيس وحدات مخصصة لاستضافة البيانات (Data Hosting Units) تستخدم في خدمات الحوسبة السحابية والأرشفة المؤسسية للجهات الحكومية والخاصة.
تعد هذه الوحدات جزءًا من البنية الرقمية الوطنية، حيث تعتمد عليها المؤسسات في تخزين بياناتها وتشغيل منصاتها الإلكترونية بأمان وكفاءة.
ومع تسارع التحول الرقمي في مصر، يزداد الاعتماد على هذه القدرات التقنية في دعم الأنظمة الذكية والخدمات الحكومية الإلكترونية.
ويتوقع أن يتحول سنترال رمسيس تدريجيًا إلى مركز بيانات متقدم من المستوى الثالث (Tier 3) لضمان استمرارية الخدمة وكفاءة التشغيل.
هذا التطور يعزز مكانة السنترال كمكون استراتيجي في منظومة البنية التحتية الرقمية لمصر في السنوات المقبلة.

لا تفوّت قراءة: تاكسي دبي الجوي.. كيف ستُحدث طائرة “جوبي” ثورة في التنقّل بالإمارات؟
أهمية أمنية واقتصادية استراتيجية لسنترال رمسيس
من الناحية الأمنية، يُعد سنترال رمسيس موقعًا سياديًا يخضع لإجراءات حماية مشددة، نظرًا لتأثيره المباشر على قطاعات الاتصالات والبنوك والمرافق الحكومية.
أي خلل في عمل السنترال قد ينعكس على منظومة الأمن السيبراني وحركة البيانات الحيوية داخل الدولة، وعلى مستوى الشبكات الإقليمية والدولية أيضًا.
ويمتد التأثير إلى حركة الإنترنت الدولي المار عبر مصر، حيث تشكّل خدمات العبور مصدر دخل يتجاوز 200 مليون دولار سنويًا.
تقدّم المصرية للاتصالات هذه الخدمات لشركات عالمية، ما يرسّخ مكانة مصر كممر رئيسي لحركة البيانات بين الشرق والغرب.
اقتصاديًا، يُسهم سنترال رمسيس في دعم قطاع الاتصالات، أحد أهم مصادر العملة الأجنبية للبلاد في ظل النمو الرقمي المتسارع.
وبحسب وزارة الاتصالات، بلغت عائدات خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نحو 5.2 مليار دولار خلال عام 2023 فقط.