كيف استدرجت FBC المستثمرين إلى فخ الاحتيال؟ استولت على 6 مليار دولار وخدعت مليون شخص

في عالم الأحلام الرقمية، حيث الوعود بالثراء السريع تغري الملايين، برزت منصة FBC كطريق مختصر لتحقيق الأرباح الخيالية.

بمهام بسيطة وعوائد مغرية، وقع أكثر من مليون شخص في شِباكها، ليكتشفوا في لحظة فارقة أن حلمهم لم يكن سوى كابوس احتيالي كلّفهم 6 مليارات دولار!

يوم الخميس الماضي، زعم مسؤولوها في البداية أنها تعرضت لهجوم سيبراني، مؤكدين أن الأمور ستعود إلى طبيعتها خلال ساعات.

لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا، إذ اختفى المسؤولون عن المنصة، وأغلقوا هواتفهم وموقعهم الرسمي، تاركين وراءهم آلاف الضحايا الذين تقدموا ببلاغات رسمية.

كيف استدرجت المنصة ضحاياها؟ ولماذا انهارت فجأة تاركة وراءها آلاف القصص المأساوية؟

لا تفوّت قراءة: لغز مقتل المصرية آية عادل على يد زوجها في الأردن: ماذا كشفت آخر مكالمة؟

منصة FBC الرقمية بعد إغلاقها
منصة FBC الرقمية بعد إغلاقها

كيف خدعت FBC المستثمرين وأوقعتهم في فخ الاحتيال؟

ظهرت منصة FBC كمنصة استثمارية عبر الإنترنت، متاحة عبر تطبيق على متجري جوجل وآبل، حيث قدمت وعودًا بأرباح مغرية مقابل تنفيذ مهام يومية بسيطة، مثل مشاهدة مقاطع الفيديو على يوتيوب.

ولجذب المزيد من الضحايا، اعتمدت المنصة على نظام اشتراكات يتيح للمستخدمين اختيار باقات استثمارية مختلفة، من بينها باقة مخصصة للمشتركين المصريين بقيمة 11,200 جنيه، بينما كان الحد الأدنى للاشتراك 720 جنيهًا فقط.

وفي المقابل، وعدت المنصة المستثمرين بأرباح تصل إلى 490 جنيهًا يوميًا، إلى جانب مكافآت قد تصل إلى 5,000 جنيه، مع إمكانية تنفيذ 35 مهمة يوميًا (باحتساب الدولار عند 50 جنيهًا).

ولتضليل المستخدمين ومنح نفسها مصداقية زائفة، استخدم المحتالون استراتيجيات تسويقية متقنة، مستعينين بمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للمنصة.

كما نشرت FBC مقاطع دعائية لمؤتمر مزعوم في مصر، ظهر فيه شخص ملتحٍ يدّعي أن المنصة مرخصة رسميًا ومتعاقدة مع الحكومة، ما زاد من إقناع الضحايا بموثوقيتها.

لكن خلف هذه الوعود البراقة، كانت الحقيقة صادمة، إذ تشير التقارير إلى أن FBC ليست سوى امتداد لمنصات احتيالية سابقة مثل PHD.

ووفقًا لموقع BrokerChooser، فإن الشركة غير منظمة من قبل أي هيئة مالية معتمدة، مما يجعلها مجرد خدعة كبرى استهدفت طمع المستثمرين في الربح السريع، لتنتهي بهم في دوامة من الخسائر والبلاغات الرسمية.

حفلة منصة FBC قبل غلقها للأبد

العشاء الأخير قبل الاختفاء النهائي.. كيف خدعت FBC ضحاياها حتى اللحظة الأخيرة؟

في خطوة أخيرة لتعزيز الثقة وإقناع المزيد من الضحايا، نظم مسؤولو منصة FBC عشاء عمل وحفلًا صغيرًا في منطقة كورنيش إمبابة، قبل أيام فقط من إغلاق التطبيق والاستيلاء على أموال المستثمرين.

خلال الاحتفالية، طالب أحد المسؤولين الحاضرين المشتركين بزيادة عدد الأفراد المنضمين إلى المنصة، مؤكدًا أن جلب المزيد من المشتركين سيضاعف أرباحهم بشكل كبير.

كما زعم أن للشركة مقرًا ضخمًا خارج مصر، وأنها تعمل منذ عام 2000 بترخيص عالمي، متعاونة مع الحكومة المصرية للقضاء على البطالة.

لكن سرعان ما انكشفت الحقيقة الصادمة؛ فلم تكن المنصة سوى مخطط احتيالي محكم، انتهى بإغلاق التطبيق، اختفاء المسؤولين، وترك آلاف الضحايا في مواجهة خسائرهم، دون أي أمل في استعادة أموالهم.

لا تفوّت قراءة: منصة مصر العقارية الجديدة: 9 أسئلة تكشف تفاصيل المشروع الأضخم في القطاع العقاري

شهادات الضحايا.. كيف تحولت أحلام الثراء إلى كابوس مالي؟

لم يكن ضحايا منصة FBC سوى أشخاص يحلمون بتحسين أوضاعهم المالية، بعضهم كان يسعى للخروج من أزماته الاقتصادية، والبعض الآخر باع كل ما يملك، استدان، أو حتى ورّط أفرادًا من عائلته في دوامة الاحتيال.

والأخطر أن كثيرًا منهم يخشون التبليغ، مقتنعين بأن “القانون لا يحمي المغفلين”.

يروي أحد الضحايا معاناته قائلًا: “انضميت إلى FBC منذ أيام فقط، كنت أبحث عن وسيلة لتسديد أقساط شهرية بعد سرقة هواتفي، فبعت بعض ممتلكاتي واستدنت من الآخرين للدخول في مستوى الـ 11,000 جنيه. مشكلتي أنني تعرضت لحادث خطير، وأجريت جراحة كلفتني 65 ألف جنيه، منها 45 ألفًا على سبيل الدين، وحتى علاجي لم أعد قادرًا على شرائه، الآن أنا مهدد بالسجن بسبب الديون”.

ضحية أخرى من محافظة القليوبية تحدث عن شكوكه التي بدأت تتزايد عندما لاحظ أن القائمين على المنصة يوسّعون عملياتهم، ويفتحون فروعًا في المحافظات، مثل الغربية، لجذب المزيد من الضحايا.

كما أشار إلى أنهم كانوا ينظمون حفلات وعزائم لإقناع المستثمرين بجلب مشتركين جدد، مقابل مكافآت شهرية تصل إلى 2800 جنيه عند جلب 15 فردًا، و18 ألفًا عند استقطاب 100 فرد، ليكتشف الجميع في النهاية أنهم وقعوا ضحية عملية احتيال محكمة.

جانب من شهادات ضحايا منصةFBC

لا تفوّت قراءة: مصر تصنع التاريخ.. 9 سيارات عالمية محلية الصنع بسعر أقل من مليون جنيه

عمرو أديب عن FBC: “بعض الناس باعوا الجاموسة اللي حيلتهم للاستثمار”

علّق الإعلامي عمرو أديب على قضية الاحتيال التي تعرّض لها آلاف المواطنين عبر منصة FBC، مشددًا على خطورة الانسياق وراء وعود الثراء السريع دون التأكد من مصداقية الجهات الاستثمارية.

وقال أديب مستنكرًا: “من خمسين سنة بنقول للناس ما تستثمروش فلوسكم إلا في المصارف الشرعية، مثل البنوك والبورصة، لكن للأسف لا يزال هناك من يصرّ على المغامرة بأمواله في شركات توظيف الأموال الوهمية”.

وأوضح أن حجم الأموال التي استثمرها الضحايا في المنصة بلغ 6 مليارات دولار من مختلف الدول العربية، مؤكدًا أن بعض المواطنين وضعوا كل مدخراتهم في هذا المشروع الوهمي.

وأضاف بسخرية: “بعض الناس باعوا الجاموسة اللي حيلتهم عشان يستثمروا في منصة FBC، والآن المنصة اختفت ونصبت عليهم.. كنت فين وأنت بتفكر؟ البنك على الناصية، وإحنا أكتر بلد فيها بنوك!”

تصريح أديب يعكس حجم المأساة التي تعرّض لها الضحايا، ويعيد تسليط الضوء على مخاطر الاستثمار في منصات غير موثوقة، التي تستغل طموح الناس في تحقيق أرباح سريعة دون رقابة مالية واضحة.

لا تفوّت قراءة: تعمير بدون تهجير: ملامح المقترح المصري لإعمار غزة في فترة من 3 لـ 5 سنوات

تحذيرات سابقة ضد منصة FBC.. لماذا تجاهلها الضحايا؟

قبل انهيار منصة FBC بوقت قصير، انتشرت تحذيرات على شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن المنصة قد تكون مجرد امتداد لمنصات احتيالية سابقة، مثل PHD، التي استولت على ملايين الدنانير من مستثمرين في الأردن.

كما كشف موقع BrokerChooser أن الشركة المرتبطة بـFBC غير مرخصة أو منظمة من قبل أي هيئة مالية معترف بها، مما زاد من مخاطر التعامل معها.

ورغم هذه التحذيرات، وقع آلاف الضحايا في الفخ، مدفوعين بوهم الأرباح السريعة، ليجدوا أنفسهم في النهاية أمام عملية احتيال ضخمة دون أي ضمان لاستعادة أموالهم.

ما هي عقوبات جرائم الاحتيال الإلكتروني في القانون المصري؟

يُحدد قانون مكافحة جرائم الإنترنت في مصر عقوبات صارمة لمرتكبي جرائم الاحتيال الإلكتروني وسرقة أموال المواطنين عبر الفضاء الإلكتروني.

وينص القانون على أن كل من يستخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات للوصول دون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو أدوات الدفع الإلكتروني، يُعاقب بـ:

  • الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
  • غرامة مالية لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تتجاوز 50 ألف جنيه.
  • أو إحدى العقوبتين، وفقًا لظروف الجريمة.

كما قد يواجه المحتالون عقوبات أشد إذا ترتب على أفعالهم خسائر مالية جسيمة للضحايا، أو إذا كانوا جزءًا من شبكة احتيالية منظمة، مما قد يؤدي إلى أحكام بالسجن المشدد ومضاعفة الغرامات.

لا تفوّت قراءة: كيف سقط سفاح المعمورة؟ من محامي يدافع عن الحقوق لقاتل متسلسل على خطى ريا وسكينة

تعليقات
Loading...