امبارح كان اليوم العالمي للطعام، ولإن المصريين علاقتهم بالأكل مختلفة عن باقي الدول العربية، حبينا نتكلم عن العلاقة دي، لإنها تعتبر علاقة مقدسة بالنسبة لهم مش مجرد وسيلة للإبقاء على قيد الحياة، لأ، دول بيعتبروها من مسببات السعادة ومن مظاهر الاحتفال وأحيانًا من مظاهر الحزن، ماتعرفش ازاي!
هتلاقي في كل قناة فضائية لازم يبقى في برنامج طبخ أو برنامجين على الأقل، ده غير الافتكاسات اللي بتتعمل على كل أكلة بس الغريبة إنها بتطلع حلوة! وبندلع الأكل كمان يعني هتلاقي أكلة مثلًا اسمها “المدلعة” أو “الصاروخ” أو “ديناميت”.
ومانقدرش ننسى أي مناسبة بتحصل ماينفعش تعدي من غير عزومة الأكل، والأعياد مرتبطة بالأكل ارتباط غريب، يعني كل عيد وبيبقى له الأكل بتاعه، عيد الأضحى مثلًا مرتبط باللحمة والفتة، وعيد الفطر معروف بالكحك والبسكوت والترمس، وعيد شم النسيم مرتبط بالرنجة والفسيخ.
مش بس الأعياد، دي مظاهر الاحتفال زيّ الأفراح أو الحفلات أو أي خروجة لازم يبقى فيها أكل وإلا مايبقاش لها معنى! حتى مظاهر الحزن لازم الأكل يبقى عنصر مهم فيها، زيّ الجنازات اللي في القرى والأرياف لازم اللي ييجي يعزي يتحط له أكل، ولما بيطلعوا المقابر بيوزعوا “رحمة ونور” ودي بتبقى فاكهة ومخبوزات.
ومش هنقدر ننسى الأمثال الشعبية اللي في منها برضه مرتبط بالأكل زيّ “رجعوا زيّ السمنة على العسل” واختاروا الاتنين دول بالذات لإنهم لما بيتحطوا على بعض طعمهم بيبقى مميز، زيّ اتنين اتخانقوا ورجعوا يتصالحوا.
ده لما الصحاب ييجوا يقرروا يباتوا سوا، أول حاجة بتيجي في بالهم “ها! هنجيب أكل إيه؟”
العلاقة المقدسة اللي بتربط بين المصريين والأكل، ماحدش يعرف سببها إيه بالتحديد أو بدأت من امتى بالظبط، بس في ناس بتقول إن ممكن ده يكون راجع بسبب إننا شعب زراعي من أيام الفراعنة، والزراعة بتحب اللمة والتجمع العائلي علشان الري وغيره، فكبرنا على حب اللمة والعزومات خصوصًا في رمضان.
وعمومًا الشعب المصري معروف بكرمه، لو جاله حد البيت بيقسم معاه اللقمة حتى لو مفيش غيرها في بيته، وبعيدًا عن أي سبب، اعتبار الأكل شيء مقدس خلق معاه تفاصيل وذكريات تانية حلوة كتير مرتبطة باللمة والتجهيزات اللي قبل كل مناسبة، هتلاقي كل ذكرى حلوة دايمًا مربوطة بأكلة حلوة.