نادي الرجال السري: حكايات وأسرار من قلب صالون الحلاقة
علاقة الشباب بالحلاقين، واحدة من العلاقات اللي ممكن نحكي فيها لإن لها أبعاد كتير، مابيتوقفش على فكرة إنه بيقدملك خدمة مقابل أجر مالي، أو إنك مجرد تدخل عليه ويسألك “شعر ولا دقن ولا فوطة سخنة” ويعمل اللي عليه وتروح على بيتك، ولا الموضوع مجرد إنك تحارب علشان تحجز الكرسي رقم واحد، اللي بيتعتبر أهم من كرسي الرئاسة في أيام المناسبات ووقفات العيد، لأ ده الموضوع طلع أكبر من كده، وفيه أبعاد إنسانية تانية، وده اكتشفناه لما سمعنا قصص الشباب اللي بتحكيها مع الحلاقين، منها اللي ضحكتنا ومنها اللي خلتنا ندمع ونقول الدنيا لسه فيها خير.
حبينا في خلال المقال، نضيف صور حقيقة للحلاقين مش كوميكس، بعيدًا عن اللي اتعودنا عليه في قصص يوم السبت.
وفاء من نوع خاص
بيحكي لنا علي عن علاقة من نوع خاص بينه وبين حلاقه المفضل واللي بيعتبره أبوه التاني، والعلاقة دي ومدى القرب اكتشفه بعد وفاته، علي من وقت ما توفى الحلاق بتاعه دخل في موجة من الاكتئاب والحزن وقعد سنة مابيحلقش، مارضاش يحلق عند شخص تاني غيره وفضل إنه يقعد ولا إنه يروح يتعامل مع حلاق تاني، لإن في وجهة نظره ماحدش هيبقى زيه، ومش قصده هنا في “الكفاءة”، قصده إنه مش هيوصل معاه لنفس المستوى من الإنسانية اللي كانت بتجمع علاقتهم ببعض.
لدرجة إن شغله اشتكى منه علشان بطل يحلق، لإنه كان شغال في بنك وبيبقى مطلوب إنه يظهر للعملاء بمظهر معين، الحكاية دي لما سمعتها حسيت إنها بتجسد معنى تاني من معاني الوفاء، واللي كانت في الغالب بتظهر لنا في شكل معين أو بين أشخاص بتربطنا بهم علاقات مش قايمة على تقديم مقابل زي الأهل والأصحاب، ولكن الحكاية دي كسرت القاعدة.
خنت ثقتي فيك
بيحكي لنا طارق: “كنت عايز أروح محل أرخص من اللي كنت بتعامل معاه، جربته وماعجبنيش فرجعت للي كنت متعود عليه من سنين، أول ما رجعت الحلاق بص لي بصة مليانة حزن وشجن وغدر للعهود وقال لي: “أنت حلقت عند حد تاني غيري؟” اتخضيت من أسلوبه وحاولت أحور عليه بس ماصدقش وقال لي: “المقص اللي اتضرب في الشعر ده مش مقصي عيب تبقى راجل كبير وتكدب” وفضل طول اليوم مديني وش خشب مع نظرة من اللوم والعتاب، وكل ما أسأله أنت كويس، يبص نفس البصة ويقول لي “مافيش” كنت قربت أعيط والله، حسسني إنه أبويا وأنا مزعله والمفروض عليا أبرر له أنا عملت كده ليه، وكان ناقصلي تكة وأقوله بعدها خلاص مش هعمل كده تاني”.
كاتم أسراري ومصدر معلوماتي
بيحكي حسام: “من وأنا صغير كنت بحلق عند حلاق المنطقة، كبرت وهو كبر وبقينا بنعتبره حلاق العيلة، زيّ دكتور العيلة اللي كنا بنسمع عنه زمان، كنت بعدي عليه كل جمعة بعد الصلاة، ولإن قصة الشعر بتاخد وقت طويل، فكنا مابنقعدش ساكتين طبعًا، كنت بحكي له اللي حصل معايا في اليوم وهو بيحكي عن الأوضاع الاقتصادية في البلد والأمور اللي جدت في المنطقة ومين اتجوز ومين طلق، وعلشان كنا عشرة عمر لسنين من وقت المدرسة، كنت بفضفض له عن أسرار ماحدش كان يعرفها غيره، والكلام كان بيجيب بعضه لدرجة إنه بقى حافظني أكتر من نفسي، فبقيت أستشيره وأثق في رأيه”.
مارتاحتش غير على قصته
بيحكي مصطفى: “بعد ما سافرت برا البلد قعدت فترة كبيرة ماروحش لأي حلاق، كنت مستني أرجع في الأجازة علشان أروح له مخصوص، لإني كنت متعود عليه وماكنتش برتاح غير على قصته، وبعد أكتر من 10 سنين، رجعت له تاني، وتخيل بقى أول ما روحت له في أول زيارة ليا بعد رجوعي استقبلني كإني ابنه اللي راجع بعد غياب، والغريبة أكتر إنه كان فاكر تفاصيل لها علاقة بشعري وعارف إيه اللي كان بيعجبني والقصة اللي متعود عليها، وفضلت كده لمدة 5 سنين، الأجازة اللي كنت برجع فيها البلد بقسمها بين العيلة والمشاوير، وأهم مشوار فيهم كان الحلاق”.
صديق عزيز للعيلة
بيحكي أكرم: “والدي كان في فترة تعبان ومش بيقدر ينزل من بيته وفضل فترة ملازم السرير، وماكانش بيقدر يروح مشاويره، فلما عرف الحلاق بتاعه حالته الصحية ماهانش عليه إنه يسيبه من غير ما يسأل عليه، ومش بس كده، كمان ده قرر إنه يركب على عجلته بعد ما يخلص شغله في المحل ومعاه معداته، وييجي البيت في المواعيد اللي أبويا كان متعود يروح له فيها”.
بعد ما سمعنا القصص، اكتشفنا إن الزبون بياخد أكتر من المقابل المادي اللي بيدفعه، مجرد لما الزبون يسلم رأسه للحلاق بيمضي معاها عقد من الثقة وعشرة العمر وقعدة دردشة وفضفضة وصداقة ماتتعوضش.