غادة العبسي: كل اللي ضايقني في الدعوى إنه وصف بنتي بإنها “كائن مشوه”
قصة تابعناها في الأيام اللي فاتت وكانت سابقة هي الأولى من نوعها في مصر؛ زوج قرر يرفع قضيتين على زوجته أولهم اتهامتها إنها خلفت طفلة مصابة بمتلازمة داون والتانية علشان كتبت رواية باسم الطفلة “سدرة”. حبينا نتكلم مع الروائية والزوجة المقام ضدها الدعوى، غادة العبسي، ونسمع الحكاية منها وعلى لسانها.
سألنا غادة عن اللي حصل بالظبط، وقالت لنا “صحيت في يوم الصبح على خطاب من المحكمة بعلم الوصول، زوجي رافع فيه دعوى بفسخ عقد الزواج وبيتهمني فيه بالغش والتدليس إني بجيب أطفال غير أصحاء، وإني كنت على علم بحالة صحية ما عندي كوني طبيبة والحالة دي بتخليني أجيب أطفال غير أصحاء واستخدم لفظ “أطفال مشوهة” كونها مصابة بمتلازمة داون.
وقال في نص الدعوى إنه ماكانش عنده نية للإنجاب لإن عنده أولاد من زيجة سابقة، وإنه ماكانش عايز يحرمني من الإنجاب، وكإن ده حق للزوج بيمنحة للزوجة إنها تنجب أو لا تنجب.”
وكملت كلامها “كل اللي ضايقني في الدعوى إنه وصف بنتي بإنه “كائن مشوه” في وقت اللي احنا بنقدم لهم كل الدعم المجتمعي.”
وقالت “بنتي أتوفت بعد 24 يوم من ولادتها، والزوج قال في الدعوى إنه وقع عليه ضرر مادي بسبب الحمل والولادة وعايز يفسخ عقد الزواج.” وكلمت كلامها “الحمدلله القضية دي أتحكم فيها لصالحي، بس الحكم النهائي صدر من أيام قليلة وأنا هاخد الحكم وأقاضيه وأخد حق سدرة وحقي، والمؤسف إني ممنوعة من دخول بيتي وممنوعة من الحصول على حاجتي وكتبي.”
غادة قالت لنا عن الدعوى التانية اللي جوزها رفعها: “دعوى تانية اتفاجئت بها في الأيام دي، رفعها بإيقاف رواية كتبتها عن بنتي “سدرة” اللي أتوفت، الرواية كتبتها من سنة وبيطالب دلوقتي بتعويض مالي جراء ذكر اسم بنته، وبيقول إني كتبت الرواية من غير موافقته وده مش حقيقي.”
ولما سألناها ازاي هتواجه القضية دي، قالت “عندي الإثباتات اللي تأكد كلامي، وإنه كان موافق على صدور الرواية واتهمني إني أتطرقت لمساحة شخصية، وأنا بأكد إن كل اللي أتذكر من وحي علاقتي ببنتي وفي فصول على لسانها في عالم الحمل، من أول كانت بضع خلايا لحد ما خلفتها، أتكلمت عن قبضاتها وركلاتها ليا واللغة اللي كانت بيني وبينها أثناء الحمل.. الرواية كانت علاقة بين أم وبنتها.”
حبينا نتكلم أكتر عن بنتها وعن لحظة فقدها، وقالت لنا “ماكانش في حاجة أصعب من وفاة سدرة، خصوصًا إن أنا مالمستهاش، هي أتاخدت من حضني على الحضانة؛ كنت بشوفها من الزجاج، اكتشفنا بعد ما أتولدت إنها عندها نوع نادر جدًا من المتلازمة، وسبب وفاتها هو تسمم في الدم
وده بسبب إنها ماكانتش بتقدر تبلع المياه أثناء الحمل، واضطرينا نعملها عملية تصحيح أمعاء لإن الأمعاء كانت متجهة لليسار، بس للأسف بدأ يحصل تسمم في الدم وماتت في أول أيام العيد الكبير، يعني دلوقتي أنا بعيش ذكرى أيام فقدانها.”
وكملت “إذا كان عندها كروموسوم زيادة، فده زيادة في الخلق ربنا خصها بها، لكن مش نقصان ولا تشوه، سدرة خارج دائرة اللؤم البشري، طفلة ماتقدرش تكيد لنفسها، وكارثة لو اعتبرنا الملائكة دي أشخاص مشوهين.”
غادة قالت لنا إنها أتخطيت الموقف الصعب ده ب”الحياة.. إذا كانت سدرة أتوفت فهي أتوفت وأدتني أنا الحياة علشان أكمل بالنيابة عنها، الكتابة والغنا والطب ماليين حياتي وساعدوني، حتى لو أنا ماقدرتش أمارس أمومة مستديمة مع سدرة، لكن الفترة الصغيرة اللي عاشتها أدتني أمل في الحياة، وأنا عايشة علشان أجيب لها حقها.”
ولما سألناها عن سبب اختيارها كتابة رواية باسم بنتها، قالت لنا “اعتبرته تخليد ورفع لذكراها لإنها تجربة فريدة ومعجزة في الخلق حتى بشهادة الأطباء، وإذا ماكونتش أكتب عن بنتي هكتب عن مين. ده غير إن اعتبرتها عون وسند لناس كتير مروا بنفس التجربة، الرواية منحتني جزء من سلامي النفسي لإني كنت بقابلها وأنا بكتب.”
ولما سألناها لو ساعدتها في التخطي قالت “برغم إن أنا ماكونتش بكتبها بغرض الاستشفاء، بس اتفاجئت بعد ما خلصتها إني بقيت أحسن وحسيت إنها تجسدت قدامي مرة تانية.. فقدها علمني حاجات كتير، يعني حتى غيابها كان عظيم بحجم حضورها.. وأنا عايشة بالتجربة دي لحد دلوقتي.”