“عيطت من الضحك”.. أفلام لنجوم الكوميديا كان المفروض تضحكك لكنها أبكتك
“عيطت من الضحك” جملة يقولها الكثير منا وبالأخص حينما يشاهدون فيلم كوميدي، فهناك الكثيرون يبكون أثناء الضحك من فرط الكوميديا أمامهم، وهناك من يبكون من اختلاط الكوميديا بمشاعر إنسانية أخرى كالألم والحزن، وذلك إذا تناول الفيلم الكوميدي قصة واقعية بكل جوانبها المبهجة والمبكية، مثل أفلام “احنا بتوع الاتوبيس – ألف مبروك – الإرهاب والكباب”.
وكعادة ممثلي الكوميديا، لا يفضلون التعرض لقصص بها (حزن، ألم، ودراما)، وهذا أمر منطقي إلى حد كبير، فجمهور ممثلي الكوميديا يذهبون لدور العرض ويشترون “تذاكر” الفيلم حتى ينعموا بمشاهدة عمل به جرعة جيدة من الكوميديا تنسيهم مشاكل الحياة. وإن أقدم ممثل كوميدي على هذا النوع من الأفلام فتعتبر مغامرة كبيرة، إلا أن فنانيين كبار مثل الزعيم عادل إمام والفنان أحمد حلمي، وغيرهم برعوا في تقديم وجبة درامية دسمة ولها معنى ليست فقط للرفاهية، وقدموا أعمالًا نالت إعجاب الجمهور وحققت شهرة واسعة.
احنا بتوع الأتوبيس
اعتقد الجمهور الذي دخل السينما ليشاهد فيلم “احنا بتوع الأتوبيس” عام 1979، بطولة اثنين من قطبي الكوميديا في مصر؛ عادل إمام وعبد المنعم مدبولي، أنهم سيهلكوا من الضحك، لكنهم كانوا على موعد مع ضحك من نوع أخر، ضحك مخلوط بالحزن والألم.
يعد هذا الفيلم أول عمل كوميديا سوداء في تاريخ السينما المصرية، وفقًا للسيناريست فاروق صبري الذي كتب القصة السينمائية والسيناريو والحوار، حيث تناول الفيلم أحداثًا مأساوية، عرضت بشكل ساخر ومضحك.
فاروق صبري مؤلف الفيلم، قال في تصريحات صحفية سابقة، “هذا الفيلم أخذته من قصة قصيرة لا تتعدي 10 أسطر من كتاب لجلال الحمامصي عنوانه “حوار خلف الأسوار”، وتم عرض الفيلم سنة 1979، وهي قصة حقيقية من واقع الحياة، والأحداث تدور حول بطلي الفيلم الذين تحدث بينهما خناقة في الأتوبيس فيصر السائق على تسليمهما لقسم الشرطة، وهناك يختلط أمرهما ويظن المسؤولون أنهما من المعارضين السياسيين ويتم ترحيلهما إلي المعتقل لتبدأ سلسلة أخرى من المواقف المضحكة والمبكية”.
وأضاف صبري، أن الفيلم احتوى على حوالي 20 مشهد تعذيب كانت مثار جدل في الرقابة حيث طلبوا حذفها، لكنني رفضت، وتدخل الرئيس أنور السادات وقتها وسمح بعرض الفيلم كاملاً دون حذف.
وأوضح صبري، أن الرئيس السادات قال له وقتها:” أكتب ما شئت في أي وقت واللي على رأسه بطحه يحسس عليها”، وتابع صبري: “سمح الرئيس السادات بعرض الفيلم رغم أنني كنت أحاكم من خلاله فترة معينة، فالقصة حقيقية، والكل كان يعرف وقتها أساليب التعذيب في السجون”
ألف مبروك
يعتبر الفنان أحمد حلمي، نجم الكوميديا وبطل فيلم “ألف مبروك”، من أشهر الممثلين مجازفة فيما يخص تناول كوميديا الفانتازيا أو التي تتناول مواقف إنسانية حزينة، مثل فيلم “آسف على الإزعاج” وفيلم “عسل اسود” وحققا نجاحًا كبيرًا ونالا إعجاب وإشادة الجمهور.
تدور أحداث فيلم “ألف مبروك” حول شاب يتحضر لزواجه، ليفاجأ بتكرار أحداث صباح يوم زفافه بشكل دائم، وكأن لعنة أصابته، ليمر بمواقف طريفة ومختلفة مع نفس الأشخاص، ولكن بشكل مختلف في كل مرة غير أن النهاية واحدة، وهي وفاته، مما يدعوه إلى التساؤل عن سبب اللعنة التي أصابته والتي تجعله يدور بحلقة مفرغة.
ويكشف فيلم “ألف مبروك” الذي يدور في إطار كوميدي فانتازي (خيالي)، الكثير من نوازعنا الداخلية، حيث يظهر أنانيتنا في واقعنا المعاش وانهماكنا بأنفسنا، متجاهلين الآخرين، من أقرب الناس إلينا، مثل آبائنا وأمهاتنا وصولًا إلى جيراننا وحتى الأشخاص الذين نقابلهم في الشارع بمنتهى الامبالاة، إذ يظهر هذا العمل فشل مثل هذا النمط من التفكير وعقمه نحو تطوير حياة الإنسان والمجتمع من حوله.
الإرهاب والكباب
أحد أنجح الأفلام التي قدمها زعيم الكوميديا عادل إمام عام 1992، وكان البداية الحقيقية لانطلاق نجم الكوميديا الراحل علاء ولي الدين، حيث تناول الفيلم قضية هامة “الروتين” في معظم المصالح الحكومية.
تدور أحداث الفيلم بمجمع التحرير، حيث يتوجه البطل (عادل إمام) لنقل طفليه من مدرسة إلى أخرى. ويصطدم هناك بعقبات الروتين، وتتطور الأحداث ليجد نفسه فجأة يحمل سلاحًا وسط المواطنين، ويتخذ بعض الرهائن وينضم إليه بعض الموجودين، وسرعان ما تأتي قوات الشرطة لتحاصر المكان، وتتم المفاوضات بوجود وزير الداخلية الذي يتابع الموقف، ويفاجأ بأن مطالبهم شخصية بحتة.
فيأمر الوزير الخاطفين بإطلاق الرهائن وإلا سيهاجم المكان بكل من فيه بما في ذلك الرهائن، فيترك البطل الرهائن يخرجوا من المجمع، لكنهم يأبون تركه ورائهم ليواجه الموت فيطلبون منه الخروج معهم هو ومن معه كأنهم رهائن وذلك بعد أن شعروا بأن مطلبه كان يمثل مطالبهم جميعًا.
ورغم أن البعض وصف الأحداث بالفيلم بـ”العملية الإرهابية” وقد تبدو كذلك، لكن المتابع للفيلم سيجد أن البطل شخص عادى مسالم يريد إنهاء مصلحة حكومية ثم يعود لمنزله، إلا أن الروتين المتبع في المصالح الحكومية وما يترتب عليه من تأجيل لمعاملات المواطنين لأيام، دفعه للغضب وتطور الموضوع حتى صار يحتجز رهائن دون أي تخطيط منه أو تفكير حتى صار إرهابيًا في نظر الدولة.
طيور الظلام
هذا الفيلم أبدع فيه الكاتب الكبير وحيد حامد الذي كتب قصته والسيناريو والحوار، فلم تكن البطولة في هذا الفيلم للفنان الكبير عادل إمام فقط، بل للفنان رياض الخولي، والفنان أحمد راتب أيضًا، لأنهم الثلاثة كانوا محور الفيلم، فالزعيم عادل إمام كان يعكس سياسة الحزب الحاكم، ورياض الخولي، يعكس سياسة وعقيدة جماعة الإخوان، وأحمد راتب كان يعكس حال الشعب المصري.
ناقش هذا الفيلم وبجرأة كبيرة، قضية الصراع بين الحزب الحاكم وجماعة الإخوان على السلطة، حيث تدور قصته حول 3 أصدقاء منذ الصبا وجد كل منهم طريقه للنجاح، فالأول فتحي نوفل يعمل محامي “من الباطن” لأحد المحامين الكبار، منتظرًا الفرصة التي تجعله من رجال النظام الحاكم، والثاني أصبح من قيادات تنظيم الإخوان ومحاميًا للجماعة أيضًا، بينما الثالث لا يهتم غير بلقمة العيش وتربية الأولاد.
وكشف هذا الفيلم الوجه الخفي لجماعة الإخوان، الذي لا يعرفه الناس، فكشف لجوئهم لأعمال عنف واعتداءات متكررة على رجال الشركة ومراكز الشرطة، وطرق تمويلهم التي تستدعي الكثير من التدقيق.
فيلم زهايمر
على الرغم أن بطل الفيلم كان زعيم الكوميديا في مصر والوطن العربي الفنان عادل إمام، لكن أحداث الفيلم لم تكن مضحكة في مجملها، بل تخللها قصة إنسانية وجد فيها كل متفرج أحد أقاربه كبار السن سواء والده أو والدته أو جده، حيث تناول الفيلم مرض الزهايمر وتأثيرة على حياة المصابين به.
تدور أحداث الفيلم حول الخيانة والغدر وبر الوالدين والطمع، يجسد النجم عادل إمام خلال أحداث الفيلم شخصية محمود شعيب رجل الأعمال الغني المصاب بالزهايمر، والذي يطمع أبنائه في ثروته فيقيمون دعوى أمام القضاء للحجر على أمواله، وتعيينهم أوصياء عليه إلا أن ممرضته تقلب أحداث الفيلم رأسًا على عقب من خلال زلة لسان مصلح مواسير المياه (السمكري).
قصة الفيلم غامضة ولا تنكشف إلا في منتصف الفيلم حيث لا يلبث عادل إمام إلا ويعرف الحقيقة من السمكري ويكشف خداع الجميع له (أصدقائه، أولاده والغرباء) ومن ضمنهم الممرضة.