شجر الزيتون: مصدر رزق ورمز صمود شعب ومعركة صراع مع الهوية
“جئت إليكم وأنا أحمل غصن زيتون في يدي، وفي اليد الأخرى أحمل بندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي”، بتلك الكلمات عبر بها الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عن أهمية الزيتون بالنسبة للشعب الفلسطيني، فهو والبندقية سيان، تضرب جذورها وهي متمسكة بحقها.. فكيف تحولت من مجرد شجرة لرمز للصمود؟
الزيتون ومعركة صراع مع الهوية
شجر الزيتون يكمن أهميته إنه يصل عمره لآلاف السنين، فتجد في قرية “الولجة” بجنوب مدينة القدس أقدم شجرة زيتون بالعالم والتي قدر خبراء منظمة اليونسكو عمرها بحوالي 5500 عام، بمعنى أنها أقدم من دولة الاحتلال بآلاف السنين، وتعتبر جزء من هوية وعروبة فلسطين، لذلك يعتبرها الفلسطينيون بأنها تعبر عن حالهم ومدى تمسكهم بأرضهم ورفضهم التهجير والتخلي عن القضية.
كما يبلغ محيط الشجرة 25 مترًا وارتفاعها نحو 13 مترًا، وتتمتع بشهرة عالمية جعلتها تجذب السياح من كل مكان لزيارتها، كما وضعت صورتها على الطوابع البريدية باعتبارها رمزًا لفلسطين.
يعود سبب اعتبار شجرة الزيتون رمز لصمود الشعب الفلسطيني غير عمرها الطويل، هو أنها من أكثر الأشجار التي تتعرض لإعتداءات من قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدف الاستيطان، لذلك تقتلع وتحرق قوات الاحتلال آلاف الأشجار سنويًا، في محاولة إلى إعادة كتابة التاريخ، على إنه بدأ منذ ثلاثة آلاف عام فقط، أى منذ دخول اليهود إلى فلسطين. وحسب التقارير الفلسطينية الرسمية؛ فقد دمر الاحتلال الصهيوني واقتلع ٢ مليون شجرة زيتون فلسطينية، خاصة أثناء وعمليات بناء الجدار العازل، وتوسعة الطرق والمستوطنات والمعسكرات.
وتستهدف في الوقت نفسه نوعًا خاصًا من شجر الزيتون، يزيد عمره على عمر أقدم تاريخ مكتوب لليهود في فلسطين، وهو الزيتون الروماني، ومع ذلك يقوم المزارعين بزراعتها، حتى أصبحت تقاوم كما يقاوم أصحابها، لتظل معركة الاحتلال والزيتون معركة الصراع على الهوية.
الزيتون مصدر رزق
حسب تقرير أعدته وزارة الزراعة الفلسطينية؛ فإن الزيتون يشكل نحو 45% من مساحة الأراضي المزروعة بفلسطين، والمقدرة بـ2 مليار متر مربع، حيث يزرع 938 مليون منها بنحو 11 مليون شجرة زيتون، موزعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وتحتاج كل شجرة إلى 15 عامًا من الرعاية حتى تصبح منتجة، كما تبلغ قيمة إنتاجها ما بين 150 إلى 280 دولارًا.
وتمثل مبيعات الزيتون والزيت 14% من قيمة دخل القطاع الزراعي، و1% من الدخل القومي الفلسطيني، حيث تعتمد نحو 100 ألف أسرة فلسطينية، على عائدات موسم الزيتون، كمصدر دخل رئيسي أو ثانوي للدخل، حيث يوفر هذا القطاع فرص عمل لعدد كبير من العمال، يزيد على 15% من النساء العاملات.
حصاد الزيتون عرس يستحق الاحتفال
مع أول مرة تمطر فيها السماء في فصل الخريف يعتبر موعدًا لبدء موسم قطاف الزيتون، ومنها تبدأ الأجواء التي تحيي التراث، فيعتبروا موسم القطف مسرحًا للسمر والتسرية والأغاني كما جاء في الأغاني الشعبية الفلسطينية التي توثق بعض هذه العمليات، ومنها “يا زيتون الحواري” التي غنتها الفنانة المبدعة دلال أبو آمنة.
“يا زيتون الحواري صبح جدادك ساري، يا زيت اقلب ليمون اقلب مسخن في الطابون، بجدك بالجدادة وبدرسك في البدادة، والمليص زيته طيب أم القاطة بغلب،حجر ماكنتنا دار يا صبايا هاتن جرار”.
في فلسطين ليس البشر ولا الحجر وحدهما اللذان يقاومون، فالنباتات والأشجار هي أيضًا.