فرعون في مقتبل العمر.. رحلة في أسرار موت توت عنخ آمون الغامض
في أحد أركان وادي الملوك، يرقد جسد فرعون شاب رحل عن الدنيا قبل أن يُكمل عقده الثاني.
توت عنخ آمون، الملك الغامض الذي حكم مصر في لحظة مفصلية من تاريخها، مات فجأة وهو في التاسعة عشرة من عمره، بعد عشر سنوات فقط من اعتلائه العرش الذهبي.
لكن موته لم يكن مجرد نهاية لملك شاب، بل بداية لأكبر لغز أثري حيّر العالم لقرنٍ من الزمان.
كيف مات هذا الفرعون الصغير؟ هل أودت به لعنة الفراعنة؟ أم مرض غامض؟ أم أن هناك من أراد إسكات صوته للأبد؟
جثة مشوهة، جمجمة مكسورة، آثار حروق غامضة، ورسالة من عالم آخر كتبتها جدران القبر… من هنا تبدأ الرحلة: رحلة في كواليس التاريخ، بحثًا عن الحقيقة المدفونة بين الرمال، حيث تشتبك الوقائع بالأساطير، ويقف العلم في مواجهة الغموض الأبدي.

لا تفوّت قراءة: أسرار لم تُروَ من قبل: ماذا وجد مستر بيست داخل أهرامات الجيزة بعد 100 ساعة؟
“لا أحد يريدني… لا أحد يحبني في هذا القصر الملكي الكبير المخيف. الكل يكرهني. أبي هو الوحيد الذي يحبني، غير أنه مشغول عني أبداً بديانته الجديدة، وبربه الجديد آتون… وزوجة أبي المسيطرة نفرتيتي تكرهني بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ في أعماق قلبها”
المؤرخون عن كيف أن توت عنخ آمون عاش وحيدًا
دراسة جديدة تكشف عن سبب وفاة توت عنخ آمون: الملاريا
في دراسة حديثة لعام 2025، تمكن باحثو المركز القومي للبحوث من جامعة القاهرة من الكشف عن سبب وفاة توت عنخ آمون باستخدام تحليل حمضه النووي.
وأظهرت الدراسة أن الفرعون المصري توفي نتيجة نوبات متكررة من الملاريا التي أثرت على صحته.
كما كشف التحليل الجيني أن أجداد توت عنخ آمون، الفرعون أمنحتب الثالث وملكته تي، توفيا أيضًا بسبب الملاريا، مما يفتح الباب لفكرة الوباء.
ربما تكون الملاريا قد تسببت في القضاء على السلالة الملكية، مما يطرح تساؤلات جديدة حول الأمراض في العصور الفرعونية.
عالمة مصرية تكشف نظرية جديدة: توت عنخ آمون مات تحت تأثير الكحول!
في 2023، اقترحت العالمة صوفيا عزيز أن توت عنخ آمون توفي بحادث عربة بسبب القيادة تحت تأثير الكحول.
وقالت صوفيا عزيز إن الملك الشاب، مثل أي مراهق، كان يقود العربة وهو يشرب الكحول، ما أدى إلى الحادث الذي أنهى حياته.
وهذا الاقتراح فتح باب الجدل من جديد حول وفاة الفرعون، وهو ما دفع اللغز إلى الواجهة مرة أخرى، بحسب ما ورد في مجلة “BBC Science Focus Magazine”.
وفيما يخص التشوهات في مومياء توت، نفت صوفيا عزيز أن يكون الملك قد خضع لعلاج طبي من أمراض معينة قبل وفاته، وأكدت أن التشويه نتيجة الضمادات الضيقة والراتينغ أثناء التحنيط.
وفي مهرجان “شلتنهام العلمي”، قالت: “عند دراستي لتوت عنخ آمون، لم أجد دليلًا على أنه كان يعاني من إعاقات أو تشوهات خلقية في القدم، كما كان يُشاع عنه.”
لا تفوّت قراءة: أشهر خرافات الحضارة المصرية: الفراعنة بين الأكاذيب الشهيرة والحقائق المغلوطة
هل اغتيل توت عنخ آمون؟ دراسة تشير إلى القائد حور محب
لطالما كان موت توت عنخ آمون محاطًا بالغموض، ومع مرور الزمن، ظهرت فرضيات جديدة حول اغتياله.
دراسة حديثة أشارت إلى أن القائد العسكري حور محب قد يكون هو من اغتال الملك توت أثناء نومه، مستفيدًا من اختفاء العائلة الآتونية.
الدكتور أحمد صالح، الخبير الأثري المصري، طرح هذه الفرضية في دراسته، حيث أكد أن حور محب هو الوحيد الذي استفاد من القضاء على العائلة الملكية.
دليل هذه الفرضية جاء من أشعة سينية أُخذت في عام 1968 بواسطة البريطاني رونالد هاريسون، التي تُظهر ملامح قد تدعم النظرية.
بعد اختفاء الملك، بدأ حور محب في محو ديانة آتون وإرث أخناتون، مما يعزز فكرة اغتياله في إطار مؤامرة سياسية.
وجود بروز أعلى العنق في المنطقة الخلفية للرأس ووجود انخفاض دائري إلى جوار الأذن اليسرى عليه بقعة دم متجلطة، مما يعني أن الملك الصغير تعرض للاغتيال بالضرب بآلة حادة أو عصا أثناء نومه!
دراسة الخبير المصري الدكتور أحمد صالح
لا تفوّت قراءة: كيف روج كلب الأهرامات للسياحة والحضارة المصرية؟
هل خانت عنخ إسن آمون؟ خيوط المؤامرة بعد موت توت عنخ آمون
من بين الفرضيات المثيرة حول وفاة الفرعون الذهبي، ظهرت شكوك بشأن دور زوجته عنخ إسن آمون.
عنخ إسن آمون، شقيقته من الأب أخناتون، ووالدتها الملكة نفرتيتي، تزوجته وفقًا لتقاليد العائلة الملكية آنذاك.
وبدأ الجدل بعد زواجها السريع من وزيره الأول آي، فور وفاة الملك، وهو ما أثار الشكوك حول تورطها في المؤامرة.
اللافت للانتباه، العثور على ختم فرعوني يحمل اسمها إلى جانب اسم الوزير آي، ما يدعم فرضية العلاقة السرية.
وتعززت الشكوك بوجود رسالة تكشف نيتها الزواج من ابن الملك آي بعد وفاة توت عنخ آمون، مما يلمّح إلى خيانة كبرى داخل القصر.
لا تفوّت قراءة: ما لا تعرفه عن الفراعنة: 10 حقائق مذهلة من مصر القديمة قد تسمعها لأول مرة
حادثة العربة: هل كانت سبب وفاة توت عنخ آمون؟
في عام 2005، أعلنت الجمعية الجغرافية الأميركية أن توت عنخ آمون توفي نتيجة حادث عربة قاتل.
وبحسب التقرير، تسبب الحادث في كسر مضاعف بالركبة، تلاه تسمم في الجرح، ما أدى إلى وفاته المفاجئة.
لكن بعض الباحثين، رفضوا هذا التفسير مؤكدين أن الملك كان يعاني من تقوس في العمود الفقري، مما يضعف احتمالية ركوبه لعربة.
كما أشاروا، إلى أن الكسر الذي ظهر في الفحص ربما حدث بعد الوفاة، خلال عملية التحنيط أو نتيجة تلف لاحق في المومياء.
وبالتالي، تبقى فرضية الحادث مجرد احتمال بين عدة تفسيرات لموت الفرعون الغامض.
زاهي حواس يتحدث: هل نقترب من حل لغز موت توت عنخ آمون؟
في تصريحات حديثة، نفى الدكتور زاهي حواس، عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق، روايات كثيرة عن اغتيال توت عنخ آمون.
وأكد حواس أنه لا توجد أي أدلة على تعرّض الملك الشاب للقتل، مشيرًا إلى أن الفتحة في جمجمته ليست نتيجة ضربة، بل بسبب التحنيط.
وأشار أيضًا إلى وجود كسر فعلي في ساق توت عنخ آمون، ربما وقع قبل يومين من وفاته، لكنه لم يوضح كيف تم تحديد التوقيت بدقة.
وبحسب حواس، قد تكون الأمراض الجينية والوراثية، مثل مشاكل القلب والخلل الوراثي، سببًا رئيسيًا وراء الوفاة.
في آخر تصريح له، قال: “توت عنخ آمون كان يعاني من فلات فوت، والملاريا، ونحقق في احتمال تسمم في ساقه أو وفاته بحادثة.”
كل ذلك يطرح سؤالًا جوهريًا: هل سيبقى سيناريو موت الفرعون الذهبي غامضًا، أم أننا على مشارف كشف رواية نهائية حاسمة؟