عن “سفاح الجيزة”: هل الإبداع حق مكتسب للمؤلف في أعمال السيرة الذاتية؟
سفاح الجيزة مسلسل لفت الأنظار بعد عرض أول حلقتين منه، بسبب قصته ورتم الأحداث السريعة والأداء التمثيلي وجميع عناصر العمل الفني، والنقطة الأقوى هو إنه مأخوذ عن قصة حقيقية لسفاح الجيزة قذافي فراج، المسلسل مع لفته الأنظار أصبح محل جدل أيضًا..
الجدل بدأ بعد ما أعلن الكاتب محمد صلاح العزب عن اعتراض شقيقة سفاح الجيزة على أحداث أول حلقتين من المسلسل بعد عرضهما، وحسب تصريحاتها قالت “كل اللي هقدر أقوله لا إلا الله سيدنا محمد رسول الله، المسلسل جيرانا حكولي عنه شفت جزء منه بس اللي حصل في أول حلقات المسلسل محصلش في الحقيقة، أخويا مجرم وقتل ٤ أشخاص بس، لكن معاشرش مرات صاحب المصنع زي في المسلسل ولا قتل عمته في مصحة زي اللي اتعرض”.
“عمته ست كبيرة عايشة في الصعيد وكنا بنزورها وعلاقتنا بيها كويسة وأمي هي أم قذافي كانت ست ملهاش أي حاجة، كفايه اللي حصلها لما عرفت إن ابنها خلاص اتقيد عليه حكم الإعدام لكن معظم اللي اتعرض في حلقات مسلسل محصلش”.
تغيير الأحداث: ضرورة فنية أم تشوية للقصة الحقيقية؟
حسب تصريحاتها أن الأحداث تخالف الواقع، ولا تحترم سيرة القاتل الذاتية، ومن هنا بدأ الجدل الفني.. هل من المفترض عند تحويل قصة حقيقية لعمل فني أن نعدل فيها طبقًا لاعتبارات الدراما والحبكة ومتطلبات العمل؟ أم التعديل عليها يعتبر تشويه للسيرة؟
البعض رأى أن الإبداع في رواية السيرة الذاتية يقوم على المزج بين الذاكرة الفردية من الواقع وبين عنصر الخيال، ومن الممكن أن يجمع بينهم ولكن بشرط أن لا يخل بدعامة الصدق، وألا يخلق أحداث خيالية لم تحدث من قبل، وعلى النقيض، فئة ترى أن العمل نفسه ليس هدفه هو نشر سيرته الذاتية من باب السيرة الذاتية، ولا يهدف لإدانة ولا تبرئة القاتل ولا نحن نقدم بطل قومي ونعرض سلسلة أحداث حياته، هو فقط عمل مستوحى من أحداث حقيقية وبالتالي هناك مساحة للخيال.
ولتأكيد المعلومة أو نفيها تحدثنا مع الناقدة الفنية ماجدة خير الله لتوضح لنا ما حدود الابداع الفني، ووضحت: “احنا لم نقم بتشويه السيرة الذاتية لعالم ذرة، لما بيتعمل عمل فني المؤلفين ليهم حرية الابداع، هما هنا مش بيعملوا حياة السفاح هو بشخصه هما واخدين نبذة عن الحدوتة، المسألة هي استلهام فقط أن هناك قاتل متسلسل عليه كم من القضايا ومحكوم عليه بالاعدام، إنما احنا مش بنتكلم عن حياته، لإنهم كمان لم يصرحوا باسمه، اسم البطل مختلف “.
“حتى مسلسل ريا وسكينة اللي كل الناس بتتكلم عنه النهارده واللي هو فعلًا متاخد من ملفات القضية، كان فيه نسبة من الابتكار والتأليف، ده حق مكتسب وحقيقي لكل من كاتب السيناريو والمخرج، هو ده العمل الفني وغير مجبر بالالتزام حتى لو لسه الشخص صاحب القصة موجود، إنما لو هنلتزم فعلًا بكل معلومة يبقى نعمل فيلم تسجيلي ووثائقي عن شخص بعينه”.
وطرحنا سؤال آخر، هل نفس الشيء ينطبق على الرواية عند تحويلها لعمل فني؟ ووضحت: “الرواية لازم لها الخطوط الأساسية لإنها عمل إبداعي حق المبدع صاحب الرواية، ماتقدرش تتجاهله، لكن كاتب السيناريو له مساحة من الحق في الابتكار وكذلك المخرج بحيث إننا مانشوهش الفكرة اللي عايز يقولها كاتب الرواية”.
وفي سياق الآخر كان أعلن كاتب المسلسل محمد صلاح العزب أن تفاصيل المسلسل مقتبسة عن وقائع حقيقية وموثقة من المحاضر الرسمية والتحقيقات، ولكن الهدف منه ليس عرض السيرة الذاتية لسفاح الجيزة وإنما إعادة الاعتبار لضحاياه.. في النهاية الجدل الفني لا ينتهي ويظل العمل الفني هو العمل الفني، له مساحته التي يبدع فيها.