زيارتنا لسجن القلعة: واحد من أهم السجون التاريخية في مصر
في قلعة صلاح الدين الأيوبي، وبالتحديد في متحف الشرطة، ومع أول ممر هيقابلك هتلاقي لوحة مكتوب عليها “متحف سجن القلعة”.. شواية المعتقلين والمفكرين السياسيين المصريين، اتحول لمزار سياحي شاهد على أهم الأحداث التاريخية وعاش بين قضبانه أشهر الشخصيات المصرية.
قبل ما تدخل السجن وتشوف الزنازين، هتلاقي ممر فيه لوحات هي جزء من متحف الشرطة، بتوصف لك تطور عربيات الإطفاء وحريق دار الأوبرا الخديوية، ومعرض صور لمدفع رمضان حول العالم، واللي بتأكد إن فكرة المدفع نفسها بدأت في مدينة القاهرة وإنها أول مدينة في العالم ينطلق منها المدفع.
وبعدها بتلاقي بوابة الدخول للسجن، هو متقسم لأكتر من زنزانة على الجانبين في ممر ضيق، وهتلاقي في كل زنزانة فتحة صغيرة بتخليك تشوفها من جوا وتشوف المسجون وضعه إيه، وأنا ببص من الفتحة دي للوهلة الأولى حسيت إني دخلت عالم تاني أول مرة أقرب منه، بتحس بقبضة رهيبة لما تتخيل ازاي شخص ممكن يعيش في المكان الصغير المقفول من كل حتة ومافيهوش أي مدخل للشمس ولا للهوا إلا فتحة صغيرة، ياكل ويشرب وينام في نفس المكان.
الشيء التاني، إنك لما تبص من الفتحات الصغيرة هتلاقي شبه تجسيد لوضع المعتقلين في وقتها من خلال تماثيل لابسة نفس لبسهم ومقيدين بحديد، مع مشاهد تمثيلية لغرف التعذيب في كل زنزانة وهتشوف الجلاد والمشنقة.
المرشد السياحي اللي كان بيشرح، بيقول إن كان في غرف للتعذيب وأشهرها غرفة الفرن أو الشواية، واتسمت كده علشان كانت متصممة بنظام غازي يخلي كل جدرانها تتعرض لسخونة شديدة كوسيلة من وسائل الاعتراف، كانوا بيدخلوا فيها 5 مساجين مع بعض، وفي كمان غرفة التعليق اللي تم تعذيب السادات فيها قبل ثورة 1952.
وعن تاريخ السجن فكان في البداية مستقر الناجين من مذبحة المماليك لإنه كان على بعد أمتار من القلعة، وبعد رحيل محمد علي اتحول السجن بأوامر من الخديوي إسماعيل للأجانب، وبعد كده اتحول لاستقبال المساجيين المصريين بعد زيادة قدرته الاستيعابية وعدد الزنازين بأوامر الخديوي توفيق بن إسماعيل، وتمر الأيام والسنين، لحد ما قرروا إنه يتقفل ويتحول لمتحف للزيارة في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك.
من الشخصيات المشهورة اللي دخلت السجن وعاشت بين قضبانه كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات على خلفية اتهامه بمقتل أمين عثمان، والشيخ كشك وعبد الرحمن الأبنودي وابن تيمية والأديب جمال الغيطاني وأحمد فؤاد نجم.
من الحاجات اللي لفتت نظري خلال الزيارة إن في أفواج سياحية من مختلف الجنسيات؛ الياباني والإسباني والباكستاني كانوا موجودين هناك، وأفواج مدارس أجنبية بس طلابها مصريين، واللي استغربته هي مشرفة الرحلة اللي كانت طول الوقت بتتكلم معاهم بالإنجليزي، فالموضوع لفت نظري، وسألتها “احنا في مكان تاريخي عن مصر والطلبة بيفهموا عربي وبيتكلموا عربي، ليه أشرح لهم تاريخ البلد بلغة تانية؟” الحقيقة لما سألتها ماكانش عندها رد أو بمعنى أصح تجاهلتني ومشيت.
السجن بعد ما بتطلع منه بتلاقي مكان عالي تتنفس منه هوا الحرية وتشوف منطقة الدرب الأحمر واللي اتسمت بالاسم ده بعد مذبحة القلعة وبعد ما المنطقة كلها اتغرقت بالدم وأخدت وقت علشان تختفي آثاره، وشوفت سطح من السطوح عليه غية حمام وولد واقف بيغازل الحمام بلغتهم ويصفر لهم والحمام طاير ورايح وجاي .. مفارقة غريبة لما شوفت الحمام وهو طاير وحر ومبسوط بعد زيارة سجن القلعة، وبعد ما تخيلت إني سمعت صوت آلامهم وغناهم ساعات علشان يهونوا أيام السجن الطويلة.