روايات تحكي عن القضية وتناقش تاريخ فلسطين
شهر ديسمبر مرتبط في ذاكرة فلسطين والشعب الفلسطيني بسلسلة من الأحداث التي وثقتها في سجلات، منها ما هو مرتبط بانتهاكات وضياع حقوق، ومنها وثق معاناة وتاريخ الأرض، فسنجد في ديسمبر 1917، هذا التاريخ سجل دخول قائد القوات البريطانية الجنرال (إدمود) واحتلال مدينة القدس، وفي أول شهر ديسمبر أعلن (بن غوريون) أول رئيس وزراء إسرائيلي في 1949، بأن القدس ستكون عاصمة إسرائيل، والشهر نفسه وثق الانتفاضة الفلسطينية في 8 ديسمبر 1987، التي بدأت في قطاع غزة وانتقلت لكل المدن وقرى فلسطين ومخيماتها، وبتاريخ 6 ديسمبر 2017، أعلن الرئيس (ترامب) اعتراف الولايات المتحدة بأن القدس عاصمة إسرائيل.
أحداث كثيرة وقعت في شهر ديسمبر تهم الشعب الفلسطيني والعربي في المقام الأول، ووجدنا أن مع سلسة الأحداث التي وثق تاريخ أو معاناة ما، أن نتحدث عن فلسطين وعن روايات وثقت وسردت تاريخ الدولة في الماضي والحاضر، واستعرضت واقع عاشه الفلسطينيين وكيف تعاملوا معه، بأقلام روائيين عاشوا التجربة أو سُردت لهم من قلب الحدث.
الطنطورية – رضوى عاشور
الطنطورية رواية للكاتبة رضوى عاشور صدرت في 2010، وكانت نسبة لقرية “الطنطورة” الواقعة على الساحل الفلسطيني جنوب حيفا والتي تعرضت سنة 1948 لمذبحة على يد جماعات صهيونية، الرواية تم سردها على لسان فتاة تُدعى رقية، والتي ولدت في أسرة من قرية الطنطورة، وخلال الرواية سنجد حياة رقية من طفلة لأم لجدة خلال خط أحداث رئيسية يدور من سنة 1947 لسنة 2000، وتحكي من خلالها وتوثق أحداث أولها مذبحة الطنطورة كبداية للنكبة الفلسطينية وتجربة اللجوء للبنان في وقت الحرب الأهلية وأحداث (صبرا وشاتيلا) في 1982، وحياة الفنان (ناجي العلي) إلى مقتله، وأشارت كذلك إلى نكسة 1967 وكيف كان وقعها على الشعب الفلسطيني.
الرواية لم ترصد فقط الأحداث التاريخية، إنما استعرضت أيضا جانب يخص العيلة العربية، بأفراحها وأحزانها ومشاحناتها والأمل ودفء العيلة وعلاقة الأخوة مع بعض، وقيل وقتها إن قرية الطنطورة اختارتها رضوى عاشور حتى تذكرنا بأن فلسطين ليست أرض التقسيم، ولكن فلسطين من النهر إلى البحر أرض عربية.
باب الشمس – إلياس خوري
الوطن ليس البرتقال ولا الزيتون, ولا جامع الجزار في عكّا. الوطن هو أن تسقط في الهاوية, تشعر أنك جزء من كل, وتموت لأنه مات. ففي تلك القرى المنحدرة إلى البحر، من شمالي الجليل إلى غربه، لم يتصوّر أحد معنى سقوط كل شيء. كانت القرى تتساقط، وكنا نركض من قرية إلى قرية كأننا في البحر. نقفز من زورق الى زورق، والزوارق تغرق ونحن نغرق
باب الشمس – إلياس خوري
رواية ملحمية وثقت معاناة الشعب الفلسطيني للكاتب إلياس خورى، صدرت في 2005، وتروي أكثر من 35 حكاية فلسطينية قصيرة استلهمها إلياس خوري من عشرات الرجال والنساء في مخيمات برج البراجنة وشاتيلا ومار إلياس وعين الحلوة، وفتحوا له أبواب حكاياتهم، وتروي أيضا حكايات عن المتسللين الفلسطينيين اللذين كانوا بحاولون الرجوع لفلسطين بعد نكبة 1948، وبالتحديد في بدايات الخمسينيات حينما انتشرت ظاهرة العائدين خفية لوطنهم بعد الطرد الأول وبعد أيام المنفى الأولى، وكانوا وقتها يتسللوا عبر الحدود والأسلاك الشائكة وخطر الموت حتى يعودوا للقرى المهدمة وبيوتهم التي سكنها غيرهم من اليهود والعرب، وبعد ما يصلوا، إما أن يطردوا مرة ثانية أو يموتون على الحدود.
تعتبر رواية باب الشمس من الروايات التي تحولت لواقع ملموس، بعدما استلهم عدد من الفلسطينيين في 2013 أحداث الرواية وجسدوها على أرض الواقع، وأعلنوا رفضهم لسياسة تهجير الأبناء الأصليين لفلسطين المحتلة واستبدالهم بمستوطنين يهود.
رأيت رام الله – مريد البرغوثي
من أشهر 10 كتب فلسطينية تناقش قضية فلسطين وتاريخيها، حصلت على جائزة نجيب محفوظ الإبداعية في 1997وتم ترجمتها للغة الإنجليزية، يحكى فيها مريد سيرته الذاتية في شكل رواية، ورحلة رجوعه لوطنه فلسطين بعد غياب 30 سنة، ويرصد فيها معنى الغربة والوحشة، والتفاصيل الصغيرة في حياته اليومية وحياة الفلسطينيين، وقت رجوعه كأنك تشاهد فيلما وثائقيا عن رام الله من اللهجة الفلسطينية وأزمة الحدود ونقاط التفتيش والوقوف بالساعات لانتظار المواقفة للعبور وأشجار الزيتون، وستجعلك تعيش كل يوم في حال، يوم شهيد ويوم أسير ويوم نازح.
من الاقتباسات التي يتناقلها الأجيال من الكتاب: “من السهل طمس الحقيقة بحيلة لغوية بسيطة: إبدأ حكايتك من (ثانيًا)! نعم، هذا ما فعله رابين بكل بساطة، لقد أهمل الحديث عما جرى (أولًا).
ويكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيًا) حتى ينقلب العالم، يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيًا) حتى تصبح سهام الهنود الحمر هى المجرمة الأصيلة، وبنادق البيض هى الضحية الكاملة! يفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيًا) حتى يصبح غضب السود على الرجل الأبيض هو الفعل الوحشي! يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيًا) حتى يصبح غاندي هو المسؤول عن مآسي البريطانيين! يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيًا) حتى تصبح ستي أم عطا هى المجرمة وأرئيل شارون هو ضحيتها!”.
بينما ينام العالم – سوزان أبو الهوى
للروائية الفلسطينية الأمريكية سوزان أبو الهوى، كتبتها سوزان باللغة الانجليزية في البداية عن وطنها الأم فلسطين بعد زيارتها لمخيمات اللاجئيين في 2002 كمراقب دولي، وشافت إنها من واجبها أن تحكي للعالم ما شاهدته لكن بشكل روائي، والرواية كانت من أعلى المبيعات سنة الإصدار 2010، وبعدها ترجمت تحت عنوان (بينما ينام العالم)، وتحكي عن تاريخ فلسطين منذ وقت الغعلان عن قيام دولة إسرائيل، من خلال أربع أجيال من عائلة أبو الهجي اللذين يعيشوا في قرية فلسطينية هادئة.
وترصد الرواية كيف تحولت حياتهم وما تعرضوا له بعدما اترحلوا لمخيم اللاجئين في جنين، وكل هذا من خلال عيون أمل الحفيدة الكبيرة للعيلة، وسنعرف ماذا حدث مع أخيها الأول الذي ضحى بكل ما يملكه في سبيل القضية، والآخر اللذي خُطف من عائلته وأصبح جندي في الجيش الإسرائيلي، وماذا سيحدث معها وكيف ستشارك هذا التاريخ مع بنتها.
أعراس آمنة
“الذي يجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم، نزغرد حتى لا نجعله يشعر لحظة أنه هزمنا وإن عشنا سأذكرك أننا سنبكي كثيرًا بعد أن نتحرر” إبراهيم نصر الله.
رواية أعراس آمنة صدرت في 2004، وهي من أخر ما كتبه إبراهيم نصر الله في سلسلته (الملهاة الفلسطينية) التي تتضمن 8 روايات عن تاريخ فلسطين بين الماضي والحاضر، وأعراس آمنة، بالتحديد تناقش الوضع الفلسطيني، ليس من منطوره السياسي ولكن الاجتماعي، ويركز على جانب مختلف من القضية الفلسطينية، ويوثق القضية إنسانيًا من خلال سرده لمحات شديدة الخصوصية من ماضي فلسطين وحاضرها في فترة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وكيف يواجه الشعب الدمار والموت الذي يتعرض له بالفرح والزغاريد والابتسامات، وكل هذامن خلال حكايات آمنة وعائلتها التي كانت تنتظر فرح ابنها وكانت تجهز له وسط المدافع والقصف، وكأن الكاتب يرسم صورة شاعرية عن مدينة غزة وقدرة الشعب الفلسطيني على تحمله للمآسي.