في مشهد قصير لكنه عميق، قلب مسلسل “كتالوج” الموازين وطرح سؤالًا لا يُطرَح كثيرًا: هل يعرف الآباء فعلًا كيف يدعمون بناتهم عند أول دورة شهرية؟
المشهد الذي جمع بين الأب (محمد فراج) وابنته بعد وفاة الأم لم يكن عاديًا. ارتباك، صمت، مشاعر متداخلة، وأدوار مقلوبة؛ إذ بدت الابنة أكثر تماسكًا بينما الأب غارق في حيرته.
ذلك المشهد لم يكن مجرد لحظة درامية، بل دعوة لإعادة النظر في مفهوم الأبوة، خاصة في لحظات البلوغ الحساسة التي تمر بها الفتيات. كيف يمكن للأب أن يكون سندًا حقيقيًا؟ كيف يتعامل مع لحظة قد تكون محرجة للطرفين لكنها مفصلية في بناء الثقة والأمان؟
نسلّط الضوء على هذه المرحلة الدقيقة، ونقدّم نصائح عملية لكل أب، ليكون حاضنًا وداعمًا لابنته، حين تبدأ رحلتها مع أنوثتها.

للرجال بعد الأربعين: 10 عادات لصحة أقوى وحياة أطول وتدعمها الأبحاث العلمية
كيف تدعم ابنتك الصغيرة في فهم الدورة الشهرية؟
لا ينبغي أن تُعدّ الدورة الشهرية من المحظورات بين الآباء وبناتهم. فالإحراج لا يظهر إلا حين تُعامل كأمر محرج.
حين يكتسب الأب فهمًا أساسيًا لبيولوجيا الحيض، يصبح أكثر راحة عند الحديث عنه. وكلما زادت معرفته، سهل عليه دعم ابنته بثقة.
الفهم العميق للدورة الشهرية يساهم في إزالة الوصمة المرتبطة بها. التعامل الطبيعي معها يعكس وعيًا صحيًا وأسريًا.
رغم صعوبة الحديث أحيانًا، خاصة في مجتمعات لا تشجع الرجال على مناقشة قضايا الفتيات، فإن أدوار الآباء أصبحت أكثر قربًا.

اليوم، يشارك العديد من الآباء في تربية بناتهم، سواء كانوا وحدهم أو بجانب الأمهات، ما يستدعي وعيًا شاملًا بكل تفاصيل النضج.
للبدء بطريقة مريحة، يمكن استخدام أدوات مساعدة مثل الكتب أو البرامج التثقيفية الموجهة للفتيات. ومن الأفضل أن يطّلع الأب على هذه المواد قبل تقديمها لابنته، ليتمكن من الإجابة عن أسئلتها بثقة ووضوح.
ما هي الدورة الشهرية؟
الدورة الشهرية، أو ما يُعرف بالحيض، هي عملية فسيولوجية يتخلص فيها الجسم من بطانة الرحم عبر نزيف مهبلي طبيعي.
يحدث هذا النزيف مرة كل شهر تقريبًا، ويستمر عادة من ثلاثة إلى سبعة أيام، ويُعد جزءًا طبيعيًا من نمو الفتاة.
تبدأ الدورة الشهرية الأولى غالبًا بين سن التاسعة والخامسة عشرة، ويختلف التوقيت من فتاة لأخرى حسب طبيعة الجسم.
في السنة الأولى، قد تكون الدورة غير منتظمة، وهذا أمر طبيعي ولا يدعو للقلق في أغلب الحالات.
مع مرور الوقت، تصبح الدورة أكثر انتظامًا، مما يساعد الفتاة على فهم جسدها والتأقلم مع التغيرات التي تمر بها.
ما الأعراض الشائعة المصاحبة للدورة الشهرية؟
فهم الأعراض المرتبطة بالدورة الشهرية يمكِّن الأب من طمأنة ابنته، ويُسهم في تخفيف قلقها تجاه هذه التغيرات الجسدية والنفسية الطبيعية.
النزيف الشهري
يظهر النزيف خلال أيام الحيض، وهو ليس علامة مرض أو إصابة. بل هو إشارة صحية على أن الجسم يعمل بشكل طبيعي.
التقلصات وآلام البطن
قد تعاني بعض الفتيات من تقلصات خفيفة أو متوسطة في أسفل البطن، وغالبًا ما تمتد الآلام إلى أسفل الظهر أيضًا.
كيف تُخفف التقلصات؟
يمكن استخدام كمادات حرارية لتقليل الألم، أو تناول مسكنات آمنة بعد استشارة الطبيب. الدعم العاطفي يُحدث فرقًا أيضًا.
تقلبات المزاج
خلال هذه الفترة، قد تشعر الفتاة بتغيرات مزاجية مفاجئة بسبب تقلب الهرمونات. ذكرها بأن هذه المشاعر طبيعية ومؤقتة.
لا تفوّت قراءة: أقوى حفلات الساحل الشمالي من 23 حتى 31 يوليو 2025: من سيحيي السهرات الأضخم؟
الاستعداد للدورة الشهرية الأولى: كيف تدعم ابنتك؟

من المهم بدء محادثات مبكرة مع ابنتك حول الدورة الشهرية، حتى قبل حدوثها، لمساعدتها على فهم التغيرات التي ستواجهها بثقة واطمئنان.
تحدث معها دون ضغط
اختر محادثات قصيرة ومتكررة بدلًا من جلسة طويلة واحدة. الأسلوب الهادئ والمفتوح يجعل الحديث مريحًا ويكسر الحواجز.
كن جاهزًا مسبقًا
احتفظ ببعض منتجات الدورة الشهرية في المنزل مثل الفوط الصحية، لتكون متاحة فور بدء الدورة الأولى دون توتر أو ارتباك.
راعِ مشاعرها دائمًا
قد تكون التجربة الأولى مربكة، فاحرص على الاستماع بتعاطف. تجنّب التقليل من مشاعرها بعبارات مثل: “هذا أمر طبيعي” أو “كل الفتيات مررن بذلك”.
كن داعمًا لا موجهًا
الدعم العاطفي أهم من التوجيه. اسمح لها بالتعبير عن قلقها، وطمئنها بأنها ليست وحدها، وأنك حاضر دائمًا لتفهمها وتساندها.
الخصوصية: بداية الاعتراف بجسدها وحدوده

منح الفتاة الخصوصية في هذه المرحلة لا يتعلق فقط بالمساحة الجسدية، بل هو خطوة مهمة نحو تعزيز ثقتها بجسدها وحدودها الشخصية.
الاحترام يعزز الثقة
عندما يحترم الأب رغبة ابنته في الخصوصية، فإنه يرسل رسالة ضمنية تؤكد أنها صاحبة القرار فيما يتعلق بجسدها ومحيطها الشخصي.
خطوات بسيطة تحدث فرقًا
ابدأ بالتعرف إلى ما يُشعر ابنتك بالراحة، وما لا يناسبها، واسمح لها بالتعبير عن ذلك بحرية دون خجل.
استأذن قبل الدخول
طرق الباب والتريث قبل دخول غرفتها من التصرفات الصغيرة التي تُشعرها بالاحترام، وتُرسخ مفهوم المساحة الشخصية.
كلمات تصنع الأمان
استخدم عبارات مثل: “إذا احتجتِ إلى وقت خاص بعيدًا عن إخوتك، أنا موجود لدعمك” لتشعر بالأمان والدعم العاطفي.
لا تفوّت قراءة: أفضل 5 وضعيات يوجا لحرق الدهون بسرعة في 10 دقائق فقط
جهّز حقيبة طوارئ للدورة الشهرية
قد تشعر الفتاة بالقلق إذا بدأت دورتها الشهرية خارج المنزل، خاصة في المدرسة أو أثناء زيارة لصديقتها.
الاستعداد يقلل التوتر
لتجنب الإحراج، فكّر في تجهيز “حقيبة طوارئ” صغيرة يمكنها حملها دائمًا داخل حقيبتها المدرسية أو الشخصية.
ماذا تضع داخل الحقيبة؟
ضَع فيها فوطًا صحية، وقطعة ملابس داخلية إضافية، مع كيس بلاستيكي لحفظ الأغراض المستخدمة بطريقة نظيفة وآمنة.
بسيطة ولكن ضرورية
هذه الحقيبة الصغيرة تمنح ابنتك شعورًا بالسيطرة والجاهزية، وتخفف من القلق في حال حدوث الدورة بشكل مفاجئ.
لا تفوّت قراءة: تجربة الـ”Food Trucks”.. عربات طعام لا تفوتك هذا العام في الساحل الشمالي!
تحدث مع أبنائك الذكور عن الدورة الشهرية
لا يقتصر التثقيف حول الدورة الشهرية على الفتيات فقط، بل من الضروري أيضًا توعية الأبناء الذكور بها بطريقة طبيعية ومحترمة.
واشرح لأبنائك الذكور أن الدورة الشهرية ليست شيئًا غريبًا أو محرجًا، بل هي جزء طبيعي من نمو الفتاة وصحتها الجسدية.
وإذا كانت لديهم أخت تمرّ بهذه المرحلة، ساعدهم على فهم ما تمر به، وشجعهم على التعامل بلطف واحترام.
نبّههم إلى أن التنمّر أو السخرية أمر غير مقبول. قليل من التعاطف يمكن أن يجعل التجربة أسهل على أخته ويعزز الترابط الأسري.
امنح ابنتك القوة: شجعها على رحلتها الجديدة
أفضل طريقة لدعم ابنتك خلال دورتها الشهرية الأولى هي أن تتعامل مع الحدث بإيجابية وطمأنينة، لا بالخوف أو التحذير.
كلماتك تصنع فرقًا
بدلًا من قول: “هذا شيء ستتعبين منه كل شهر”، أخبرها أن الدورة علامة على نضجها وصحة جسدها، وأن عليها أن تفخر بنفسها.
احتفل بهذه المرحلة
قدّم لها هدية بسيطة مثل قطعة شوكولاتة مفضلة أو باقة ورد. هذا التصرف الرمزي يعزز شعورها بأن ما تمرّ به طبيعي وجميل.
شجّعها على حب جسدها
ذكّرها بأن التغيرات الجسدية دليل على النضج، وعلّمها كيف تحب جسدها وتثق به في كل مرحلة من مراحل نموّها.
كن حاضرًا بمشاعرك
استمع إليها دون إصدار أحكام، وشاركها وسائل فعّالة لتخفيف الألم أو التوتر، مثل التدوين، أو الاسترخاء، أو الحصول على قسط من الراحة.
اصنع لحظات مميزة: نزهة أو مشاركة في الطبخ!
الاحتفال بالدورة الشهرية لا يجب أن يكون رسميًا أو ضخمًا، بل يمكن أن يكون لحظة دافئة تعزز ثقة الفتاة بنفسها وبجسدها.
في بعض الأسر، يُحتفى بالدورة الشهرية الأولى بطريقة بسيطة، مثل تناول الآيس كريم أو الحديث مع الجدة عن تجربتها الأولى.
خصص وقتًا للخروج مع ابنتك، أو شاركها في إعداد وجبة تحبها. هذه اللحظات تعزز القرب العاطفي بين الأب وابنته.
مرحلة البلوغ تمر بمحطات متعددة. يمكن للآباء خلق عادات جديدة مثل المشي معًا يوميًا أو تنظيم أمسيات خاصة قرب بداية المراهقة.
الطريقة التي تختارها لا تهم بقدر ما تهم نيتك في دعمها. الهدف هو بناء علاقة قائمة على الثقة، التفاهم، والاحترام المتبادل.
متى تحتاج ابنتك إلى استشارة طبية؟

رغم أن الألم الخفيف والتقلبات المزاجية أمر طبيعي خلال الدورة الشهرية، إلا أن بعض الحالات تستدعي التوجه للطبيب فورًا.
راقب شدة الأعراض
إذا كان الألم شديدًا أو يمنعها من الذهاب إلى المدرسة أو ممارسة أنشطتها اليومية، فقد يكون الأمر غير طبيعي ويحتاج إلى تقييم طبي.
أسباب تستدعي القلق
بعض الحالات مثل متلازمة تكيس المبايض أو بطانة الرحم المهاجرة قد تظهر خلال سنوات المراهقة وتتطلب متابعة مبكرة.
دور الطبيب في التوجيه
يمكن للطبيب تحديد السبب الدقيق، وشرح الحالة بطريقة مبسطة، ووصف العلاج المناسب الذي يحافظ على توازن الهرمونات وصحة الجسم.
الوقاية تبدأ بالوعي
الاستشارة الطبية لا تعني وجود مشكلة كبيرة، بل هي خطوة وقائية تساعد ابنتك على فهم جسدها، وعيش هذه المرحلة بثقة واطمئنان.