بعد تصريح ترامب “لولا أمريكا لما وجدت” قناة السويس.. ماذا يحكي التاريخ عن أطول ممر مائي في العالم؟

“لولا الولايات المتحدة ما كانت القناتان موجودتين”… هذا ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريح أثار جدلاً واسعًا حول قناة السويس وقناة بنما.

وفي منشور عبر منصته “تروث سوشيال”، طالب ترامب بمرور السفن الأمريكية العسكرية والتجارية عبر القناتين دون دفع أي رسوم، موجهًا وزير الخارجية ماركو روبيو للتعامل مع الأمر فورًا.

لكن أكثر ما أثار التساؤلات هو حديثه عن دور أمريكا في وجود هاتين القناتين، خاصة قناة السويس التي تعد من أبرز الإنجازات الهندسية في العالم.

فكيف لبلد بعيد جغرافيا أن يدعي الفضل في وجود ممر مائي يربط بين البحرين الأبيض والمتوسط، وتعد بوابة التجارة العالمية! لذلك نرصد لكم تاريخ قناة السويس أحد أهم الشرايين المائية في العالم

لا تفوّت قراءة: من ارتفاع البنزين إلى خفض الشهادات.. أبرز 12 قرارًا شغلت الرأي العام في مصر في أبريل 2025

ردود فعل قوية على تصريحات ترامب حول قناة السويس: الإعلاميون يعبرون عن استيائهم

تفاعلت الأوساط الإعلامية سريعا مع تصريحات ترامب عن قناة السويس، حيث عبر الإعلاميون عن استيائهم.

الإعلامية لميس الحديدي هاجمت ترامب في تدوينة على موقع إكس، قائلةً: “افتتاح قناة السويس كان 1896، وأنتم كنتم ما زلتم في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية”.

وفي تويتة أخرى، أكدت الحديدي أن لا دور لأمريكا في حفر أو تشغيل قناة السويس، مشيرة إلى أن ترامب يخلط بين القناة السويسية وقناة بنما.

كلام سخيف وقلة ذوق، وقال إن الولايات المتحدة ساعدت في وجود القناتين، والحقيقة ترامب شطح كعادته، ويزور التاريخ، فأمريكا لم تساهم ولم تساعد في أي وقت بأي دور في قناة السويس منذ حفرها وافتتاحها قبل 160 عامًا.. ودفع رسوم عبور السفن منصوص عليه في القوانين المصرية والدولية والإتفاقيات المنظمة للعبور

الإعلامي أحمد موسى عن تصريحات ترامب عن قناة السويس

مصطفى بكري يرد على تصريحات ترامب: قناة السويس لم تكن بفضل أمريكا

عقّب النائب في البرلمان المصري، مصطفى بكري، على تصريح ترامب قائلاً: “كيف يقول ترامب إن قناة السويس كانت بفضل أمريكا؟”.

وأضاف النائب: “عندما حفر المصريون قناة السويس بين 1859 و1869، كانت أمريكا في مرحلة مبكرة جدًا. يبدو أنك بحاجة لقراءة التاريخ”.

لا تفوّت قراءة: مشروع ازدواج قناة السويس: كيف سيعود بالنفع على الاقتصاد المصري؟

قناة السويس: ماذا نعرف عن تاريخ أطول ممر مائي في العالم؟

معظم ردود الفعل على تصريحات ترامب جاءت تقول: “ابحث في التاريخ”، وهو ما دفعنا بدورنا للبحث والتعرف على ما قد نجهل عن هذه القناة التي قال عنها ترامب “لم تكن لولا أمريكا!”. فهل كانت أمريكا موجودة في تلك الفترة؟

منذ افتتاحها في 17 نوفمبر 1869، مرت قناة السويس بمراحل تاريخية متعددة، وشهدت تطورات وأحداثًا كبرى، أبرزها قرار التأميم الذي أعاد الحقوق لأصحابها.

وتعرضت القناة للإغلاق بعد حرب 1967، ولكن جرى إعادة افتتاحها في يونيو 1975، لتواصل بعدها دورها الحيوي في التجارة العالمية.

حتى اليوم، تواصل قناة السويس تحقيق أرقام تاريخية وأداء متميز، مما يعزز من مكانتها كأحد أهم الممرات المائية في العالم.

من صاحب بذرة الفكرة الأولى لقناة السويس؟

وفقًا للمصادر وكتب التاريخ، يُعد الفرعون سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشرة هو أول من فكر في ربط البحرين الأبيض والأحمر عبر طريق غير مباشر عن طريق النيل وفروعه.

وكانت فكرة سنوسرت تهدف إلى توطيد التجارة وتيسير المواصلات بين الشرق والغرب، لتكون بذرة لمشروع عظيم تطور على مر العصور.

فرمان الامتياز الأول: بداية تاريخ قناة السويس

يبدأ التاريخ الفعلي لقناة السويس من فرمان الامتياز الأول وما تلاه من فرمانات. صدر هذا الفرمان في 30 نوفمبر 1854، ومنح الفرنسي فرديناند ديلسبس حق إنشاء شركة لشق قناة السويس.

ونص الفرمان على عدة بنود، منها أن ديلسبس يجب أن ينشئ ويشرف على شركة، وتعيين مدير لها من قبل الحكومة المصرية.

كما نص على أن مدة الامتياز هي 99 عامًا، تبدأ من تاريخ فتح القناة، وأن الحكومة المصرية تحصل على 15% من أرباح الشركة سنويًا.

وحددت المادة الخامسة أن رسم المرور في القناة يجرى الاتفاق عليه بين الخديوي والشركة، على أن يتساوى فيه جميع الدول دون تفرقة.

وعند انتهاء الامتياز، تحل الحكومة المصرية محل الشركة وتستولي على القناة وكل منشآتها.

وتبع هذا الفرمان مجموعة من فرمانات، وصولًا إلى بدء الحفر في 25 أبريل 1859 في مدينة “فرما” (الموقع الحالي لبورسعيد)، بمشاركة نحو 20 ألف عامل مصري.

تأسيس الشركة العالمية لقناة السويس البحرية.. رأس ماله قدره 200 مليون فرنك

تأسست الشركة العالمية لقناة السويس البحرية في 15 ديسمبر 1858 برأس مال قدره 200 مليون فرنك (حوالي 8 ملايين جنيه).

وجرى تقسيم رأس المال إلى 400,000 سهم، وخصصت الشركة لكل دولة عددًا معينًا من الأسهم، وكان نصيب مصر 92,136 سهمًا، بينما كانت حصص إنجلترا، والولايات المتحدة، والنمسا، وروسيا 85,506 أسهم.

ورفضت هذه الدول الاشتراك في الاكتتاب، مما اضطرت مصر إلى الاستدانة بمبلغ 28 مليون فرنك (حوالي 1,120,000 جنيه) بفائدة مرتفعة لشراء حصتها.

بإلحاح من ديلسبس ورغبة في إتمام المشروع، أصبح مجموع الأسهم التي تملكها مصر 177,642 سهمًا، ما يعادل 89 مليون فرنك (حوالي 3,560,000 جنيه)، أي ما يقرب من نصف رأس مال الشركة.

لا تفوّت قراءة: إزالة كوبري السيدة عائشة بعد سنوات من الزحام والحوادث.. ما أبرز الطرق البديلة؟

افتتاح القناة في 17 نوفمبر 1869: حفل أسطوري

تلاقت مياه البحرين الأحمر والمتوسط في 18 أغسطس 1869، ليظهر إلى النور مشروع قناة السويس، الذي أصبح “شريان الخير لمصر والعالم”.

ووصف عالم الجغرافيا الراحل، الدكتور جمال حمدان، قناة السويس بأنها “نبض مصر”، في إشارة إلى أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية الكبيرة.

الاحتلال الإنجليزي: الاستيلاء على قناة السويس في 1882

بين مايو وسبتمبر 1882، تعرضت مصر للاحتلال الإنجليزي في أعقاب الثورة العرابية، حيث استولى الجيش البريطاني على مرافق شركة قناة السويس.

وأوقف الاحتلال البريطاني حركة المرور في قناة السويس لمدة مؤقتة، مما أثر على حركة التجارة العالمية.

اتفاقية القسطنطينية (29 أكتوبر 1888): ضمان حرية الملاحة

جرى توقيع اتفاقية في القسطنطينية بين عدة دول هي فرنسا، النمسا والمجر، إسبانيا، إنجلترا، إيطاليا، هولندا، روسيا وتركيا.

ونصت الاتفاقية على وضع نظام نهائي لضمان حرية الملاحة في قناة السويس.

وفي 17 يوليو 1957، أرسلت مصر رسالة إلى محكمة العدل الدولية تؤكد قبولها للولاية الجبرية للمحكمة، وفقًا للمادة 36 من القانون الأساسي للمحكمة، وذلك فيما يتعلق بكافة المنازعات الخاصة بالمرور في قناة السويس.

تأميم قناة السويس: عودة الحق إلى أصحابه

أعلن الرئيس جمال عبد الناصر في خطابه التاريخي بمحافظة الإسكندرية في 26 يوليو 1956 عن قرار تأميم قناة السويس.

تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية (شركة مساهمة مصرية) وتنقل إلى الدولة جميع مالها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات وتحل الهيئات واللجان القائمة حالياً على إدارتها

الرئيس جمال عبدالناصر

وفّت مصر بكافة التزاماتها، وفي 1 يناير 1963، كانت قد سددت التعويضات لمساهمي الشركة، تعويضًا لهم عن أسهمهم في القناة.

وبعد قرار التأميم، تعرضت مصر لهجمة استعمارية شرسة، بدءًا بمحاولة خنق الاقتصاد المصري من خلال انسحاب الفنيين والمرشدين الأجانب العاملين في القناة، مما أدى إلى تعطيل الملاحة.

ثم جاءت محاولات إحراج مصر بعدم قدرتها على إدارة القناة، وتوالت الأحداث التي انتهت بالعدوان الثلاثي على مصر، مما تسبب في إغلاق القناة.

ولكن مصر خاضت معركة السويس المجيدة، التي أنهت الاستعمار وبدأت مرحلة جديدة من الحرية والكرامة.

أرقام وإنجازات قناة السويس: رحلة كفاح ونجاح مصرية

منذ افتتاحها، شهدت قناة السويس العديد من المشروعات والتطورات التي أثمرت عن أرقام تاريخية تستحق الذكر.

شهدت إيرادات قناة السويس زيادة كبيرة، حيث بلغت 9.4 مليار دولار في عام 2022/2023، مقارنة بـ7 مليارات دولار في العام الذي يسبقه.

وفي الأعوام السابقة، سجلت القناة 5.8 مليار دولار في 2020/2021، و5.7 مليار دولار في 2019/2020، و5.8 مليار دولار في 2018/2019.

ارتفعت أعداد السفن العابرة للقناة بنسبة 55.1%، لتصل إلى 25.9 ألف سفينة في عام 2022/2023.

وهذا يعد الرقم الأعلى في تاريخ القناة، مقارنة بـ16.7 ألف سفينة في عام 2013/2014.

شهدت الحمولات العابرة للقناة زيادة بنسبة 66.7%، مسجلة 1.5 مليار طن في 2022/2023 مقابل 0.9 مليار طن في 2013/2014.

وتظل قناة السويس المصرية تكتب التاريخ في الماضي والحاضر، مسجلة أرقامًا وإنجازات تبرز أهميتها على الصعيدين الاقتصادي والعالمي.

لا تفوّت قراءة: الأرقام تتحدث: ماذا قدم مارسيل كولر مع الأهلي في 960 يوما؟

تعليقات
Loading...