بطلات العرب: أجسادهن ملكهن أم ملك من لا يعرفون عنها شيء؟

رغم ما تشهده الأولمبياد من فعاليات عدة، إلا أن العالم العربي يشهد ويخلق جدلًا واسعًا حول مشاركات النساء في الأولمبياد، و-تحديدًا- حول أجساد هذه النساء، والأمر لا يتعلق بواقعة واحدة، بل أكثر من واقعة يمكن الاستدلال منها على أن النساء بدت لا تملكن الحق في علاقتهن بأجسادهن في العالم العربي، هناك ملكية لأجسادهن وتحديد شكل علاقتهن بها ولا يقتصر الأمر على الذكورية أو الأنثوية، بل الأمر وصل إلى أنهن لا يلمكن مصير أجسادهن، بل هذا المصير أصبح ملك للمجتمع، بداية من “ندى حافظ” ومرورًا ب”فاليري ترزي” وصولًا إلى “إيمان خليف” كل هذا يؤكد أن ثمة خطأ ما علينا تداركه.

ندى حافظ

خرجت “ندى حافظ” من الدور ال 16 في الأولمبياد وقالت “حافظ” في منشور على إنستجرام: “لم نكن لاعبتَيْن على المنصّة! كنت أقف أنا، ومنافستي، وطفلي الصغير الذي لم يأتِ بعد إلى عالمنا!”، ومنذ هذه اللحظة تلقت “ندى” هجومًا حاد عن إهمالها كأم بالرغم من كونها لم تغامر بحياة جنينها في مازالت الرياضة بالنسبة للحامل تختلف عليها الأقاويل إذا مفيدة أم مضرة، ولكن بدا أن الناس سواء إناث أو ذكور يخافون على طفلها أكثر منها، واتهمها البعض بأنها متهورة، والبعض الآخر يرى أنها مادام زوجها يرتضي ذلك فإذا ليس هناك ما يمنع، دون أن يلتفت أحد أن هذا مصيرها هي، الجنين مسؤوليتها هي وحدها لذا من المفترض أن تقرر هي مصير هذا الجنين، في كتابها “كيف تلتئم عن الأمومة وأشباحها” تقول الشاعرة “إيمان مرسال”:” يبدو الشعور بالذنب وكأنه الشعور الذي يوحد الأمهات على اختلافهن. إنه يكمن في المسافة التي تقع بين الحلم والواقع مثلما في البنوة والحب والعمل والصداقة، هو أيضًا نتاج المسافة بين مثالية الأمومة في المتن العام وبين إخفاقاتها في الخبرة الشخصية” وربما هذا ما يمكن شرحه في قصة “ندى” عن التصور العام عن مثالية الأمومة، ولكن هناك تصور مثالي آخر عن جسد النساء عمومًا ومن الممكن أن ينطبق على قصتي “يمنى عياد وإيمان خليف”.

يمنى عياد

خرجت “يمنى” قبل أن تشارك في الأولمبياد في الملاكمة بناء على تجاوزها الوزن، لكن طبيا، هذا وارد ويمكن “زيادة وزن الفتاة خلال ساعات قليلة”، خاصة قبل أيام من نزول الدورة الشهرية، بحسب تأكيد الدكتورة “آلاء عطوة” اخصائية العلاج الطبيعي والتغذية، وقوبل هذا بسخرية شديدة بناءً على أنه عادة ما تعلم النساء مواعيد الدورة الشهرية، ونسى البعض أن هذا في الظروف العادية ولكن ربما قبل المشاركة مع التوتر أو القلق تأتي الدورة في غير ميعادها، وعلى الجانب الآخر تعامل اتحاد اللعبة مع الأمر كأنه عورة وذكره على هذا الأساس “، وكأنه شيء يلزم إخفائه كالجريمة، رغم أن الجريمة الحقيقية التي يجب أن نتوقف عندها ولو لعدة لحظات هذا التجاوز في حق “يمنى” وتقرير أنها مهملة بناءً على زيادة وزن مفاجئة، ومن “يمنى” إلى “إيمان”.

إيمان خليف

وجهت إلى “إيمان خليف” حملات عنصرية بدأت من مباراتها مع الإيطالية التي رددت أنها “ذكر” وقوتها ليست قوة أنثى، بينما تحول الأمر بأنها “متحولة جنسيًا” في عالمنا العربي رغم ما نفته اللجنة الأولمبية التي أكدت أنهم نساء، ولكن ما أثار القلق لم يكن كل هذا، بل شكل “إيمان” الذي أكد البعض أنه يميل إلى شكل ذكوري أكثر من كونه أنثوى، ولكن عندما ترى منافسات “إيمان” ستجد الأمر ينطبق عليهن جميعًا أي أنها ليست وحدها، في الملاكمة تحتاج إلى جسد بلا وزن زائد أو ترهلات أو جسد مثالي يشبه نجمات السينما التي يؤكدن أن ظهورهن بهذا الشكل لا يكون إلا أمام الكاميرات، ولكن وهم الجسد المثالي أو الجسد الأنثوي المثالي يطارد بطلات الأولمبياد جميعًا وحتى التي تنجو من ذلك، يطاردها أذى آخر وهو تحديد ما يلبسن وهذا حدث في حالة “فاليري ترزي” التي تم نفي عنها كونها فلسطينية لأنها تظهر ببّزة الرياضة التي تمارسها وهي السباحة.

فاليري ترزي

لم يلتفت البعض إلى أثر ما فعلته “ترزي” من اللحظة الأولى التي شاركت فيها بناءً على قرارها بتمثيل “فلسطين” وكيف كانت لا تفوت فرصة لإعلان ما يعيشه الشعب الفلسطيني من حصار وإبادة ومجاعة، لكنه توقف البعض عند صورتها ببّزة السباحة ساخرين من أنها لا ترتدي الحجاب أو لبس محتشم، وكأن التعامل يتم بناءً على إذا حضرت المرأة في أي نشاط أو في أي وقت، عليها أن تعامل على أنها محل إثارة شهوة أو وسيلة لممارسة الجنس دون التفكير فيما أن جسدها ملك لها ليس لأحد آخر.

آخر كلمة ماتفوتوش قراءة: الجزائر في الأولمبياد: بداية واعية بدور الرياضي وختام مشرف بميدالية

تعليقات
Loading...